عناصر في قوات "الحزام الأمني" في عدن
عناصر في قوات "الحزام الأمني" في عدن

أحيت الاشتباكات المتواصلة في مدينة عدن بين قوات "الحزام الأمني" من جهة، وقوات موالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، مطالب الانفصاليين باستعادة ما يقولون إنها دولتهم المستقلة.

وتحظى قوات "الحزام الأمني" التي تتمتع بنفوذ في الجنوب اليمني وتقاتل الحوثيين ضمن صفوف القوات الحكومية، بدعم الإمارات وتتألّف أساسا من الجنوبيين الذين يرغبون في الإستقلال وينتمون للمجلس الانتقالي الجنوبي.

ولليوم الثاني على التوالي، شهدت عدن الخميس اشتباكات عنيفة بين الجانبين، وقال منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الإنتقالي الجنوبي لموقع "الحرة" إن تلك المواجهات دارت في أكثر من منطقة.

وفي ظل تصاعد التوتر في العاصمة اليمنية المؤقتة، يؤكد الجنوبيون من دعاة "استعادة دولتهم" السابقة، أن الوقت مناسب للإنفصال عن الشمال، لكن آخرين يرون أن خطوة في ذلك الاتجاه ليست الخيار الصائب في الفترة الراهنة.

التوقيت

التحالف بقيادة السعودية دعا "كافة الأطراف والمكونات لتحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية والعمل مع الحكومة اليمنية الشرعية"، فيما قال الوزير الإماراتي أنور قرقاش الذي دربت وسلحت بلاده نحو 90 ألف مقاتل من الإنفصاليين الجنوبيين ومقاتلي المناطق الساحلية، إن "الدعوة للتهدئة ضرورية، ولا يمكن للتصعيد أن يكون خيارا مقبولا (..)، الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري تجاه إرهاصات وتراكمات لا يمكن حلها عبر استخدام القوة."

​​السياسي الجنوبي، أحمد الصالح، المقيم في الولايات المتحدة قال إن "الجنوبيين هم أصحاب القرار على أرضهم ونأمل بأن تكون دول التحالف عاملا مساعدا لإيجاد صيغة من التوافق بين القوى التي أفرزتها الحرب وبين القوى التي تمثل الشرعية في الخارج".

وتابع أن "هناك احتقانا سياسيا أصلا في ظل إقصاء وتهميش القوى الجنوبية التي أفرزتها الحرب والتي انتصرت على الحوثيين"، بالإضافة إلى "ازدواج التعليمات الإرهابية من قبل الحوثيين والقاعدة ضد معسكرات وقيادات جنوبية"، ما أدى إلى تراكم كل الأحداث ووقوع المواجهة.

واستهدفت سلسة هجمات، بينها هجوم بطائرة دون طيار تبناه الحوثيون، قوات "الحزام الأمني" في الثاني من أغسطس قتل فيها 68 شخصا.

"الجنوبيون كانوا يتمنون الانفصال قبل الآن بكثير"، وفقا لنائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الإنتقالي الجنوبي الذي أوضح أنه "بحكم تلقيهم دعم دول التحالف العربي وتحديدا الإمارات، وبعد تحرير المناطق الجنوبية 2015، كان هناك نوع من الاتفاق بأن يستمر الجنوبيون في إطار هذا التحالف، ليس تأجيل مطالباتهم باستعادة دولتهم ولكن الانتظار حتى انتهاء الحرب وسقوط الانقلاب الحوثي في صنعاء وبالتالي كانت هناك إشارات أنه يمكن، بعد إنهاء عاصفة الحزم للتحالف وانتهاء الحرب، أن يكون هناك إنصاف للجنوبيين وتمكينهم من استعادة دولتهم".

وفي حين أكد الناشط الجنوبي الذي لا يؤيد الانفصال، عبد الحليم حيدرة، لـ"الحرة" حق أي شعب في تقرير مصيره، إلا أنه قال إن التوقيت بالنسبة لليمن الآن "خطأ ولا يخدم المجلس الانتقالي أبدا"، لأن الحرب لا تزال قائمة مع الجماعات الإرهابية في الجنوب ومع الميليشيات الحوثية التي وصلت إلى أبواب الجنوب وتنتظر فقط لحظات خلاف بسيطة لتدخل إليه، حسب تعبيره.

وأردف أن التحالف وموقفه مما يجري لا يؤثر، إلا أنه كان قادرا على كبح جماح الأطراف اليمنية التي وصلت إلى إراقة الدماء في عدن، على حد قوله.

​​وأفادت مصادر طبية في عدن بمقتل 12 شخصا، الخميس، خلال الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني. واندلعت اشتباكات الأربعاء خلال تشييع عناصر أمن قتلوا في هجومين وقعا في المدينة الأسبوع الماضي.

وقال حيدرة، إن "علاقة القوتين في جسد الشرعية، تحولت إلى مرحلة متقدمة من العداء الضاري تتجاوز العداء الذي كان بين كل منهما والحوثيين".

ما الذي يريده الانفصاليون؟

نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الإنتقالي الجنوبي، قال لموقع "الحرة" إن مطالب الجنوبيين هي استعادة دولتهم و"طرد الإحتلال اليمني من الجنوب العربي"، موضحا أن التسمية الأخيرة هي مرادفة للجنوب اليمني، "بحكم أن الجنوبيين اليوم لا يطيقون سماع اليمن فيسمون الجنوب، الجنوب العربي".

وكان جنوب اليمن دولة مستقلة قبل عام 1990، ثم دخلت في وحدة مع الشمال في إطار الجمهورية اليمنية خلال رئاسة علي عبد الله صالح.

وعدد صالح مطالب الإنفصاليين قائلا: "مغادرة الحكومة اليمنية الجنوب والعودة إلى المحافظات الشمالية وتسليم الجنوب للمجلس الإنتقالي كممثل للجنوبيين أو معظمهم وإدارة الموارد الجنوبية من نفط وغاز من قبل الشعب الجنوبي وأن يواصل الجنوب خوض المعركة مع التحالف حتى إسقاط الإنقلاب الحوثي".

وليس للحوثيين الذين يسيطرون على معظم المناطق الحضرية في اليمن، بما في ذلك صنعاء وميناء الحديدة الرئيسي، وجود في الجنوب.

وقال صالح إن الجنوبيين في اليمن "اليوم يصرون على حقهم في الإنفصال وهذا لا نقاش حوله"، ومع ذلك، أقر بأن أي معركة في الجنوب تصب في مصلحة الحوثيين، لكنه قال إن الحكومة اليمنية تحاول أن تستغل الموقف الدولي الداعم للشرعية اليمنية وتحاول الالتفاف على الانتصارات التي تحققت في الجنوب الذي يصر على طردها بسبب تلك المؤامرة، حسب تعبيره.

عبد الحليم حيدرة، قال إن عامة الجنوبيين يعتبرون الدولة اليمنية، دولة احتلال، لكنهم يعترفون بهادي رئيسا شرعيا لليمن، ويعترفون به إذا كان سيستمع إلى مطالبهم وأن يجلس الجميع على طاولة المفاوضات بعد أن تنتهي الحرب، للاعتراف بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم وحق تقرير مصيرهم.

ترامب قال إن الحوثيين "لن يغرقوا سفننا بعد الآن"
ترامب قال إن الحوثيين "لن يغرقوا سفننا بعد الآن" | Source: @realDonaldTrump

أعلن الجيش الأميركي، السبت، استمرار الضربات على الحوثيين في اليمن، في وقت نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيديو يوثق إحدى الغارات الجوية.

وأكدت القيادة المركزية في الجيش الأميركي في تغريدة عبر حسابها على "إكس" أن العمليات ضد الحوثيين مستمرة على مدار الساعة.

وقالت: "أفراد خدمتنا المخلصون في مجموعة حاملة الطائرات (هاري إس. ترومان) القتالية متواجدون في الموقع، ويقومون بعمليات مستمرة على مدار الساعة ضد الحوثيين المدعومين من إيران."

ونشر تغريدة على حسابه الرسمي الشخصي في موقع "إكس" تظهر غارة جوية أميركية قال إنها استهدفت مسلحين حوثيين كانوا يخططون لهجوم.

وأظهر الفيديو تجمعا لأشخاص على شكل حلقة، ثم انفجارا ضخما وسط هذه الحلقة، بدا بعده كأن أحدا لم ينج.

وقال ترامب في تغريدته: "هؤلاء الحوثيون تجمعوا لتلقي تعليمات بشأن هجوم. لكن، عذرا، لن يكون هناك هجوم من قبل هؤلاء الحوثيين! لن يغرقوا سفننا مرة أخرى أبدا."

وأكد ترامب في وقت سابق أن الهجمات على الحوثيين ستستمر حتى يزول خطرهم على حرية الملاحة.

وأضاف في منشور على موقع تروث سوشيال "الخيار أمام الحوثيين واضح: توقفوا عن إطلاق النار على السفن الأميركية، وسنتوقف عن إطلاق النار عليكم. وإلا، فإننا في البداية فقط، والألم الحقيقي لم يأت بعد.. سواء للحوثيين أو رعاتهم في إيران".

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه تم القضاء على القضاء على العديد من مسلحي الحوثيين وقادتهم. وكان البيت الأبيض أعلن أن الضربات الأميركية في اليمن قتلت أبرز خبير صواريخ حوثي.

وأضاف ترامب: "نضربهم ليلًا ونهارًا، بضراوة متزايدة. قدراتهم التي تهدد الملاحة والمنطقة تُدمر بسرعة. ستستمر هجماتنا حتى يزول خطرهم على حرية الملاحة".

وبدأت الولايات المتحدة في منتصف مارس شن ضربات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن بعد هجماتهم على الممرات الملاحية في البحر الأحمر.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت الثلاثاء أن الوزير بيت هيغسيث أمر بنشر طائرات حربية إضافية لتعزيز الأصول البحرية للبنتاغون في الشرق الأوسط، وسط الحملة على الحوثيين وتصاعد التوتر مع إيران.

وقال شون بارنيل المتحدث باسم البنتاغون في بيان "في حال هددت إيران أو وكلاؤها الأفراد والمصالح الأميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات حاسمة للدفاع عن شعبنا".

وتهدف هذه الغارات، وهي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي ترامب منصبه في يناير، إلى إجبار الحوثيين المتحالفين مع إيران على وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، وكذلك السفن الحربية الأميركية.

ونفذت الجماعة أكثر من 100 هجوم على سفن شحن منذ بدء حرب إسرائيل مع حركة حماس أواخر 2023، قائلة إنها تفعل ذلك "تضامنا مع الفلسطينيين في غزة."

وأثرت الهجمات على حركة التجارة العالمية، ودفعت الجيش الأميركي إلى شن حملة مكلفة لاعتراض الصواريخ.