غرافيتي لوجوه يمنيين مخفيين قسرا رسمها الفنان اليمني مراد سبيع
غرافيتي لوجوه يمنيين مخفيين قسرا رسمها الفنان اليمني مراد سبيع

صنعاء ـ غمدان الدقيمي

على بعض جدران أبنية العاصمة اليمنية صنعاء، رسم فنانون لوحات غرافيتي تصور وجوه عشرات الأشخاص من ضحايا الإخفاء القسري في اليمن.

حتى اليوم، لا يزال مصير العشرات مجهولا، وبعضهم أخفي منذ عقود، وذلك وسط صمت مطبق من قبل الحكومات المتعاقبة تجاه مطالب أقربائهم بكشف الحقائق.

أحد الوجوه الكثيرة التي رسمها الفنان التشكيلي اليمني الشاب مراد سبيع، ضمن حملة تضامنية أطلق عليها اسم "الجدران تتذكر وجوههم"، كان وجه السياسي علي عبد المجيد، الذي لا يزال مخفيا منذ اعتقاله في صنعاء مطلع عام 1983.

غرافيتي لوجوه يمنيين مخفيين قسرا رسمها الفنان اليمني مراد سبيع

​​"لا نعلم عنه أي شيء"، قال شفيع علي عبد المجيد متحدثا عن والده الذي كان من بين مئات ضحايا الإخفاء القسري لنظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود.

يعتقد الابن أن والده موجود في سجن الأمن السياسي بصنعاء، ويقول إن "السلطات ترفض الإدلاء بأية معلومات عنه".

"أخذوه معهم"

لا يقتصر ارتكاب جرائم الإخفاء القسري في اليمن على الأنظمة السياسية الحاكمة، بل سجلت حالات كثيرة تقف خلفها جماعات سياسية ودينية مسلحة.

تقول أسرة محمد المقري، وهو صحافي يمني اختطفه مسلحو تنظيم القاعدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 من وسط مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، شرق البلاد، إنها لا تزال تجهل مصيره حتى اليوم، بالرغم من مرور نحو عام ونصف على نجاح قوات حكومية، بدعم إقليمي، في طرد عناصر التنظيم الإرهابي من المدينة الساحلية الجنوبية الواقعة على بحر العرب.

وتعتقد زوجته أبها باعويضان، وهي طبيبة وناشطة حقوقية، أن مسلحي تنظيم القاعدة "أخذوه معهم، إضافة إلى 45 معتقلا آخرين، عند فرارهم من مدينة المكلا" في 24 نيسان/ أبريل 2016.

كافة الأطراف

ومنذ 2014، يشهد اليمن نزاعا داميا بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء والحكومة المعترف بها دوليا. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/ مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في البلاد.

أثناء هذه الفترة، وقع مئات اليمنيين ضحايا لعمليات اعتقال وإخفاء قسري واسعة شاركت في ارتكابها جميع الأطراف المتحاربة في البلاد، حسب منظمات حقوقية دولية.

وتحمل منظمة "مواطنة"، وهي منظمة محلية معنية بحقوق الإنسان، جميع أطراف النزاع الحالي في اليمن، من تحالف الحوثيين وصالح إلى القوات التابعة لحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مسؤولية ارتكاب جرائم احتجاز تعسفي وإخفاء قسري.

ووثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، 66 حالة احتجاز تعسفي وإخفاء قسري ارتكبتها قوات الحوثي وصالح، وأشارت إلى أن منظمات دولية ومحلية أخرى وثقت عددا أكبر من الحالات.

وتقول عضوة المكتب السياسي لجماعة الحوثيين حليمة جحاف إن كل الأطراف المتحاربة مسؤولة عن ارتكاب عمليات إخفاء قسري، لكنها تعتبر أن هناك مبالغة كبيرة باتهام الحوثيين بالوقوف وراء جرائم من هذا النوع.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنها سجلت حالات "احتجاز تعسفي وإخفاء قسري" في أماكن تسيطر عليها القوات الحكومية في اليمن.

وأفاد بيان للمنظمة في حزيران/ يونيو الماضي بتوثيق "حالات 49 شخصا، من بينهم أربعة أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري" في محافظتي عدن وحضرموت الواقعتين في جنوب البلاد.

وحسب البيان، فإن اثنين من أماكن الاحتجاز غير الرسمية يداران من طرف الإمارات المشاركة في التحالف بقيادة السعودية، في حين تدار أماكن أخرى من قبل "قوات أمنية يمنية مدعومة" منها. لكن الإمارات نفت هذه الاتهامات بشده.

من دون جدوى

وقالت سيدة يمنية، زوجها معتقل في صنعاء، وطلبت عدم الإفصاح عن اسمها لأسباب أمنية، إنها زارت كثيرا من الشخصيات والمنظمات والجهات الحقوقية من أجل تمكينها من معرفة مصير زوجها، من دون جدوى.

وتؤكد الفنانة التشكيلية اليمنية هيفاء سبيع، 26 عاما، إن "معاناة أمهات وأخوات وبنات المخفيين قسرا لا توصف".

ونفذت هيفاء مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، حملة تضامنية مع "أمهات المعتقلين والمخفيين قسرا" بالرسم على جدران شوارع العاصمة صنعاء.

وتقول "أردت تذكير الناس بمعاناة هؤلاء بالتزامن مع اليوم العالمي للإخفاء القسري الذي يصادف 30 أغسطس من كل عام".

آلية دولية مستقلة

وترى رئيسة منظمة "مواطنة" الناشطة الحقوقية رضية المتوكل ضرورة "إنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات أطراف الحرب في اليمن لتعزيز آلية الرصد والمراقبة والمحاسبة وتقليل حجم الانتهاكات".

