الصحراء الغربية تعد السبب الرئيسي للتوتر بين المغرب والجزائر
ملايين الأسر المغربية والجزائرية تعيش قرب الحدود المغلقة بين البلدين

فاز فيلم "وحده الحب" للمخرج المغربي كمال الدين بن عبيد، الشهير بلقب كمال كمال، أواخر شهر أكتوبر بجائزة أحسن إنتاج للأفلام الروائية الطويلة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، شمال المغرب، كما حظي بإشادة النقاد والجمهور لنقله معاناة ملايين الأسر المغربية والجزائرية التي تأثرت باستمرار إغلاق الحدود بين البلدين.

وشارك في هذا العمل الذي صور في مدينة وجدة الحدودية مع الجزائر، الفنان الجزائري أحمد مداح وثلة من الفنانين المغاربة كفاطمة الزهراء بلدي وسحر الصديقي ويونس ميكري وإدريس الروخ وربيع القاطي.

"وحده الحب.." يحصل على جائزة الإنتاج في مهرجان طنجة الوطني للفيلم.

Posted by Benabid Kamal Kamal on Saturday, October 26, 2024

ويحكي "وحده الحب" على مدى 100 دقيقة قصة زوج جزائري (حميد) يعمل بوجدة وزوجته المغربية (نورا) يجمع بينهما حب بحجم "جبل عصفور" الواقع بين البلدين، ويسلط من خلال قصة حبهما الضوء على تداعيات الحدود المغلقة على حياة ملايين الأسر المستقرة في المدن الحدودية.

"وحده الحب" فيلم سينمائي موسيقي رائع للمخرج كمال كمال، يثير قضية حساسة بين الشعبين المغربي والجزائري ألا وهى الحدود...

Posted by Saida Cherif on Tuesday, October 22, 2024

وينقل في إحدى مشاهده حزن الزوج على زوجته بعد وفاتها لعدم قدرته على تنفيذ وصتها بدفنها في "جبل عصفور" الواقع بمدينة تلمسان في الجزائر بسبب إغلاق الحدود البرية بين البلدين.

حزن وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي حيث تعاطف مع الزوج آلاف المدونين من البلدين ونجحوا بضغطهم في اختراق الحدود سلميا لتحقيق حلم نورا.

في هذه المقابلة، يتحدث مخرج وكاتب سيناريو العمل، كمال كمال، عن كواليس هذا العمل وعن الدوافع التي شجعته على تسليط الضوء على إغلاق الحدود بين البلدين الجارين ولماذا يعتبر السينما وسيلة لبناء جسور من الحب بين الشعبين.

نص المقابلة:

  • كيف جاءت فكرة فيلم "وحدة الحب"؟ وهل كانت التوترات السياسية بين المغرب والجزائر دافعا لك لتقديم عمل يسلط الضوء على الروابط الإنسانية بينن شعبي البلدين الجارين؟

فكرة الفيلم جاءت من خلال زيارة قمت بها إلى مدينة السعيدية ومروري بمنطقة بين لجراف التي يقصدها الجزائريون والمغاربة لتبادل التحايا فيما بينهم، وهناك شاهدت شابة جزائرية في الجهة المغربية تحمل رضيعا وتحاول إظهاره لوالدتها في الضفة الأخرى في التراب الجزائري.

آلمني مشهد هذه الشابة وهي تحاول إظهار ثمرة حب زواجها بمغربي لوالدتها وآلمني كيف تحاول والدتها في الجهة المقابلة معانقة حفيدها وكأنها تعانق الهواء.

هذا المشهد المؤلم شجعني على كتابة سيناريو هذا العمل وإظهار  تداعيات إغلاق الحدود على ملايين الأسر في الجانبين بعيدا عن كل المتاهات السياسية لأنني لست رجل سياسة، بل فنان يهمه الإنسان كيما كان ومن أي حدب كان.

  • ما الذي دفعك لاختيار قصة حب تجمع زوجين من وجدة لتكون المحور الرئيسي في الفيلم، وكيف تعكس هذه القصة موضوع الحدود المغلقة؟

يعيش في المدن الشرقية المغربية نحو 3 ملايين شخص ويعيش العدد نفسه في المدن الحدودية الجزائرية وتجمع بين هؤلاء صلات قرابة أسرية وعلاقات مصاهرة منذ أيام الثورة الجزائرية، حين كانت وجدة مقصدا للثوار الجزائريين الفارين من السلطات الفرنسية وبقيت هذه العلاقات الإنسانية مستمرة إلى اليوم.

