عبّر الأديب والروائي المصري، محمد المنسي قنديل، لقناة "الحرة"، عن "استيائه من حالة الرقابة الشديدة" على الكتّاب والأدباء في العالم العربي، معتبرا أن دور الكاتب "شائك جدا"، لأن حجم الحرية المتاحة له "قليل".
ورأى أن هذه الرقابة الشديدة على الكتاب والأدباء، تتسبب "بجانب الأمية، في عدم وصول جزء كبير من إبداعات الكتّاب إلى الناس".
وقال إن السلطات في العالم العربي "لا ترتاح لوجود الكُتاب، لأنها تريد فقط الكتاب الموالين لها والمروجين لأفكارها، ولعل هذا ما يصعب من مهمة الكاتب الذي يتعرض للمضايقات والتغرير والمراقبة".
واستشهد قنديل بمقولة الأديب الراحل، يوسف إدريس، إن "حجم الحرية في العالم العربي لا تكفي لكاتب واحد".
تصريحات قنديل جاءت في حوار خاص أجرته معه قناة "الحرة" في دبي، على هامش مهرجان طيران الإمارات للآداب 2025 الذي عقد في الفترة بين 29 يناير إلى 3 فبراير.
وشدد الروائي المصري على الدور المهم للكاتب، وهو "توعية الناس بالظلم الواقع عليهم من السلطات، لأنهم - بلا وعي - قد يتحملون ألوانا شتى من الظلم دون اعتراض".
واعتبر كذلك أن "على الكاتب أن يوجه الناس للطريقة التي يجب أن يتخلصوا بها من هذا الظلم، وأن يدفع الناس للثورة على الواقع الذي يعيشونه دون استسلام".
وأوضح قنديل أنه يركز في كتاباته على "إبراز الخصائص الفردية للشعب المصري، للتأكيد على هويته في زمن العولمة"، مشيرا إلى روايته "يوم غائم في البر الغربي" التي أراد من خلالها "إبراز قيمة المواطن المصري".
وأشار قنديل إلى عمله كطبيب قبل التفرغ للأدب والكتابة والرواية، مؤكدا أن ماضيه في الطب "أعطى له بعدا أكبر للغوص في أعماق الشخصية المصرية، وكان نتاج هذا روايته (طبيب أرياف)"، التي جسد فيها النمط الفريد لشخصية الفلاح الذي يخشى الغرباء بناء على خوفه من تعسف السلطة ضده، فيراوغ ويخفي أسراره حتى عن طبيبه المعالج.
واعترف الأديب المصري بأن الكتابة العربية "تواجه تحديات الترجمة للغات الأجنبية، مما يجعلها معزولة وأسيرة مجتمعاتها"، مبديا تخوفه من تطور الذكاء الاصطناعي، "الذي يمكن استغلاله في تزوير إرث الكتاب والمبدعين".
وفي هذا الصدد، اعتبر أن الأديب العالمي نجيب محفوظ، هو "الأوفر حظا، حيث تبنت الجامعة الأميركية في القاهرة ترجمة أعماله الأدبية، مما أوصله للعالمية ومكّنه من نيل جائزة نوبل للآداب".

وقد تمت ترجمة 3 روايات فقط من أعمال قنديل الأدبية.
ولفت الكاتب إلى أن "أعظم تكريم" ناله في حياته الأدبية، هو رسالة "تلغراف" تلقاها من مواطن بسيط في صعيد مصر هنأه فيها على نيل جائزة الدولة التشجيعية عام 1988.
ورغم الجوائز الكثيرة التي حصدها في مشواره الإبداعي، فقد أكد قنديل أنه "لا يمكن أن ينسى تلك الرسالة من القارئ المصري البسيط، والتي عكست مدى أهمية الكتابة وأنها تصل إلى أبعد مدى في تأثيرها على المجتمع".
وختم الروائي المصري حواره بالقول، إن "مقاومة قمع السلطات لحرية الكتاب والمبدعين، تتم عبر الاستمرار في الكتابة".
وتابع: "على الكاتب أن يدفع الثمن، لكن عليه أن يكون ذكيا في التعاطي مع هذا القمع، فلا ينتحر (أدبيا) ويصطدم"، مستشهدا بالكاتب والأديب المصري الراحل، طه حسين، عندما واجه قمعا من السلطات بسبب روايته "في الشعر الجاهلي"، فتراجع خطوات إلى الوراء، "ليواصل كتاباته دون أن ينتحر أدبيا".