عمال إغاثة يبحثون عن ناجين في ركام مركز احتجاز تابع للحوثيين بعد تعرضه للقصف من قبل التحالف بقيادة السعودية
عمال إغاثة يبحثون عن ناجين في ركام مركز احتجاز تابع للحوثيين بعد تعرضه للقصف من قبل التحالف بقيادة السعودية

قال مسعفون يمنيون إنهم انتشلوا ما لا يقل عن 130 جثة من تحت أنقاض مركز احتجاز يديره الحوثيون وتعرض للقصف في وقت سابق من هذا الشهر في غارة جوية شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية جنوب غرب البلاد.

وذكر الناطق بلسان الهلال الأحمر اليمني بشير الدوراني أن جهود البحث مستمرة السبت لانتشال المزيد من الجثث في المركز الذي يقع في محافظة ذمار.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تتفقد مراكز الاحتجاز في إطار مهمتها العالمية، قد ذكرت في وقت سابق من هذا الأسبوع أن 40 جريحا يعالجون من إصابات مختلفة، فيما يعتقد أن البقية قضوا في القصف، وأن انتشال جميع الجثث قد يستغرق أياما.

والمحتجزون هم أسرى من القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومن المدنيين الذين اعتقلهم الحوثيون خلال السنوات الأخيرة، ووضعوهم في مجمع مبان كان جزءا من كلية مجتمعية قبل أن يحولوها إلى مركز احتجاز، وهو واحد من عشرات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وكان التحالف الذي تقوده السعودية قال إنه قصف "هدفا عسكريا مشروعا"، وألقى باللائمة على الحوثيين المدعومين من إيران لاستخدامهم الكلية السابقة كمركز اعتقال لليمنيين المختفين قسرا.

وواجه التحالف الذي تقوده السعودية انتقادات دولية بسبب الغارات الجوية التي استهدفت المدارس والمستشفيات وحفلات الزفاف، مما أسفر عن مقتل الآلاف من المدنيين.

واندلعت الحرب الأهلية في اليمن عام 2014 عندما اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء، ومعظم شمال البلاد. وتدخل التحالف الذي تقوده السعودية وتشارك فيه دول عربية في مارس 2015 في محاولة لإعادة حكومة الرئيس المعترف بها دوليا من الرئيس منصور عبد ربه هادي إلى السلطة.

 وأسفر القتال عن مقتل أكثر من 94 ألف شخص، بينهم أكثر من 16000 شخص عام 2019، وفقا لمشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، الذي يراقب الحرب.

لم يعلق الحوثي على الضربة التي أودت بحياة 3 جنود بحرينيين ضمن التحالف العربي
لم يعلق الحوثي على الضربة التي أودت بحياة 3 جنود بحرينيين ضمن التحالف العربي

عندما اتفقت السعودية وإيران على إعادة علاقاتهما الدبلوماسية خلال وقت سابق من العام الحالي، تعززت الآمال بالتوصل لسلام في اليمن، الغارق في حرب مدمرة، قبل أن تعلن البحرين مؤخرا مقتل 3 من أفراد جيشها في هجوم نُسب إلى الحوثيين.

وخلال الأسابيع الماضية، تقدمت المفاوضات بين السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن، وجماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ 2014.

وخلال أبريل، توجه السفير السعودي لدى اليمن، محمد الجابر، إلى صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، فيما وصفه بأنه مسعى لـ "تثبيت" الهدنة التي تم التوصل إليها برعاية أممية، منذ العام الماضي.

وفي هذا الشهر، أجرى مسؤولون حوثيون محادثات في الرياض طيلة 5 أيام، في أول زيارة علنية لوفد حوثي إلى السعودية منذ اندلاع الحرب عام 2015.

وبصورة مفاجئة، الإثنين، أعلنت المنامة مقتل 3 أفراد من جيشها، ومن بينهم ضابط، بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في هجوم اتهمت المملكة الخليجية الصغيرة، الحوثيين بشنه بواسطة طائرات مسيرة، واستهدف مواقع قوة دفاع البحرين جنوب السعودية.

"مناوشات منخفضة المستوى"

وقال زميل أبحاث سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حسن الحسن، إن هذه الضربة "هي الأخيرة في سلسلة مستمرة من المناوشات منخفضة المستوى، التي ما زالت تدور" بين قوات التحالف والحوثيين.