حاولت في الفيلم التركيز على الجميل المشترك بين الشعبين، وخاصة ثمار الحب أو أبناء الأسرة المختلطة، الذين فرقت بينهم الحدود المغلقة بشكل مأساوي.

  • عاب عليك بعض النقاد اختار "وحده الحب" عنوانا للفيلم بدلا من "جبل عصفور" الذي له دلالات قوية في سياق القصة، ما الدلالات التي أردت إيصالها من خلاله مقارنة بالعنوان البديل؟

جبل عصفور تبقى مسألة رمزية لأن الزوج طلب من زوجته في الفيلم أن تخبره كم تحبه، فأجابته بأن حبها له كبير كبر جبل عصفور الواقع بين البلدين، ثم تطلب منه بعد مرضها أن يدفنها في قلبه وهناك يدرك الزوج أن المقصود هو ذلك الجبل الواقع بتلمسان، فصار هذا الحديث أسطورة بعد وفاة السيدة حيث تجند سكان المدن الحدودية بطرق سلمية لتمرير جثمانها إلى التراب الجزائري لتحقيق حلمها.

  • في السياق نفسه، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في نشر قصة الزوجين وجذب تعاطف الناس معها من الجانبين، كيف ترى دور هذه الشبكات اليوم، خاصة بعد أن أصبحت في الآونة الأخيرة ساحة للصراع والسجال بين المغاربة والجزائريين وإلى أي مدى تعتقد أن الفن يمكن أن يساهم في تغيير هذا الدور السلبي وتحويله إلى تقارب بين البلدين الجارين؟

لا أريد أن أتحدث عن الغوغائيين، لأن هذه الآراء سواء من المغرب أو من الجزائر تتغير بسرعة، وأتذكر مثلا تعاطف الجزائريين بشكل كبير مع مأساة الطفل المغربي ريان، كما أن المغاربة يتعاطفون من جانبهم وبشكل كبير مع الجزائريين ويشاركونهم أحزانهم وأفراحهم.

المخرج المغربي كمال كمال

مررنا بالتجربة نفسها في بدايات الثمانينيات وأتذكر حصول مناوشات بين سكان المدن الحدودية ولكن بمجرد لقاء المرحوم الحسن الثاني مع المرحوم الشادلي بن جديد وإعلانهما إعادة فتح الحدود بين البلدين توقفت تلك المناوشات وعاد الحب والوئام بين الشعبين وامتلأت مدينة وجدة بالجزائريين كما استقبلت مدينة وهران الجزائرية الكثير من المغاربة.

لذلك، لا أهتم بالسجال الدائر بين المغاربة والجزائريين في شبكات التواصل الاجتماعي لأن الشعبين يربطهما حب قوي ودائم على عكس هذه العداوات التي يمكن أن تزول بمجرد زوال الظروف التي أثارتها.

  • هل أثر الوضع السياسي الراهن بين البلدين على سير عملية التصوير أو على اختيار مواقع محدد؟

لا أبدا، لم نواجه أي تحديات أو صعوبات، لأن المغرب يبقى بلدا رائدا في المجال السينمائي وهناك حرية تسمح للمخرجين بتناول مختلف المواضيع التي يريدون تصويرها.

كنت أتمنى أن يشارك في العمل فنانون جزائريون كثر ولكن اقتصرت المشاركة على البطل أحمد مداح، وهنا أود أن أقول إن الفنان يبقى قوة ناعمة همه الوحيد خلق الجمال.

  • هل كانت هناك مواقف أو لحظات معينة أثناء التصوير أثرت فيك بشكل خاص؟

تقيم والدتي إلى اليوم في الجزائر وخلال تصوير العمل توفي أخي الأصغر بالمغرب وحالت ظروف غلق الحدود دون انتقال أمي وأختي إلى المغرب لحضور الجنازة وهو وضع مأساوي ومؤسف تعيشه ساكنة المدن الحدودية بسبب استمرار غلق الحدود.

  • إلى أي مدى هو مهم في الوقت الراهن، أن تعود السينما المغاربية لتحاكي القصص الإنسانية خاصة ما يجمع البلدان الخمسة من ماض ومصير مشترك؟

الوعي الفني يقتضي ذلك، على الفنان أن يتساءل دائما ما هو دوري في المجتمع، لذلك أحاول دائما في حدود إمكانياتي الفنية والمادية أن أتحدث عن الفواجع المغاربية وأتمنى أن يعمل الفنان المغاربي على إظهار هذه القواسم المشتركة التي تجمعنا.

كانت المهرجانات المغربية والجزائرية ملتقى للفنانين من البلدين باستثناء هذا العام حيث غاب المغاربة عن مهرجان وهران وغاب الجزائريون عن مهرجان وجدة وأتأسف لذلك، لأن الفنان إنسان قبل كل شيء.

المصدر: موقع الحرة

مدخل قصر المشور في مدينة تلمسان غرب الجزائر

تعتبر تلمسان من أعرق المدن الجزائرية، وإضافة إلى كونها عاصمة الدولة الزيانية لعدة قرون (1235-1554)، فإن جمالها وتنوع معالمها التاريخية، جعلها تكتسب اسم "الجوهرة" التي أنجبت كوكبة من القادة والزعماء ومشاهير العلوم والأدب والفن في البلاد.

ودفع الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، بتلمسان (غرب) إلى الواجهة عقب إدلائه بتصريحات لقناة فرنسية في أكتوبر الماضي، أشار فيها إلى "مغربية" عدد من مناطق الغرب الجزائري، من بينها "وهران، تلمسان ومعسكر"، وهو ما اعتبرته الجزائر "تجاوزا للخطوط الحمر، ووصفت الكاتب بـ"محترف التزييف" بعد اعتقاله في مطار الجزائر العاصمة في نوفمبر الماضي.

"المنارة" إرث من حصر تلمسان

يقف بومدين بلعطار مسؤول وكالة سياحية ومهتم بتاريخ المدينة، أمام منارة منصورة التاريخية التي بناها السلطان أبو يعقوب المريني عام 1303 خلال حصار قواته لمدينة تلمسان.

ويذكر المتحدث أن تاريخ المدينة "لم يبدأ من هنا، بل يطول إلى العهد الروماني عندما أقام القائد الأمازيغي صيفاكس ملك ماسيسيليا في غرب نوميديا عاصمة مملكته بجوارها خلال الربع الأخير من القرن الثالث قبل الميلاد".

ويشير بومدين إلى أن منارة منصورة "تحولت إلى أيقونة سياحية تبرز ثراء المدينة التي تعرضت لحصار مرير على يد المرينيين".

بدأ حصار المرينيين لمملكة تلمسان سنة 1299 وتواصل إلى غاية 1307، ورغم "ما سخروه من إمكانيات فقد أنهكته مقاومة الزيانيين"، مثلما يقول الباحث في تاريخ الجزائر، محمد بن ترار، الذي أضاف أن "مقتل السلطان يوسف بن يعقوب يوم 3 مايو 1307دفع بالمرينيين إلى رفع الحصار والعودة للديار".

ويوضح بن ترار لـ "الحرة" أن النزاع بين الزيانيين والمرينيين حول النفوذ في المنطقة "تحول إلى صراع مستمر ومتواصل أظهر فيه المرينيون أطماعا للاستيلاء على تلمسان".

عاصمة التعايش

ظلت تلمسان حاضنة لمختلف الطوائف الدينية والإثنية، وترحب بالتنوع الديني والعرقي، ويمثل حي قباسة الأرض التاريخية التي لجأ إليها العديد من اليهود سنة 1392 قادمين من شبه الجزيرة الأيبيرية، يتقدمهم الحاخام أفريم بن كاوا (1359/ 1442)، لاجئا إلى المغرب ثم تلمسان، بعد أن سمح لهم سلطانها بالدخول والاستقرار فيها.

لا زالت معالم الطائفة اليهودية في تلمسان حاضرة، حيث قبر الحاخام إفرايم بن كاوا الذي حج إليه مئات اليهود من مختلف أصقاع العالم سنة 2006 بترخيص حكومي، كما لا زالت أكبر أزقة وسط المدينة تحمل اسم "درب اليهود" إلى يومنا هذا قرب الكنيس التاريخي.

وتُعرف الموسوعة اليهودية، الحاخام بن كاوا، بأنه "الطبيب والحاخام، والكاتب اللاهوتي، ومؤسس الطائفة اليهودية في تلمسان وشمال أفريقيا، وحسب الأسطورة المتداولة، فإنه فر من محاكم التفتيش الإسبانية وهناك فقد والده وأمه".

