عناصر في قوات "الحزام الأمني" في عدن
عناصر في قوات "الحزام الأمني" في عدن

أعلن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، السبت، بدء انسحاب وحدات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني، وعودتها إلى مواقعها السابقة في مدينة عدن.

وقال التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، إن الخطوة تتم بإشرافه ويرافقها تسليم مقرات الحكومة اليمنية في عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014. 

​​وأضاف "نثمن استجابة الحكومة اليمنية الشرعية للدعوة لضبط النفس أثناء الأزمة"، وكذلك "نثمن استجابة الانتقالي في عدن لدعوة السعودية والإمارات لوقف إطلاق النار وتغليب الحكمة ومصالح الشعب اليمني وعدم الإضرار بها أو المساس بالممتلكات العامة والخاصة".

وتابع البيان "ندعو قيادة القوات المشتركة إلى استمرار التهدئة وضبط النفس ووقف الخطاب الإعلامي المتشنج، وتعزيز لغة الحوار والتصالح وتوحيد الجهود في هذه المرحلة".

وكانت لجنة عسكرية سعودية إماراتية مشتركة، قد وصلت الجمعة إلى عدن، لبحث مسألة انسحاب قوات الانفصاليين من مواقع سيطروا عليها الأسبوع الماضي.

وسيطر الانفصاليون اليمنيون الأسبوع الماضي عبر قوات "الحزام الأمني"، على القصر الرئاسي ومواقع عسكرية رئيسية في عدن، تابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وترتبط قوات "الحزام الأمني" بالمجلس الانتقالي وتتلقى دعما من الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015.

وأعلنت الأمم المتحدة مقتل نحو 40 شخصا وإصابة 260 في المعارك الأخيرة في عدن. 

آلية عسكرية تابعة للانفصاليين  في عدن
آلية عسكرية تابعة للانفصاليين في عدن

طالب المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، صالح النود، السعودية بالاعتراف بحركته الداعية لانفصال الجنوب وإقصاء حزب الإصلاح الإسلامي، في جال كانت تسعى للانتصار على ميليشيات الحوثي.

وفي مقابلة مع رويترز، قال صالح النود، الذي يقيم في بريطانيا، "التخلي عن السيطرة على عدن ليس مطروحا على المائدة في الوقت الحالي"، مضيفا "نحن هناك باقون لكننا باقون لسبب إيجابي: صونا للاستقرار".

وكان الانفصاليون، الذين يتمتعون بدعم الإمارات العضو بالتحالف العربي، قد سيطروا على عدن، المقر المؤقت للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، في مطلع الأسبوع بالاستيلاء على القواعد العسكرية التابعة للحكومة.

وقد تدخل التحالف العربي، في مارس 2015 لمحاربة حركة الحوثي المتحالفة مع إيران، التي حاولت الإطاحة بالرئيس عبد ربه منصور هادي من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر 2014.

ويمثل المقاتلون الجنوبيون عنصرا رئيسيا في المعركة التي يخوضها التحالف في مواجهة الحوثيين. غير أن الحرب أحيت توترات قديمة بين شمال اليمن وجنوبه اللذين كانا دولتين منفصلتين توحدتا في 1990 تحت قيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وكشفت تلك الأزمة عن تباين بين السعودية والإمارات دون الوصول إلى مرحلة الخلاف، وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الأربعاء، إن أبوظبي ملتزمة بتحالفها و "بأهدافنا المشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة".

ورددت أبوظبي دعوة من الرياض للحوار بين الطرفين المتحاربين في عدن، لكنها لم تصل إلى حد مطالبة القوات الجنوبية التي تمولها وتسلحها بالتنازل عما حققته من مكاسب.

وقال النود إن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يعد من أركان حكومة هادي، من مراكز النفوذ كلها ومعها أي ساسة ينتمون للشمال.

ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي حزب الإصلاح بالتواطؤ في هجوم صاروخي دام شنه الحوثيون على القوات الجنوبية في وقت سابق هذا الشهر، غير أن الحزب ينفي هذا الاتهام. وقد وعد التحالف بالتحرك عسكريا ضد الانفصاليين إذا لم يخلوا المواقع الحكومية.

وقال النود "ستكون بداية طيبة جدا أن يتم إخراج الإصلاح من الجنوب كله والسماح للجنوبيين بحكم أنفسهم.. نحن نرى أن الإصلاح تغلغل في الحكومة أو سيطر عليها".

