جمال بن عمر ، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن
جمال بن عمر ، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن

قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر إن القضية الجنوبية "لن يتم تمييعها" في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريباً. وأكد في حوار مع قناة "الحرة" أجري في نيويورك بعد أيام من تقديمه تقريره إلى مجلس الأمن إن قضايا الانفصال وتقرير المصير وفك الارتباط يجوز طرحها وأن "جميع الأفكار مرحّب بها" للنقاش، نافياً أي مشاركة محتملة وبطريقة غير مباشرة لتنظيم "القاعدة" في الحوار.
 
وقال بن عمر إنّ هناك تقدماً كبيراً في العملية السياسية وتم إنجاز عدد كبير من مهمات المرحلة الانتقالية لكنّ العمل مستمر وهناك تحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية بالإضافة إلى أن هناك كارثة إنسانية في اليمن يجب ألا تنسى. وأضاف "لكن في شكل عام قلت في مجلس الأمن إن ما تحقق خلال سنة هو تقريباً معجزة، إذ كانت اللغة هي لغة البنادق والرشاشات والعنف وكان اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية لكن الحكمة اليمنية غلبت وتمّ الاتفاق على خريطة طريق نقل سلمي للسلطة وهناك إجماع في مجلس الأمن على ضرورة مساعدة اليمنيين لإنجاح هذه التجربة الفريدة من نوعها في المنطقة".
 
وأشار بن عمر إلى السلبيات وأبرزها أن انعدام الثقة لا يزال موجوداً بين أطراف العملية السياسية، وهناك عرقلة وتشويش ومحاولات لتقويض العملية السياسية. وقال "ما نتمناه هو أن يكون هناك تعاون بين جميع الأطراف، لكن المرحلة الانتقالية تمر في فترة دقيقة جداً هي مرحلة الحوار الوطني الشامل".
 
وعن احتمال فرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن، أكد أن المجلس "مستعد لاتخاذ إجراءات إضافية حتى في إطار البند 41 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالعقوبات، وهناك إجماع في مجلس الأمن على عدم السماح بعرقلة العملية الانتقالية".
 
وعن الانقسام في المؤسسة العسكرية والذي أشار إليه في تقريره قال بن عمر إن "الانقسام لا يزال موجوداً في الجيش، لكن المشكلة ليست فقط بالأشخاص. المطروح أن تكون هناك خطة متكاملة لإعادة هيكلة القوات المسلحة وإصلاح المؤسسة العسكرية، وهناك فعلاً جهود دولية لمساعدة اليمن في ذلك لكن الأمر لن يتحقق بين عشية وضحاها بل يتطلب وقتاً". وأشاد بن عمر بالإجراءات "المهمة والجريئة" للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في هذا السياق لكنّه أشار إلى أن منصور هادي "واجه صعوبات" كانت من أسباب صدور قرار مجلس الأمن 2051 الذي "نبّه المعرقلين من مغبة الاستمرار في تقويض العملية السياسية عبر معارضة الرئيس في تطبيق القرارات المتصلة بإصلاح الجيش".
 
وعن الاعتراضات على نسب التمثيل في الحوار الوطني المزمع قال بن عمر إن جميع الأطراف ممثلة في لجنة الحوار و"هذه المرة الأولى في اليمن تكون فيها لجنة من هذا النوع يشارك فيها الحوثيون وممثلون عن الجنوب وشباب ونساء وممثلون عن المجتمع المدني بالإضافة إلى الأحزاب السياسية الأخرى. ما لاحظته من عملي مع اللجنة أنه كان هناك دائماً نقاش بنّاء وكانت هناك خلافات أيضاً لكن في نهاية المطاف استطاعت هذه الأطراف أن تتوافق على صيغ توافقية في شأن الإعداد والتنظيم والإدارة. اللجنة الفنية حسمت مسألة التمثيل وثمة أطراف كثيرة تدّعي أن لها الحق في حصة كبيرة".
 
وعن التمثيل الجنوبي ومدى رضا مختلف القوى الجنوبية عنه قال بن عمر إن جميع الأطراف في اللجنة الفنية اتفقت "على صيغة في ما يخص تمثيل الجنوب" بما لا يقل عن خمسين في المئة، و"بالإضافة إلى ذلك تم الاتفاق على حصة للحراك الجنوبي تشمل 85 مقعداً وهي من أكبر الحصص المطروحة للمجموعات المشاركة. كذلك تم الاتفاق على قضايا أخرى في ما يتعلق بضوابط المؤتمر لإعطاء الفرصة للحراك والجنوبيين حتى لا يُفرض عليهم أي رأي".
 
"حان الوقت لحل القضية الجنوبية"
 
وأكد بن عمر أن هناك "إجماعاً على أنه حان الوقت لحل القضية الجنوبية بشكل عادل وهذا تطور مهم في اليمن، وهناك إجماع أيضاً على أنه يجب حل هذه القضية بالحوار وثمة اتفاق على نبذ العنف والاتجاه نحو الحوار البنّاء لحل هذه القضية بشكل عادل".
 
وعمّا إذا كان حلّ القضية الجنوبية مشروطاً بأن يتم تحت سقف الوحدة قال بن عمر "نحن ركّزنا على نقطة واحدة وهي ضرورة حل القضية الجنوبية عن طريق الحوار المباشر بين جميع الأطراف. كذلك هناك اختلافات داخل الأطراف الجنوبية كما هو الحال في الشمال. لم أر حتى الآن وثيقة واحدة تحدد موقفاً واحداً من القضية الجنوبية، هناك تنوّع في الآراء وهذا طبيعي وعادي. نحن لم نطرح أي حل ولكن ثمة اتفاق على أنه ليس هناك أي سقف".
 
وهل قضايا الانفصال والاستقلال وتقرير المصير ستكون مطروحة؟ أجاب "طبعاً، وهذا شيء مهم والجميع يرحب بأي آراء تطرح في المؤتمر وهذه الآراء لن يتم عزلها. والمفروض أن المؤتمر سيتخذ قراراته بالتوافق وهذا معناه أنه لن يُفرض أي موقف على الجنوبيين والحراك"، لكنه أشار إلى أن مجلس الأمن يؤكد دائماً على "وحدة اليمن ووحدة أراضيه".
 
وعن سبب عدم تطرقه في تقريره أمام مجلس الأمن إلى اقتراح الاعتذار للجنوبيين في سياق ما ذكره عن ضرورة "معالجة مظالم الجنوبيين" قال "لم أتطرق للاعتذار. تطرقت إلى مسألة عليها إجماع الآن في اليمن وهي أنه فعلاً قد حصلت مظالم، وأن جبر الضرر مهمة مطروحة الآن فعلاً. كان هناك تهميش واضطهاد وقمع. الحراك الجنوبي بدأ بمطالب حقوقية في 2007 لكن تظاهراته جوبهت بالقمع وكذلك لم يُنظر بشكل جدي لهذه المطالب وكانت هناك وعود لم تتحقق وهذا أدى بالبعض داخل الحراك إلى رفع سقف المطالب وأصبح يطرح شعار فك الارتباط وغيره، لكن لا ننسى أنه داخل الحراك هناك وجهات نظر مختلفة".
 
وأشار إلى أن الحراك سيكون ممثلاً بـ85 مقعداً وهي نسبة أكبر من نسبة حزب الإصلاح (50) والحزب الاشتراكي (37). وأضاف: "نسبة الحراك مهمة جداً وكذلك هناك نسبة للحوثيين الذين شاركوا في لجنة الإعداد وأداؤهم كان جيداً وكانوا دائماً يسعون إلى حسم الأمور بالتفاهم والتوافق. والنسبة الأكبر ستكون للشباب وهي 145 مقعداً وكذلك نسبة النساء ستكون كبيرة وبما لا يقل عن 30 في المئة".
 
فكرة مشاركة القاعدة غير مطروحة
 
وعمّا يطرحه البعض من أن تنظيم "القاعدة" سيكون ممثلاً في الحوار بطريقة غير مباشرة أكد بن عمر أن "المدعوين للمشاركة في المؤتمر هم جميع الأطراف اليمنية التي تؤمن بالحوار وتنبذ العنف والإرهاب. لم يطرح أحد من الأطراف السياسية فكرة مشاركة القاعدة في مؤتمر الحوار الوطني. الجميع يدعو الآن إلى نبذ العنف والتطرف والإرهاب في اليمن".
 
وختم بأن الحوار الوطني سيكون "فرصة تاريخية لليمنيين لبناء عقد اجتماعي جديد" مؤكداً أن موعده سيكون قريباً جداً وسيعلنه الرئيس اليمني.

نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض في عام 1993
الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح (يمين) ونائبه آنذاك علي سالم البيض في عام 1993

عادل سلوم

ألقت مطالب الحراك الجنوبي في اليمن بثقلها في خارطة التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية المشكلة بتوافق الأطراف حسب المبادرة الخليجية ودعم دولي انعكس في تعيين موفد خاص لهذه المهمة في اليمن.
 
بعض الفصائل الناشطة في جنوب اليمن أعلنت صراحة مشاركتها في مؤتمر الحوار المقبل لكن فصيلا بارزا يقوده الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض اصطدمت مطالبه مع توجهات الإقليم والمجتمع الدولي، وحكومة توافق هشة مازالت تبحث عن توافق مفقود في البلد الذي ينخره الفساد ويراوح بين أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية على نحو يثير قلق دول الجوار الغنية من تصدير هذه المشاكل لاسيما الأمنية منها.
 
الرئيس اليمني الأسبق، العائد إلى الأضواء بعد غياب لأكثر من عشرين عاما، لن يفاجئ خصوم اليوم ورفاق الأمس بقرار مقاطعة مؤتمر الحوار ولاحتى مطالبه باستقلال الجنوب، فلديه أسبابه كما ذكر لراديو سوا محذرا من عواقب عدم إنصاف شعب الجنوب في نيل مطالبه.

وقال البيض إنه لايستطيع ضمان مايمكن أن يحدث إذا لم تلبى مطالب الاستقلال، معتبرا أن "الذاهبين إلى مؤتمر الحوار من الجنوب يمثلون أنفسهم فقط".

وتابع الرئيس اليمني الأسبق قائلا إن "شعب جنوب اليمن قد حدد خياره في الثلاثين من  نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالانفصال عن السلطة المركزية في صنعاء" مشددا على أن ""ثورة الشباب لا تعني جنوب اليمن في شيء".
 
المتابع لشؤون اليمن يرى أن ذلك اليوم شهد انقساما في الشارع الجنوبي ، الفريق الثاني منه كان مؤيدا للثورة الشبابية السلمية ودعا إلى تحقيق أهدافها.

ويرجع البعض هذا الانقسام إلى بروز قيادات جديدة للحراك الجنوبي ومنها حسن باعوم، فيما يقول مقربون إن خلافات دبّت في جسد هذا الكيان وكانت واضحة بين الزعيمين باعوم والبيض ،لكن الأخير أكد أن العلاقة بينهما "مازالت جيدة وقائمة حتى الآن".
 
ويرى الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض أن "القوى السياسية وعلى مختلف مشاربها وعلى الرغم من اختلافها الواضح وتناحرها على السلطة إلا أنها متفقة على استمرار احتلال الجنوب ونهب ثرواته"، حسب قوله.

وأضاف البيض في مقابلته مع "راديو سوا" أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي ينتمي هو ووزراء في الحكومة إلى الجنوب، "مجرد مستخدمين لتنفيذ مهمة لفترة معينة".
 
ويؤكد البيض إجراء اتصالات مع  موفد الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر  لكنه يرى أن الأخير محكوم بالمبادرة الخليجية.

ودعا البيض المبعوث الدولي ودول الخليج إلى "تقصي الحقائق في المناطق الجنوبية ومراعاة مطالب شعبها"، مشيرا  إلى أنه على "دول الخليج أن تعيد تقييمها للمبادرة المطروحة  التي أغفلت حقا طبيعيا لشعب الجنوب في تقرير مصيره".
 
ونفى الرئيس اليمني السابق أي علاقة للحراك الجنوبي بإيران وحزب الله أو الحصول على دعم مادي وعسكري منهما أو قيامهما بتدريب مليشيات مسلحة للحراك التي نفى وجودها أصلا.

وقال إن الحراك يتلقى تبرعات من أبناء الجنوب  والمغتربين، معتبرا أن "محاولات ربط الحراك الجنوبي بإيران وحزب الله  إنما هي عملية استدراج لقضية الجنوب للدخول في الصراع الإقليمي وتبرير لتخاذل الموقفين الإقليمي والدولي من نصرة قضية شعب الجنوب في التحرر".

وأضاف أن "الموقف الدولي والإقليمي ظلم شعب الجنوب ويجب ألا يستمر هذا الظلم". 
 
ووعد الرئيس اليمني الأسبق في حال قيام دولة اليمن الجنوبي مرة أخرى بأن تكون "دولة ديموقراطية برلمانية فدرالية، تتعاون مع جميع دول العالم والجوار على نشر الاستقرار في المنطقة ومحاربة تنظيم القاعدة" الذي وصفه بأنه "آفة زرعها نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح في مناطق الجنوب".
 
يذكر أن البيض كان أمينا عاما للحزب الاشتراكي الحاكم في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية بين عامي 1986 و1990، وهو الذي وقع على اتفاق الوحدة مع رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبد الله صالح لتأسيس الجمهورية اليمنية في 22 مايو/أيار 1990.

واقتسم البيض وصالح السلطة بعد توقيع اتفاقية الوحدة واستمرا في ذلك أربعة أعوام حتى اندلاع الحرب الأهلية في اليمن التي استمرت قرابة شهرين وانتهت بفوز الشمال ولجوء البيض إلى سلطنة عمان التي منحته اللجوء السياسي ثم الجنسية بشروط تتضمن عدم قيامه بأي نشاط سياسي.

علي سالم البيض