وفي حديثه لموقع قناة "الحرة"، قال الحسن إن الهجوم جاء "رغم انخراط الطرفين في محادثات ترمي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة شاملة ووضع حد للنزاع، وُصفت بالإيجابية، كان آخرها زيارة وفد الجماعة إلى الرياض".

والبحرين، المجاورة للسعودية، عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ عام 2015 دعما للحكومة اليمنية، ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

في حديثه لموقع "الحرة"، قال المحلل السياسي والعسكري السعودي، محمد الحربي، إن هذا "هجوم غادر ومؤسف"؛ لأنه جاء "في ظل وجود استراتيجية متقدمة للسلام من قبل السعودية، التي تقود مسارا شاملا للحل في اليمن".

واستنكرت السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة، الهجوم الذي نسبته واشنطن ولندن والمنامة فقط إلى الحوثيين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، كما لم يصدر عن الحوثيين أي تعليق.

وفي زيارة لملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، إلى مقر القيادة الرئيسي للجيش بعد يوم من الهجوم، "تمت الإشارة خلال الاجتماع إلى أنه إذا كان الحوثيون يستنكرون من قام بهذا العمل الإجرامي الغادر خلال سريان الهدنة الأممية، فمن الواجب عليهم القبض عليهم وتسليمهم لنا أو للتحالف العربي، ليأخذ القانون مجراه بحقهم، وعليهم مراعاة مصالح الجمهورية اليمنية الشقيقة في المنطقة"، حسبما ذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).

وفي هذا الإطار، قالت أستاذة العلوم السياسية اليمنية المقيمة في سويسرا، إلهام مانع، "إن الهجوم قد يكون مرتبطا برسالة حوثية إلى السعودية، للضغط عليها في المفاوضات والحصول على تنازلات أكثر".

وفي حديثها لموقع "الحرة"، أضافت مانع أن "التفسير المحتمل الآخر للضربة، إن كان الحوثي يقف وراءها، فهو يتمثل في مدى قدرة الحركة على السيطرة على الجزء الشمالي من اليمن".

وتابعت: "سيطرة الحركة في المناطق الشمالية قائمة على خطاب قومي متعلق بالحرب، وغياب هذا العامل قد يمثل تعقيدات في المشهد بالنسبة للحوثي، مما يؤدي إلى خلخلة سيطرة الحركة داخل المناطق الشمالية".

"رغبة في استمرار المحادثات"

وفي قراءته لدلالات الهجوم، قال الحربي: "ربما هناك انقسام بين الأجنحة السياسية والأجنحة الثورية لدى الحوثيين، أو أن هناك فعلا انتهازيون منتفعون من زخم الحرب ويريدون استمرارها".

وفي سياق متصل، يزور وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، المنامة، الخميس، في رحلة لم يتم الإعلان عنها مسبقا، جاءت بعد أن تلقى ملك البحرين اتصالا هاتفيا من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في أعقاب الهجوم.

وقال الحربي إن الزيارة ستتناول "بكل تأكيد" هذا الموضوع، على اعتبار أن "موقف السعودية دائما يدعم البحرين، التي تعد جزءا من التحالف".

وفي اليمن، تراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في أبريل 2022. ولا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير، حتى بعد انتهاء مفاعيلها في أكتوبر 2022.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في مؤتمر صحفي: "هذا الهجوم غير المبرر يهدد أطول فترة من الهدوء منذ بدء الحرب في اليمن".

وقال الحربي إن الهجوم جاء في "ظل وجود استراتيجية متقدمة للسلام من قبل السعودية التي تقود مسارا شاملا للحل في اليمن"، معتبرا أنه الىن أصبحت "السيناريوهات مفتوحة على مصراعيها" جراء هذا الهجوم.

وفي وقت يعتقد فيه الحربي أن "الضربة قد تكون مؤثرة على سير المفاوضات" بين السعودية والجماعة الموالية لإيران، يستبعد الحسن ذلك السيناريو.

وقال الحسن: "إن عدم تبني جماعة أنصار الله للهجوم من ناحية، وعدم تحميل قوات التحالف لقيادة الجماعة المسؤولية عن الهجوم، ونسبته عوضا عن ذلك إلى بعض العناصر التابعة للحوثيين من ناحية أخرى، يشير إلى رغبة الطرفين في الاستمرار في المباحثات، وعدم العودة إلى المواجهة المفتوحة على الرغم من الخروقات".