وفي نفس المدينة يرقد سيدي بومدين الغوث الأندلسي (1126- 1198) أحد أهم أقطاب الصوفية في العالم الإسلامي، الذي تحول ضريحه إلى مزار سنوي لمريديه من داخل الجزائر وخارجها.

معاهدة لالة مغنية

ظلت تلمسان مركزا حضاريا قويا إلى أن ضعف جسمها مع بدء الإسبان هجماتهم على وهران (غرب)، واضطر ملوكها للتحالف معهم ضد العثمانيين، الذين تمكنوا من دخولها سنة 1553 وطرد الإسبان منها، وبعد احتلال الجزائر من قبل الفرنسيين سنة 1830، تعرضت المدينة لعدة هجمات تصدى لها جيش الأمير عبد القادر إلى غاية 1844 تاريخ سقوطها.

ولترتيب بيت مستعمرتها الجديدة لجأت الحكومة الفرنسية إلى إبرام معاهدة على أرض تلمسان في 18 مارس 1845 لترسيم الحدود بين الجزائر المستعمرة والمملكة المغربية، وعرفت منذ ذلك الوقت بـ"معاهدة لالة مغنية" نسبة إلى المدينة الجزائرية المحاذية للمغرب.

كما حملت "مجموعة تلمسان" اسم المدينة، ويشير  أستاذ التاريخ الجزائري، عبد الرحمان قدوري، أنه كان "نسبة لقادة الجيش والثورة الذين قدموا من المغرب عشية الاستقلال، في يوليو 1962، وعقدوا اجتماعهم في تلمسان، قبل الزحف على الجزائر العاصمة وتولي الحكم، عوضا عن الحكومة الجزائرية المؤقتة".

و"لم تتوقف الخلافات بين الجزائر والمغرب بعد الاستقلال، ولم تهدأ مرحلة التوتر إلا بدخول المملكة السعودية على خط المصالحة"، مثلما يذكر قدوري لـ"الحرة"، الذي أضاف أن "الملك فهد بن عبد العزيز تقاربا بين الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والعاهل المغربي الحسن الثاني في قمة احتضنتها مدينة مغنية بولاية تلمسان على مقربة من الحدود بين البلدين".

نجوم السياسة والطب والأدب والفن

سطعت أسماء لامعة من تلمسان في سماء السياسة بالجزائر، فقد انحدر منها الزعيم الوطني الشهير مصالي الحاج،  وأحمد بن بلة، أحد مفجري الثورة الجزائرية وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، فضلا عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وكان محمد بن رحال التلمساني أول جزائري حائز على البكالوريا عام 1874. وأنجبت هذه الولاية أشهر الأطباء من بينهم إلياس زرهوني المدير السابق لمعاهد الصحة الطبية الأميركية خلال الفترة ما بين 2002/ 2008.

وفي الأدب يقول المؤلف المسرحي على عبدون لـ"الحرة"": "يعتبر الكاتب الجزائري المعروف محمد ديب والروائي واسيني الأعرج، وأمين الزاوي، وعمار بلحسن، وبلقاسم بن عبد الله، من أبرز ما أنجبت تلمسان".

ويشير المتحدث إلى أن تلمسان اشتهرت أيضا بكونها "عاصمة الموسيقى الأندلسية من خلال كوكبة من الفنانين من أمثال عبد الكريم دالي، والحاج الغفور والعربي بن صاري".

أميرات الأندلس

كانت تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011، واحتضنت التظاهرة بعد اختيارها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، باعتبارها أشبه بالمتحف المفتوح، بمعالمها التاريخية البالغ عددها 48 معلما مصنفا ومحميا، أشهرها قصر المشور وأبواب المدينة ومنارة منصورة.

كما اشتهرت تلمسان بلباس أميرات الأندلس المعروف بـ"الشدة التلمسانية"، وفي عام 2012 صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" تراثا غير مادي للإنسانية، لقيمته التاريخية والحضارية والجمالية.

ويتشكل زي الشدة التلمسانية من "اِثنيْ عشر قطعة متناسقة تم تصنيفها جميعا، فيما بينها، ومن بين هذه القطع، نجد: البلوزة، القفطان، الحايك، الشاشية والمجوهرات"، حسب تعريف وزارة الثقافة والفنون له.

أما مطبخ تلمسان فلا يقل شهرة عن ألبستها، فهو يزخر بأطباق الحريرة التلمسانية والحلو (زبيب وبرقوق ولحم بمذاق حلو) وطاجين الزيتون والكسكس، وحلويات المقروط والقرويش والكعك التلمساني.