طفل يمني أصيب بانفجار لغم - أرشيف
طفل يمني أصيب بانفجار لغم - أرشيف

صنعاء - غمدان الدقيمي:

لا يزال الشاب اليمني محمد عبد اللطيف، 25 عاما، غير قادر على استيعاب صدمة فقدانه ساقه اليمنى بسبب تعرضه لانفجار لغم أرضي أثناء نزهة في منطقة نائية بريف مدينة تعز، جنوب غرب اليمن، في منتصف حزيران/ يونيو.

ويقول عبد اللطيف الذي لا يزال يتلقى العلاج في أحد المستشفيات في مدينة تعز: "لم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى. كان يوما كارثيا قلب حياتي رأسا على عقب".

وحصدت الألغام التي زرعتها الأطراف المتصارعة في اليمن منذ أكثر من عامين أرواح عشرات المدنيين، وخلفت مئات المصابين.

وتقول الطبيبة في مستشفى الثورة بمدينة تعز المضطربة، أسمهان السياني "نستقبل أسبوعيا ما بين ثلاث إلى خمس حالات، لمصابين بانفجار لغم، ولا يمر أسبوع دون أن تصلنا حالات من هذا النوع".

وفي نهاية نيسان/ أبريل الماضي، أعلن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد)، توثيقه مقتل 615 مدنيا بينهم 101 طفلا دون سن الـ16، و26 امرأة، بانفجار ألغام، في الفترة بين كانون الأول/ ديسمبر 2014، وكانون الأول/ ديسمبر 2016.

وحسب "رصد"، وهو تكتل مدني يضم منظمات حقوقية محلية، تسببت الألغام خلال الفترة ذاتها بإلحاق إصابات بـ924 مدنيا، بينهم 160 طفلا، و36 امرأة، في 16 محافظة يمنية.

وقال مدير "رصد" التنفيذي مطهر البذيجي إن التحالف وثق بين الأول من كانون ثاني/ يناير و31 أيار/ مايو 2017، مقتل 39 مدنيا بانفجار ألغام في عدة محافظات يمنية، بينهم خمسة أطفال وثلاث نساء، وإصابة 69 آخرين بينهم 14 طفلا.

ووفقا لشهادات الضحايا وسكان محليين فإن جماعة الحوثيين وحلفاءها خلفوا، حسب البذيجي، آلاف الألغام في المناطق والأحياء التي خسروها أمام القوات الحكومية والجماعات المسلحة الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي".

جرائم حرب

واتهمت منظمتا "العفو الدولية"، و"هيومن رايتس ووتش" الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مرارا، باستخدام ألغام أرضية مضادة للأفراد، ما تسبب بقتل مئات المدنيين وتشويههم، وتعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة.

وطالبت "هيومن رايتس ووتش" طرفي الحرب في صنعاء في نيسان/ أبريل الماضي بالتوقف فورا عن استخدام هذه الأسلحة والالتزام بـ"اتفاقية حظر الألغام" التي انضم إليها اليمن عام 1998.

وحذرت المنظمة الدولية أن استخدام الألغام الأرضية "ينتهك قوانين الحرب"، وأن الأفراد المتورطين بزرعها يرتكبون "جرائم حرب".

ألغام في مناطق سكنية

وحسب منظمة "مواطنة"، وهي منظمة محلية معنية بحقوق الإنسان، زُرعت معظم الألغام في مناطق سكنية وطرق عامة وشوارع رئيسية ومنازل ومزارع.

ويؤكد طه ياسين وهو مسؤول الإعلام والاتصال في منظمة "مواطنة"، أن "الألغام زرعت في مناطق انسحب منها مقاتلو الحوثيين وقوات صالح"، لكنه لم يستبعد مسؤولية الأطراف الأخرى المنخرطة في الصراع، والجماعات الإرهابية، عن زراعة الألغام. "نحن لا نزال بصدد البحث والتحقق من ذلك"، يقول ياسين.

وأحصى مدير مركز الأطراف الاصطناعية والعلاج الطبيعي بتعز الدكتور منصور الوازعي نحو 315 شخصا فقدوا أطرافهم في المدينة، منذ بدء الحرب حتى منتصف يونيو 2017، حوالي 70 في المئة منهم بسبب انفجار ألغام أرضية.

الحوثيون: لا تعليق

ورفض وزير الخارجية في حكومة الحوثيين هشام شرف الرد على استفسارات بشأن الاتهامات المباشرة التي وجهتها المنظمات الحقوقية الدولية لقوات حكومته باستخدام الألغام الأرضية.

لكن منظمة هيومن رايتس ذكرت في وقت سابق أنها تلقت تعهدات من حكومة صنعاء بتشكيل لجنة للتحقيق في "استخدام الألغام الأرضية بمجرد انتهاء الحرب واتخاذ الإجراءات المناسبة وفقا للقوانين والتشريعات الوطنية والالتزامات الدولية".

وفي انتظار ذلك، ما زال الشاب اليمني محمد عبد اللطيف يتلقى العلاج في المستشفى بعدما أصابه انفجار اللغم في مواضع متعددة في جسده.

خاص بموقعي الحرة/ إرفع صوتك

لم يعلق الحوثي على الضربة التي أودت بحياة 3 جنود بحرينيين ضمن التحالف العربي
لم يعلق الحوثي على الضربة التي أودت بحياة 3 جنود بحرينيين ضمن التحالف العربي

عندما اتفقت السعودية وإيران على إعادة علاقاتهما الدبلوماسية خلال وقت سابق من العام الحالي، تعززت الآمال بالتوصل لسلام في اليمن، الغارق في حرب مدمرة، قبل أن تعلن البحرين مؤخرا مقتل 3 من أفراد جيشها في هجوم نُسب إلى الحوثيين.

وخلال الأسابيع الماضية، تقدمت المفاوضات بين السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن، وجماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ 2014.

وخلال أبريل، توجه السفير السعودي لدى اليمن، محمد الجابر، إلى صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، فيما وصفه بأنه مسعى لـ "تثبيت" الهدنة التي تم التوصل إليها برعاية أممية، منذ العام الماضي.

وفي هذا الشهر، أجرى مسؤولون حوثيون محادثات في الرياض طيلة 5 أيام، في أول زيارة علنية لوفد حوثي إلى السعودية منذ اندلاع الحرب عام 2015.

وبصورة مفاجئة، الإثنين، أعلنت المنامة مقتل 3 أفراد من جيشها، ومن بينهم ضابط، بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في هجوم اتهمت المملكة الخليجية الصغيرة، الحوثيين بشنه بواسطة طائرات مسيرة، واستهدف مواقع قوة دفاع البحرين جنوب السعودية.

"مناوشات منخفضة المستوى"

وقال زميل أبحاث سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حسن الحسن، إن هذه الضربة "هي الأخيرة في سلسلة مستمرة من المناوشات منخفضة المستوى، التي ما زالت تدور" بين قوات التحالف والحوثيين.

وفي حديثه لموقع قناة "الحرة"، قال الحسن إن الهجوم جاء "رغم انخراط الطرفين في محادثات ترمي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة شاملة ووضع حد للنزاع، وُصفت بالإيجابية، كان آخرها زيارة وفد الجماعة إلى الرياض".

والبحرين، المجاورة للسعودية، عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ عام 2015 دعما للحكومة اليمنية، ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

في حديثه لموقع "الحرة"، قال المحلل السياسي والعسكري السعودي، محمد الحربي، إن هذا "هجوم غادر ومؤسف"؛ لأنه جاء "في ظل وجود استراتيجية متقدمة للسلام من قبل السعودية، التي تقود مسارا شاملا للحل في اليمن".

واستنكرت السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة، الهجوم الذي نسبته واشنطن ولندن والمنامة فقط إلى الحوثيين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، كما لم يصدر عن الحوثيين أي تعليق.

وفي زيارة لملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، إلى مقر القيادة الرئيسي للجيش بعد يوم من الهجوم، "تمت الإشارة خلال الاجتماع إلى أنه إذا كان الحوثيون يستنكرون من قام بهذا العمل الإجرامي الغادر خلال سريان الهدنة الأممية، فمن الواجب عليهم القبض عليهم وتسليمهم لنا أو للتحالف العربي، ليأخذ القانون مجراه بحقهم، وعليهم مراعاة مصالح الجمهورية اليمنية الشقيقة في المنطقة"، حسبما ذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).

وفي هذا الإطار، قالت أستاذة العلوم السياسية اليمنية المقيمة في سويسرا، إلهام مانع، "إن الهجوم قد يكون مرتبطا برسالة حوثية إلى السعودية، للضغط عليها في المفاوضات والحصول على تنازلات أكثر".

وفي حديثها لموقع "الحرة"، أضافت مانع أن "التفسير المحتمل الآخر للضربة، إن كان الحوثي يقف وراءها، فهو يتمثل في مدى قدرة الحركة على السيطرة على الجزء الشمالي من اليمن".

وتابعت: "سيطرة الحركة في المناطق الشمالية قائمة على خطاب قومي متعلق بالحرب، وغياب هذا العامل قد يمثل تعقيدات في المشهد بالنسبة للحوثي، مما يؤدي إلى خلخلة سيطرة الحركة داخل المناطق الشمالية".

"رغبة في استمرار المحادثات"

وفي قراءته لدلالات الهجوم، قال الحربي: "ربما هناك انقسام بين الأجنحة السياسية والأجنحة الثورية لدى الحوثيين، أو أن هناك فعلا انتهازيون منتفعون من زخم الحرب ويريدون استمرارها".

وفي سياق متصل، يزور وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، المنامة، الخميس، في رحلة لم يتم الإعلان عنها مسبقا، جاءت بعد أن تلقى ملك البحرين اتصالا هاتفيا من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في أعقاب الهجوم.

وقال الحربي إن الزيارة ستتناول "بكل تأكيد" هذا الموضوع، على اعتبار أن "موقف السعودية دائما يدعم البحرين، التي تعد جزءا من التحالف".

وفي اليمن، تراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في أبريل 2022. ولا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير، حتى بعد انتهاء مفاعيلها في أكتوبر 2022.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في مؤتمر صحفي: "هذا الهجوم غير المبرر يهدد أطول فترة من الهدوء منذ بدء الحرب في اليمن".

وقال الحربي إن الهجوم جاء في "ظل وجود استراتيجية متقدمة للسلام من قبل السعودية التي تقود مسارا شاملا للحل في اليمن"، معتبرا أنه الىن أصبحت "السيناريوهات مفتوحة على مصراعيها" جراء هذا الهجوم.

وفي وقت يعتقد فيه الحربي أن "الضربة قد تكون مؤثرة على سير المفاوضات" بين السعودية والجماعة الموالية لإيران، يستبعد الحسن ذلك السيناريو.

وقال الحسن: "إن عدم تبني جماعة أنصار الله للهجوم من ناحية، وعدم تحميل قوات التحالف لقيادة الجماعة المسؤولية عن الهجوم، ونسبته عوضا عن ذلك إلى بعض العناصر التابعة للحوثيين من ناحية أخرى، يشير إلى رغبة الطرفين في الاستمرار في المباحثات، وعدم العودة إلى المواجهة المفتوحة على الرغم من الخروقات".