وأضاف أن أحد السبل الممكنة للخروج من المأزق هو تسليم مسؤولية الأمن في الثكنات لقوات الحزام الأمني، وهي الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي أو شرطة عدن.

وبلغت الحرب اليمنية مرحلة جمود منذ سنوات وتعرضت السعودية والإمارات لضغوط من الحلفاء الغربيين، بما في ذلك الدول الموردة للأسلحة للتحالف وذلك لإنهاء الصراع الذي دفع اليمن إلى حافة المجاعة.

وفي يونيو الماضي، قلصت الإمارات وجودها في اليمن وتركت خلفها الآلاف من القوات الجنوبية التي سلحتها ودربتها. وقال مسؤول يمني لرويترز إن سيطرة الانفصاليين على عدن حظيت بموافقة الإمارات وإن هدفها إبعاد قوات حزب الإصلاح.

وقال مركز سوفان في نيويورك في إفادة يوم الأربعاء "يبدو الآن أن أبوظبي تعيد النظر في الحكمة وراء السياسة الخارجية السعودية في ظل (ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان والتي لم تحقق انتصارات ملموسة تذكر".

هل هي رسالة لمحمد بن سلمان؟

وفي حين تستطيع الإمارات الخروج من اليمن مع الاحتفاظ بنفوذ على القوات الجنوبية، فإنه لا يمكن للسعودية الرحيل دون تحييد حركة الحوثي المسلحة على حدودها.

وقال مصدر خليجي مطلع على السياسة اليمنية "السعوديون أصبحوا بمفردهم.. لا أعتقد أنهم يعرفون كيف يخرجون.. يجب عليهم الاعتراف بأن حكومة هادي فشلت على مدى خمسة أعوام".

على السعوديين اتخاذ القرار

وقال النود إن الجنوبيين لن يقبلوا بعد الآن بتهميشهم، مضيفا "على السعوديين اتخاذ القرار: فهل يريدون الفوز في الحرب على الحوثيين؟ إذا كانوا يريدون ذلك فعليهم الاعتراف بنا، المجلس الانتقالي الجنوبي، في حكم الجنوب وإدارته حتى في الفترة الانتقالية".

ودعت الرياض إلى قمة طارئة حول عدن دون تحديد موعد. وقال محمد الحضرمي نائب وزير الخارجية في حكومة هادي لرويترز، الأربعاء، إنهم لن يحضروا ما لم تكف الإمارات عن دعم المقاتلين الانفصاليين في أعقاب "الانقلاب".

وأضاف أنهم لا يمكنهم الذهاب والاجتماع إذا ظل الانفصاليون يسيطرون على عدن ولم ينسحبوا من المواقع. 

أما النود، فقال إن لديه رسالة لولي العهد السعودي،مفادها: "أقول لمحمد بن سلمان: إذا كنت تريد فعلا الانتصار في الحرب فقد كان الجنوبيون شركاء ذوي مصداقية وبرهنوا على أن بإمكانهم التواصل بشكل بناء... لكنهم يحتاجون في المقابل الحفاظ على الجنوب نظيفا من هؤلاء المسؤولين الفاسدين المنتسبين للإصلاح".

وقال النود إن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة متأخرة كثيرا ومن الضروري أن تلحق بالتطورات.

وتواجه الأمم المتحدة صعوبات في تنفيذ اتفاق سلام متعثر في ميناء الحديدة الواقع إلى الشمال من عدن وتخفيف التوترات بين السعودية والحوثيين، لتمكين الأطراف من إجراء مباحثات سياسية لتشكيل حكومة انتقالية من أجل إنهاء الحرب.

وقال النود "أي موقع سلطة يجب أن يكون في أيدي الجنوبيين. يجب منح الجنوبيين السلطة لحكم أنفسهم ويجب أن يتواصل الجنوبيون كشريك كامل في عملية السلام".

وأضاف "مازال بإمكاننا أن نكون جزءا من اليمن ويمكن لهادي أن يظل رئيسا لكن لابد أن يحكم الجنوبيون الجنوب".

هل سينفصل الجنوب؟

يقول النود "أنا لا أحاول تحاشي القول إننا سننفصل لأن هذا احتمال حقيقي الآن"، مضيفا أن أحد الخيارات هو وجود حكومتين، واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب.