جنود على ظهر دبابة سعودية باتجاه ميناء عدن جنوب اليمن - أرشيفية
جنود على ظهر دبابة سعودية باتجاه ميناء عدن جنوب اليمن - أرشيفية

نشرت السعودية مزيدا من القوات في جنوب اليمن، ضمن محاولة لاحتواء اشتباكات بين طرفين يفترض أنهما عضوان في التحالف العسكري الذي تقوده المملكة لقتال المتمردين الحوثيين.

وفتح القتال للسيطرة على الجنوب جبهة جديدة، تتركز حول مدينة عدن الساحلية، في الحرب متعددة الأطراف التي أودت بحياة عشرات الآلاف ودفعت اليمن إلى شفا مجاعة.

وقال مسؤولان محليان إن قوات سعودية ومركبات عسكرية وصلت مطلع الأسبوع إلى عاصمة محافظة شبوة المنتجة للنفط حيث يقاتل انفصاليون تدعمهم الإمارات قوات الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، وفقا لما نقلته رويترز.

والطرفان جزء من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات وتدخل في اليمن في مارس 2015 لقتال الحوثيين، الذين أخرجوا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من العاصمة صنعاء عام 2014.

مؤيدون للانفصاليين جنوب اليمن بتاريخ 10 أغسطس 2019

لكن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لإعادة جمهورية اليمن الجنوبية السابقة، انقلب على الحكومة في أوائل أغسطس وسيطر على عدن المقر المؤقت لحكومة هادي.

وتستمر المحاولات منذ ذلك الحين لمد نطاق سيطرة المجلس إلى محافظتي أبين وشبوة القريبتين حيث وقعت اشتباكات مرارا مع قوات الحكومة.

مزيد من القوات في شبوة

​​

 

وعززت المملكة مواقعها في شبوة وعدن، فيما دعت الرياض إلى محادثات لحل الأزمة وتحاول أن تعيد تركيز التحالف المدعوم من الغرب على قتال الحوثيين الذين كثفوا الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على المدن السعودية.

وقال العقيد تركي المالكي المتحدث باسم التحالف، الاثنين، إن القوات السعودية وصلت إلى شبوة "للعمل على خفض التصعيد ووقف النار".

وأضاف أن "كافة الأطراف اليمنية عملت على تلبية دعوة التهدئة".

ودعت المملكة أيضا إلى قمة في جدة لنزع فتيل التوتر. وقال متحدث إن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وصل إلى المدينة السعودية المطلة على البحر الأحمر الثلاثاء للقاء مسؤولين يمنيين وسعوديين.

قوات تابعة للمجلس الانتقالي في ضواحي أبين

 

خنادق وأنفاق

​​

 

أما الإمارات، الشريك الرئيسي للسعودية في التحالف العسكري، فقد تدخلت علنا نيابة عن المجلس الانتقالي الجنوبي الأسبوع الماضي بقصف قوات الحكومة التي كانت تحاول استعادة السيطرة على عدن مما أجبرها على التقهقر.

وقال شهود، الثلاثاء، إن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي أرسلت تعزيزات كذلك إلى عدن واستدعت مقاتلين كانت تنشرهم على مشارف مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها الحوثيون في الغرب.

وأضاف الشهود أن المقاتلين حفروا أنفاقا وخنادق على أطراف عدن وأغلقوا طرقا رئيسية تؤدي إلى خارج المدينة لمنع قوات الحكومة من استعادتها.

وتقدم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتهم حكومة هادي بسوء الإدارة، صوب عدن بعد أن قلصت الإمارات وجودها العسكري في اليمن في يونيو تحت ضغوط غربية متزايدة لإنهاء الحرب.

اتهامات للتحالف بقتل مدنيين

​​

 

وفي وقت سابق هذا الأسبوع قصفت طائرات التحالف سجنا في جنوب غرب اليمن وقتلت أكثر من مائة شخص. وطلبت الأمم المتحدة فتح تحقيق، لكن التحالف أكد أنه قصف مستودع سلاح تابعا للحوثيين.

وعبر تشارلز جاراواي، عضو في لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة تضم خبراء في مجال حقوق الإنسان، عن قلقه يوم الثلاثاء بشأن القتال في الجنوب.

وأضاف جاراواي "يثير هذا مجددا قلقنا من أن أطراف الصراع أنفسها تبدو غير قادرة حتى على الاتفاق فيما بينها بشأن السبيل للمضي قدما".

واتهم تقرير من اللجنة التحالف بقتل مدنيين في ضربات جوية وحرمانهم من الطعام عن عمد في بلد يواجه خطر المجاعة. وأضاف أن الحوثيين بدورهم قصفوا مدنا وجندوا أطفالا واستخدموا "أسلوب حرب شبيها بالحصار".

إيران تزود الحوثيين بالوقود والسلاح
تعمل المنظمات الأممية ومنظمات إنسانية أخرى لمساعدة المدنيين في اليمن

أعربت وكالات أممية ومنظمات غير حكومية، السبت، عن "قلق بالغ" إزاء إحالة الحوثيين عددا كبيرا من موظفيها المحتجزين لديهم "تعسفا على النيابة الجزائية"، مجددة الدعوة للإفراج عنهم فورا.

ويعتقل الحوثيون عشرات الموظفين في الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى، معظمهم منذ يونيو الماضي، قائلين إنهم أعضاء في "شبكة تجسس أميركية إسرائيلية"، وهي تهمة تنفيها الأمم المتحدة.

وجاء في بيان صادر عن رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية: "يساورنا قلق بالغ إزاء ما ورد بشأن إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية لعدد كبير من الزملاء المحتجزين تعسفا على +النيابة الجزائية+".

ولم يصدر عن سلطات الحوثيين المدعومين من إيران، أي إعلان في هذا الصدد.

ومن بين موقعي البيان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس والمديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أودري أزولاي ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك والمدير التنفيذي لمنظمة "أوكسفام" الدولية أميتاب بيهار.

وفي يونيو الماضي، اعتقل الحوثيون 13 موظفا في الأمم المتحدة، بينهم ستة يعملون في مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العاصمة اليمنية صنعاء، إضافة إلى أكثر من 50 موظفا في منظمات غير حكومية وآخر في سفارة، بحسب الأمم المتحدة. 

ويقول الحوثيون إنهم اعتقلوا أعضاء في "شبكة تجسس أميركية إسرائيلية" يعملون تحت ستار منظمات إنسانية، وهي تهمة نفتها الأمم المتحدة بشكل قاطع.

وهناك موظفان في مكتب المفوضية محتجزان في مكان مجهول، أحدهما منذ نوفمبر 2021 والآخر منذ أغسطس 2023.

ومطلع أغسطس، اقتحم الحوثيون مكتب المفوضية وصادروا مفاتيحه واستولوا على وثائق وممتلكات، قبل أن يسلّموه في وقت لاحق من الشهر نفسه.

وجدد موقعو البيان نداءهم "العاجل للإفراج الفوري وغير المشروط" عن جميع الموظفين المحتجزين.

ويعتبر عمل الوكالات الإنسانية أساسيا في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، إذ يعول أكثر من نصف اليمنيين البالغ عددهم حوالى 30 مليون نسمة على المساعدات.

واندلع النزاع في اليمن في 2014 مع سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية التي اتخذت من عدن (جنوب) مقرا موقتا لها، ما فاقم النزاع الذي أسفر عن مئات آلاف القتلى وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر.