كشفت دراسة حديثة أن كوكب عطارد، الذي يُعد أصغر كواكب النظام الشمسي، يحتوي على طبقة من الألماس بسمك يصل إلى 18 كيلومترا مدفونة تحت سطحه، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وأظهرت الدراسة المنشورة بمجلة "Nature Communications" الأكاديمية، أن طبقة الألماس قد تكون تشكلت بعد وقت قصير من تكون عطارد ككوكب منذ حوالي 4.5 مليار سنة من سحابة دوارة من الغبار والغاز في بيئة عالية الضغط ودرجة الحرارة.
وأعاد الباحثون المشاركون في الدراسة إنشاء هذه البيئة الحارقة في تجربة محاكاة، باستخدام آلة تسمى "مكبس السندان-anvil press" تُستخدم عادة لدراسة سلوك المواد تحت الضغط الشديد، وأيضا لإنتاج الألماس الصناعي.
ونقلت "سي إن إن" عن رئيس قسم الجيولوجيا بجامعة لييج في بلجيكا والمشارك بتأليف الدراسة، برنارد شارلييه، قوله: "إنها مكبس ضخم يمكّننا تعريض عينات صغيرة لنفس الضغط العالي ودرجة الحرارة المرتفعة التي نتوقعها في أعماق عطارد، عند الحد الفاصل بين الوشاح والقلب".
وخلال الدراسة، قام الباحثون بإدخال خليط اصطناعي من العناصر، بما في ذلك السيليكون والتيتانيوم والمغنيسيوم والألومنيوم، داخل كبسولة غرافيت، لمحاكاة التركيبة النظرية لكوكب عطارد في أيامه الأولى.
ولاحظ الباحثون أن التغيرات في الكيمياء والمعادن تحت المجهر الإلكتروني أدت إلى تحول الغرافيت إلى بلورات ألماس.
ويقول الباحثون إن هذه الآلية لا يمكنها أن "تمنحنا مزيدا من الرؤى حول الأسرار الخفية تحت سطح عطارد، ولكن أيضا حول تطور الكواكب والبنية الداخلية للكواكب الخارجية ذات الخصائص المماثلة".
ويُعد عطارد أقل الكواكب في النظام الشمسي استكشافا، حيث كانت آخر مهمة مكتملة قد أجرتها مركبة "ماسنجر" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، التي دارت حول الكوكب بين مارس 2011 وأبريل 2015، لجمع بيانات حول جيولوجيا الكوكب والكيمياء والمجال المغناطيسي، قبل نفاد وقود المركبة واصطدامها بالسطح.
وقال العالم في مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا عالية الضغط المتقدمة في بكين والمؤلف المشارك للدراسة، يانهاو لين، "نحن نعلم أن هناك الكثير من الكربون في شكل الغرافيت على سطح عطارد، ولكن هناك عدد قليل جدا من الدراسات حول ما داخل قشرة الكوكب".
من جانبه، ذكر شارلييه: "مقارنة بالقمر أو المريخ، نعرف القليل جدا عن عطارد، أيضا لأننا لا نمتلك أي عينات من سطح الكوكب".
وأضاف أن عطارد يختلف عن جميع الكواكب الأرضية الأخرى لأنه قريب جدا من الشمس وبالتالي يحتوي على كمية قليلة جدا من الأكسجين، مما يؤثر على كيميائه.
وكان أحد اكتشافات مركبة "ماسنجر" أن عطارد غني بالكربون وأن سطحه رمادي بسبب الانتشار الواسع للغرافيت، وهو شكل من أشكال الكربون الذي يصنع منه الألماس، حيث يتشكل تحت ظروف ضغط ودرجة حرارة معينة.
ومع ذلك، قال شارلييه إن سمك طبقة الألماس، بين 15 و18 كيلومترا، لا يزال مجرد تقدير، وقد يتغير ذلك لأنه لا تزال عملية تكوين الألماس مستمرة في كوكب عطارد.
وأضاف: "ليس لدينا أي فكرة عن حجمها، لكن الألماس مصنوع من الكربون فقط، لذلك يجب أن تكون مشابهة لما نعرفه على الأرض من حيث تركيبته. ستبدو مثل الألماس النقي".
وحول ما إذا كان من الممكن استخراج الألماس في المستقبل، اعتبر شارلييه أن ذلك سيكون من المستحيل حتى مع التكنولوجيات المستقبلية الأكثر تقدما؛ لأن الألماس يوجد على عمق حوالي 500 كيلومتر تحت سطح كوكب عطارد.
ومع ذلك، تشكلت بعض الحمم البركانية على سطح عطارد عن طريق ذوبان الوشاح العميق، إذ من المفترض أن هذا قد يساعد على جلب بعض الألماس إلى السطح، على غرار ما يحدث على كوكب الأرض، وفق شارلييه.
ومن المتوقع أن يعرف العلماء المزيد عن كوكب عطار في المستقبل القريب، حيث تدخل مهمة تسمى "BepiColombo" تتكون من مركبتين فضائيتين تم إطلاقهما في أكتوبر 2018، إلى مدار عطارد في ديسمبر 2025.
ومن المفترض أن تدرس المهمة، التي تقودها وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية، وفق "سي إن إن"، الكوكب من المدار والمزيد عن باطنه وخصائصه.