ويستهايمر كسرت الحديث عن المحظورات قبل عقود . أرشيفية
ويستهايمر كسرت الحديث عن المحظورات قبل عقود . أرشيفية

توفيت الطبيبة الأميركية، روث ويستهايمر عن 96 عاما الجمعة في منزلها في نيويورك، والتي تعتبر "أيقونة" للعلاج الجنسي.

وما يميز ويستهايمر إلى جانب عملها كطبيبة متخصصة بالعلاج الجنسي، أنها كانت من أوائل من كسروا الحديث في المحظورات عما يحصل في غرف النوم، وكيف يمكن تخطي أي مشكلة قد تتعرض لها، وفقا لأسوشيتد برس.

ولدت ويستهايمر في فرانكفورت بألمانيا في عام 1928، وكانت في العاشرة من عمرها عندما أرسلها والدها إلى سويسرا هربا من المذبحة النازية عام 1938، التي كانت مقدمة للمحرقة، ولم تر والديها بعد ذلك أبدا، وتعتقد أنهم قتلوا في غرف الغاز في أوشفيتز.

وفي سن الـ 16 انتقلت إلى فلسطين وانضمت إلى "الهاغاناة" المطالبة باستقلال إسرائيل، وتدربت على القنص، رغم أنها قالت "إنها لم تطلق النار على أي شخص أبدا".

صراحتها والجرأة في الحديث جعلتها أكثر جاذبية لتصبح صاحبة برامج إذاعية وتلفزيونية، وتمتلك كتبا من الأشهر والأكبر مبيعا، إذ أضحت "مرجعا للحصول على نصائح حول ممارسة الحب"، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

طروحات ويستهايمر بشأن السلوك الجنسي، لم يكن يتعلق بالممارسات المحفوفة بالمخاطر، بقدر ما أنها شجعت على إجراء حوارات مفتوحة وطويلة بشأن قضايا "بقيت مغلقة سابقا، وأثرت على الملايين من جمهورها"، وكان موضوعها المتكرر والمفضل "أنه لا يوجد شيء تخجل منه".

تحدثت روث ويستهايمر عن الممارسة الجنسية بطريقة عقلانية وفكاهية. أرشيفية

في عام 2002، خلال حديثها لطلاب في مدرسة ميشيغان سيتي الثانوية قالت إنها "تتمسك بالقيم القديمة"، ولكن "الجنس هو فن خاص ومسألة خاصة، ولكنه موضوع يجب أن نتحدث عنه".

وأصبحت أحاديث ويستهايمر بلغتها الإنكليزية بلكنة ألمانية، شعار ومثالا لـ "محو الأمية الجنسية".

استغلت ويستهايمر معرفتها الواسعة بأسلوب فكاهي وعدم إصدار الأحكام المسبقة ليصبح برنامجها الإذاعي في أوائل الثمانينيات ليصبح تحت دائرة الضوء على المستوى الوطني في الولايات المتحدة.

وبعد نجاح برنامجها الإذاعي شرعت في تأليف الكتب والتي زاد عددها عن 40 كتابها، كان أبرزها "دليل روث للجنس الجيد"، والذي يزيل الغموض عن "ممارسة الجنس" بطريقة عقلانية وفكاهية في الوقت ذاته.

وبعد ذلك أصبحت روث ضيفا حاضرا في البرامج الحوارية التليفزيونية، إذ تزامن صعودها مع الأيام الأولى لانتشار الإيدز، ما جعل الحديث عن الجنس ضرورة على المستوى الوطني.

ولطالما دافعت ويستهايمر عن الحق بالإجهاض، وحثت دائما بشكل صريح على استخدام الحماية عند ممارسة الجنس، وكانت تدعو كبار السن لممارسة الجنس بشكل دوري.

ودافعت عن المثلية، وتحدثت بصوت عال لصالح فئات الأشخاص الذين توجه لهم الانتقادات بسبب ميولهم الجنسية.

شهدت الحضارة المصرية القديمة تطوّرا علميا كبيرا ما زالت آثار البناء والتخطيط العمراني إضافة إلى النقوش شاهدة عليه
شهدت الحضارة المصرية القديمة تطوّرا علميا كبيرا ما زالت آثار البناء والتخطيط العمراني إضافة إلى النقوش شاهدة عليه

من تمثال فرعوني تحدى قصف الحلفاء في الحرب العالميّة الثانية، إلى استخدام الكهرباء وأشعّة ليزر، وصولاً إلى غزو كوكب المريخ قبل آلاف السنين، تحصد منشورات محمّلة بمبالغات وأخبار خياليّة عن الحضارة المصريّة القديمة وأمجادها عشرات آلاف المشاركات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، في ظاهرة يصفها علماء اجتماع بأنّها "آليّة دفاعيّة" لمجتمعات تُبالغ في تمجيد الماضي تعويضا عن تراجع مكانتها في الحاضر.

وعلى مدى السنوات الماضية، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات كثيرة غير صحيحة عن الحضارة المصريّة القديمة، أصدرت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس تقارير فنّدت الكثير منها، على غرار منشورات تزعم أنّ أحجار الهرم الأكبر صُنعت يدويا، أو أن مصر القديمة عرفت المصابيح الكهربائيّة منذ القدم، أو - أغربها على الإطلاق - وصول المصريين القدماء إلى كوكب المريخ قبل آلاف السنوات.

ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري سعيد صادق لوكالة فرانس برس "حين تفقد الدول مكانتها الإقليمية أو الدولية، تُبالغ شعوبها في الحديث عن الماضي (..) إنها آلية دفاعية تُعوّض عن السؤال: أين نحن الآن"؟

وتعيش مصر، التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين نسمة، يقبع ثلثهم تحت خطّ الفقر، أزمة اقتصادية بين الأسوأ في تاريخها، بعدما سجّل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

ويُضاف إلى ذلك تراجع دور مصر الإقليمي في العقود الماضية، لا سيّما بعد العام 2011 وتوالي الاضطرابات السياسيّة والأزمات الاقتصاديّة.

وشهدت الحضارة المصرية القديمة تطوّرا علميا كبيرا ما زالت آثار البناء والتخطيط العمراني، إضافة إلى النقوش شاهدة عليه إلى اليوم، لكنّ مروّجي الأخبار المضلّلة لا يكتفون بعرض هذه الحقائق، بل ينشرون أخبارا غير حقيقية عن التاريخ القديم.

ويقول سعيد صادق "رغم أن الحضارة المصرية كانت حضارة مميزة بالفعل، إلا أن من يروجون لهذه المبالغات يبحثون عن مكانة لهم تحت الشمس، وسلاحهم المبالغة في الحديث عن الماضي".

وخلال السنوات الماضية، ظهر منشور على مواقع التواصل ادّعى أصحابه أن تمثالا للملك المصريّ، أمنحتب الثاني، كان الناجي الوحيد من بين كلّ مقتنيات ومعروضات متحف برلين بعد قصف الحلفاء له إبّان الحرب العالمية الثانية.

وتنسب المنشورات لضابط أميركي في قوات الحلفاء قوله "من صنع هذا التمثال ليسوا بشرا عاديين". لكن هذه القصّة ليست سوى من خيال مروّجيها، بحسب ما أكدت مديرة متحف برلين أوليفيا زرون لوكالة فرانس برس.

وقالت "هذا التمثال لم يكن الناجي الوحيد. نجت يومذاك (من قصف الحلفاء) قطع أثريّة مصريّة وقطع أثريّة غير مصريّة، والقطع التي تضرّرت كانت من بينها قطع مصريّة وأخرى غير مصريّة... القطع ذات الحجم الكبير نجت كلّها تقريبا".

ومن المنشورات التي تنسب إنجازات علميّة وهمية للمصريين القدماء ادّعاء وجود نقش أثري لمصباح كهربائيّ صمّمه المصريون القدماء واستخدموه قبل توماس إديسون بآلاف السنين. لكن ما يظهر في النقش حقيقة ليس مصباحا كهربائيا بل نقش رمزيّ يجسّد نظرية خلق الكون في المعتقدات المصريّة القديمة، بحسب خبراء آثار وتاريخ استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس.

وفي السياق نفسه، ظهرت منشورات تدّعي أن المصريين القدماء استخدموا أشعة ليزر أو تقنيات متطوّرة للحفر على الغرانيت، لكن هذا الادّعاء ليس سوى "خرافة"، بحسب علماء الآثار والتاريخ.

وتمّ التداول على نطاق واسع بتقرير مصوّر باللغة العربيّة يتحدّث عن وصول الفراعنة إلى المريخ، يستند الى أقوال "خبراء". لكن هؤلاء "الخبراء" ليسوا سوى هواة معروفين بأفكارهم الغريبة. أما الخبير الحقيقي الوحيد الذي ورد اسمه في التقرير - عالم الآثار المصريّ زاهي حوّاس - فقد نفى لوكالة فرانس برس صحّة ما نُسب إليه من معلومات "خرافية".

ويرى زاهي حوّاس أنّ الهدف الأساسي لمروّجي هذه الأخبار "تحقيق نسب مشاهدة عالية" حتى إن كان ذلك "على حساب العلم والحقيقة".

وتحصد هذه الأخبار عشرات آلاف المشاركات ومئات آلاف التعليقات، لا سيّما في مصر.

وتعليقا عيها، يقول المؤرّخ المصريّ عاصم الدسوقي لوكالة فرانس برس "حين يصدّق الناس المنشورات المليئة بالمبالغات والأكاذيب عن تاريخ بلادهم، فهذا يعبّر عن أزمة هويّة حقيقيّة".

ومن المزاعم الخرافيّة المتداولة أيضا منذ سنوات، منشورات تدّعي أن المرأة في مصر القديمة كانت هي المسؤولة عن توزيع الميراث، وهو ما ينفيه الخبراء، أو أن أقدم قبر في التاريخ هو قبر أوزيريس. لكن أوزيريس ليست سوى شخصية أسطورية غير موجودة تاريخيا.

ويقول عاصم الدسوقي، وهو أستاذ التاريخ المعاصر والحديث في جامعة عين شمس، "نحن لا نعرف من المصدر الأساسي لنشر هذه القصص المختلقة عن الحضارة المصرية على وسائل التواصل، لكنّ (...) ما يساعد في نشرها هو غياب العلم وانتشار الجهل".

ويقول سعيد صادق "هذه طبيعة إنسانية، وتحدث في كلّ المجتمعات التي كانت لها حضارة أو مكانة دولية ثم بات حاضرها أسوأ، وهذه الآليّة الدفاعية تجعل هؤلاء الأشخاص يشعرون بالتوازن".

ويتابع "حين يكون إحساس الشخص الداخلي أن حاضره بات أسوأ، يصبح غير سعيد، ويصبح ترويج الخرافات والبحث في الماضي والمبالغة فيه، وسيلة للشعور بأنه أفضل من الناحية النفسية".