وقالت إن "الإخفاء القسري جريمة لا تسقط بالتقادم وفقا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وأكدت أن الأطراف المختلفة تمارس هذه الجريمة ظنا منها أن أدوات المحاسبة غائبة، "لكنها ستحاسب على أفعالها يوما ما"، على حد قولها.

وشددت على ضرورة توجيه رسالة واضحة لجميع الأطراف مفادها أنها لا تملك ضوءا أخضر للتعدي على المدنيين وانتهاك حقوقهم.

خاص بموقعي الحرةإرفع صوتك

فيكتور بوت أدين بعديد الاتهامات وحكم عليه بالسجن 25 عاما
فيكتور بوت أدين بعديد الاتهامات وحكم عليه بالسجن 25 عاما

عاد تاجر الأسلحة الروسي الملقب بـ"تاجر الموت"، فيكتور بوت، مجددا إلى نشاطه بعد عامين تقريبا من خروجه من السجون الأميركية ضمن صفقة تبادل، ويعمل حاليًا على "إتمام صفقة أسلحة إلى الحوثيين في اليمن"، حسب تقرير خاص لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وذكرت الصحيفة أن بوت "يحاول التوسط في صفقة أسلحة خفيفة" إلى المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، والتي تنفذ هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر.

وتقول جماعة الحوثي إن هجماتها تأتي "لدعم الفلسطينيين" خلال حرب غزة، وتستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل، إلا أن معظم السفن التي حاولت استهدافها لا علاقة لها بإسرائيل.

وترشح بوت وفاز في الانتخابات المحلية الروسية العام الماضي عن منطقة أوليانوفسك، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، وهي انتخابات وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بأنها "تهدف إلى إضفاء شرعية على حكم الرئيس فلاديمير بوتين، الاستبدادي".

وخرج بوت من السجن في ديسمبر 2022، ضمن صفقة تبادل سجناء، خرجت بموجبها أيضا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غراينر، بعد أن أمضت 10 أشهر خلف القضبان في روسيا، إثر توقيفها في فبراير 2022، وإدانتها فيما بعد بتهريب المخدرات، وحكم عليها بالسجن 9 سنوات.

وانضم بوت إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، الذي "يصف نفسه بالمعارض، لكنه في الحقيقة يخدم مصالح الكرملين.. ويضم سياسيين يثيرون الفضائح أكثر مما يعملون على التشريعات"، وفق نيويورك تايمز.

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن دخول بوت إلى عالم السياسة، بدا وكأنه "طوى صفحة أيامه كسمسار أسلحة".

لكن حينما زار  وفد من الحوثيين موسكو في أغسطس، "للتفاوض على شراء أسلحة أوتوماتيكية بقيمة 10 ملايين دولار، واجهوا وجهًا مألوفًا: وهو بوت"، وفق مسؤول أمني أوروبي وأشخاص آخرين مطلعين على الأمر تحدثوا لوول ستريت جورنال.

ولم تتم عملية تسليم الأسلحة إلى الحوثي بعد، وجاءت بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مخاوفها من بيع صواريخ روسية مضادة للسفن أو الطائرات للحوثيين، مما يشكل تهديدا كبيرا لجهود الجيش الأميركي في حماية عمليات الشحن في البحر الأحمر من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وكانت واشنطن تخشى تسليم روسيا تلك الأسلحة المتقدمة للحوثيين، كرد على دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، لكن لا دليل على إرسال الصواريخ حتى الآن، أو أن بوت متورط في تلك الصفقة.

من جانبه، قال الكرملين، الإثنين، تعليقا على التقرير، إنه "يبدو مزيفًا". ورفض متحدث باسم الحوثيين التعليق للصحيفة الأميركية.

وأوضح التقرير أن أول شحنتين في الغالب ستكونان عبارة عن بنادق "AK-74"، وهي نسخة مطورة من بندقية "AK-47" الهجومية.

من سجين سابق لدى أميركا إلى مرشح بالانتخابات.. "تاجر الموت" يخوض غمار السياسة في روسيا
قبل نحو 9 أشهر، خرج تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت من السجن في الولايات المتحدة ضمن صفقة تبادل سجناء بين موسكو وواشنطن، ليبدأ بعدها مسارًا جديدًا في السياسة بعد ترشحه في الانتخابات المحلية بمنطقة أوليانوفسك غربي روسيا.

لكن خلال رحلتهم إلى موسكو، ناقش ممثلو الحوثيين أيضًا أسلحة أخرى مع الجانب الروسي، بما في ذلك صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، وأسلحة مضادة للطائرات، وفقًا لمسؤول أوروبي وآخرين مطلعين على الأمر.

وقالوا إن عمليات التسليم "قد تبدأ في هذا الشهر.. إذ ستصل إلى ميناء الحديدة تحت غطاء الإمدادات الغذائية، حيث تنفذ روسيا بالفعل عدة عمليات تسليم للحبوب".

يذكر أن بوت (56 عاما) كان يقضي فترة سجن لمدة 25 عامًا في الولايات المتحدة، بعد القبض عليه في تايلاند عام 2008، وإدانته عام 2011، باتهامات تشمل التآمر لقتل أميركيين، ودعم منظمة إرهابية.

ويُتهم بوت بأنه "استغل الفوضى المنتشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، ليشتري كميات من الأسلحة بأسعار متدنية من قواعد عسكرية غابت عنها السيطرة، قبل أن يقوم بتشكيل أسطوله الخاص من طائرات الشحن، لتسليم حمولاته عبر العالم".