مجموعة من الانفصاليين الجنوبيين في عدن بتاريخ 10 أغسطس 2019
مجموعة من الانفصاليين الجنوبيين في عدن بتاريخ 10 أغسطس 2019

قالت ثلاثة مصادر يمنية إن رفض الانفصاليين في جنوب اليمن التخلي عن السيطرة على ميناء عدن، أدى إلى إرجاء قمة مزمعة لبحث إعادة تشكيل الحكومة اليمنية التي أطاح بها الحوثيون بحيث تضم انفصاليين وإنهاء الوضع المتوتر.

وكانت السعودية قد دعت لعقد الاجتماع بعد أن سيطرت قوات انفصالية في العاشر من أغسطس على معسكرات ومؤسسات أخرى تابعة للدولة في المدينة الساحلية الجنوبية التي تمثل المقر المؤقت لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية.

وأدت أزمة عدن إلى ظهور شروخ في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض ويحارب جماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء. وفي الوقت نفسه صعّد الحوثيون هجماتهم عبر الحدود مستهدفين البنية التحتية لصناعة النفط في المملكة.

وقال مسؤول يمني طلب عدم نشر اسمه "طُرح اقتراح تشكيل حكومة جديدة والتحالف يؤيده لكن ضم المجلس الانتقالي الجنوبي مرتبط بانسحابه الكامل أولا".

وقال المسؤول إن هادي، الذي لا يتمتع بقاعدة سلطة شخصية والذي فقد الحظوة لدى الإمارات عضو التحالف منذ فترة طويلة، قد يتم تحييده إذا ما اختير نائب جديد له.

وامتنع التحالف عن التعليق على الأمور غير العسكرية. ولم يرد رد من وزارتي الخارجية أو المكاتب الإعلامية الحكومية في السعودية والإمارات، حسب رويترز.

وقالت المصادر إن القوات الجنوبية التي تدعمها الإمارات ترفض حتى الآن الانسحاب من المعسكرات في الوقت الذي انسحبت فيه من المؤسسات الأخرى التابعة للدولة إذ أنها تعتقد أن ذلك سيضعف موقفها.

وقالت حكومة هادي إنها لن تشارك في المحادثات إلى أن ينتهي "الانقلاب".

ورغم أن للانفصاليين أهدافا مختلفة عن حكومة هادي، إذ يطالبون بالحكم الذاتي في الجنوب، فهم يشكلون جزءا من التحالف المدعوم من الغرب الذي تدخل في اليمن في مارس آذار 2015 لمحاربة جماعة الحوثي بعد أن أطاحت بهادي من السلطة في أواخر 2014.

وكشفت السيطرة على عدن عن خلافات بين السعودية والإمارات التي تساند آلاف المقاتلين الجنوبيين. ودعت أبوظبي، التي تقول إن التحالف مازال قويا، إلى الحوار لكنها لم تطلب من الانفصاليين التخلي عما حققوه من مكاسب.

وكانت الإمارات قلصت وجودها في اليمن في يونيو الماضي وسط ضغوط غربية لإنهاء الحرب ومع تزايد التوترات مع إيران الأمر الذي هدد الأمن في منطقة أقرب إلى أراضيها. وقالت أبوظبي إنه يجب أن يتحول الاهتمام من الوسائل العسكرية إلى الحل السياسي.

وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية السبت إن "توحيد الصفوف وتعزيز أداء الحكومة (اليمنية) ضروري في المرحلة القادمة".

وتريد السعودية منع إيران من تأسيس نفوذ لها قرب حدودها وذلك عن طريق تحييد الحوثيين.

سيول اجتاحت مناطق مختلفة في اليمن - أرشيفية
سيول اجتاحت مناطق في اليمن - أرشيفية

قرب منزله المهدّم، يبكي أبو إبراهيم ابنه وأحفاده السبعة الذين قضوا جراء فيضانات ضربت مؤخرا اليمن، حيث تتسبب الأمطار "غير المسبوقة" في زيادة البؤس في بلد فقير مزقته الحرب.

يشير الرجل الذي غزا الشيب لحيته، إلى جدران منهارة، هي كلّ ما تبقى من المنزل الجبليّ الذي اجتاحته سيول عارمة، ويحاول حبس دموعه وهو يستذكر انهيار منزل ابنه.

ويقول أبو ابراهيم الذي يعيش على مقربة من المكان مع زوجته، لوكالة فرانس برس: "كنا نسمع أصوات الانهيارات والأمطار بكثافة. بعد ذلك، رأت زوجتي أن منزل إبراهيم لم يعد موجودا، فصرخت بصوت عالٍ: إبراهيم جرفته السيول هو وأولاده".

وليست هذه العائلة الوحيدة التي قضت أو تشرّدت بسبب الأمطار الموسمية هذا العام، التي يقول خبراء إنها تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة التغيّر المناخي.

وقُتل نحو 100 شخص في أنحاء اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا الى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.

وفي نهاية أغسطس، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت غربي اليمن، مما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصا، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الذي أشار إلى أن عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة، مما أرغم 215 عائلة على النزوح.

وكان 60 شخصا قد لقوا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو، حسب الأمم المتحدة.

وأثّرت الأمطار والسيول على أكثر من 560 ألف شخص في أنحاء البلاد منذ أواخر يوليو، وفق المنظمة الدولية للهجرة، التي أطلقت نداء عاجلا لجمع 13,3 مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين.

وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، مات هوبر، إن "حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي".

وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت "غير مسبوقة"، حسب هوبر.

ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددا من سكانها.

ويقول عبدالله الملحاني، وهو جار إبراهيم المحويتي الذي قضى مع أبنائه: "سمعنا أصوات الانهيارات من الجبال".

ويستذكر كيف سأله أبو إبراهيم عما إذا كان قد رأى ابنه وأولاده، فقال: "خرجنا ولم نجد أحدا، اختفوا جميعا. جرفتهم السيول والصخور".

وكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على منصة "إكس"، أن إيصال المساعدات للمتضررين كان "شبه مستحيل" بسبب "الطرق المتضررة والعائمة"، مرفقا المنشور بصور تُظهر جِمالا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.

وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر، وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق.

ويعاني أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية أصلا من زيادة معدلات سوء التغذية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا اندلع مع سيطرة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. 

وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية، مما فاقم النزاع الذي أوقع مئات آلاف القتلى. وأدّت الحرب إلى إغراق البلاد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، من أن الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن "تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات (متساقطات) غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم".

وأشار الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، كريم الجندي، إلى أن "تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع، يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ".

وقال خبير المناخ لفرانس برس: "واقعة تساقط أمطار أكثر غزارة مقرونة ببلد غير مستقر نتيجة الحرب، يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، مما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات".