صورة نشرتها الإدارة الأميركية لمواقع الهجمات التي أصابت منشأتي تابعتين لأرامكو السعودية
صورة نشرتها الإدارة الأميركية لمواقع الهجمات التي أصابت منشأتي تابعتين لأرامكو السعودية

قال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن حجم وتعقيد الهجمات التي أطلقت على المنشآت السعودية يتخطى أي قدرات قد عسكرية أظهرها الحوثيين في اليمن سابقا، كما يرى محللون عسكريون درسوا حرب اليمن.

وكان مسؤولون أميركيون قد نشروا صورا التقطت بالأقمار الصناعية، تظهر 17 أثرا تفجيريا على منشأتين سعوديتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو، بالرغم من أن بعض هذه الأسلحة لم تصب أهدافها.

وبالرغم من أن الحوثيين قد استخدموا دائما الطائرات المسيرة (الدرونز) للهجوم على السعودية، فقد اعتمدوا على طائرات رخيصة الثمن، وصغيرة، وبطيئة مثل "صمد 3"، والتي لا تستطيع اختراق الدفاعات السعودية والوصول للأهداف، بنفس دقة وتنسيق الهجمات الأخيرة.

وفي الآونة الأخيرة، استخدم الحوثيون طائرات مسيرة أكثر تطورا مثل "قدس 1"، والتي توصف بأنها صاروخ كروز صغير أو طائرة درون كبيرة تحمل ذخيرة تشبه التي تركب في صواريخ الكروز.

وقد استخدم الحوثيون "قدس 1" في الهجوم على مطار أبها السعودي جنوب البلاد قبل شهور قليلة وفقا لمحللين.

لكن يفتقد "قدس 1" إلى المدى كي يصل إلى المنشآت النفطية السعودية انطلاقا من شمال اليمن.

وأضاف تقرير الصحيفة الأميركية، أن حجم ودقة ومدى الهجمات الأخيرة، بما في ذلك القدرة على اختراق الدفاعات الجوية السعودية وتفادي العقبات الممثلة في خطوط الطاقة وأبراج الاتصالات، تتخطى بكثير أي عمل عسكري قام به الحوثيون من قبل.

الحرس الثوري يدرب الحوثيين

​​

 

 

رغم ذلك، يرى بعض الخبراء الأمنيين أن الحوثيين استطاعوا تحسين طائراتهم المسيرة وصواريخ الكروز، بمساعدة من قبل إيران كما يقول مسؤولون أميركيون.

وقد درب الحرس الثوري الإيراني ميليشيات في المنطقة، من لبنان إلى اليمن، على استخدام الطائرات المسيرة في حرب أكثر تعقيدا.

وقد بدأت إيران في تدريب الحوثيين على استخدام تكنولوجيا الطائرات المسيرة، من خلال جلب مجموعات إلى إيران لإتقان مهارة التجميع وقيادة وإصلاح الطائرات المسيرة.

وتظهر صور الأقمار الصناعية التابعة لشركة "بلانت لابز"، النمط الثابت في الضربات الصاروخية على المنشآت السعودية النفطية والقادم من نفس الاتجاه، في إشارة إلى دقة الهجمات.

وبالرغم من عدم تصريح المسؤولين الأميركيين بموقع انطلاق الهجمات، فإن صور الأقمار الصناعية تظهر أن الهجمات كانت قادمة من الشمال أو الشمال الغربي، أي من اتجاه إيران والعراق، وليس اليمن.

لكن بعض صور الأقمار الصناعية التي صدرت الأحد لم تكن حاسمة بشكل كاف، إذ تظهر أضرار من الجانب الغربي للمنشآت، وليس من اتجاه إيران والعراق.

ويقول التقرير إن كانت آثار التفجيرات قد أشارت إلى أن الصواريخ أو الدرونز قادمة من العراق أو إيران، فإن هذا لا يحدد موقع إطلاقها، إذ يمكن برمجة صواريخ الكروز على تغيير مسارها.

وانتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر بقايا صاروخ من التي أطلقت على أرامكو، والتي يرى محللون عسكريون أنها جزء من صاروخ "قدس 1"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

صورة لبقايا صاروخ انتشرت عبر مواقع التواصل يقول محللون أنها بقايا صاروخ "قدس 1"

وفي حال إثبات أن الصورة مرتبطة بالهجوم الأخير، فإن هذا يرجح عدم انطلاق الهجوم من اليمن، لأن صاروخ "قدس 1" ليس لديه المدى الكافي للوصول للمنشآت السعودية انطلاقا من اليمن، كما يرى المحلل فابيان هينز من مركز جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار النووي.

المدمرة كارني، ومقرها في المحطة البحرية مايبورت بولاية فلوريدا، واحدة من أقدم المدمرات التابعة للبحرية الأميركية
المدمرة كارني، ومقرها في المحطة البحرية مايبورت بولاية فلوريدا، واحدة من أقدم المدمرات التابعة للبحرية الأميركية | Source: us navy

يوم الأربعاء الماضي، أعلن البنتاغون أن المدمرة كارني أسقطت أثناء إبحارها في جنوب البحر الأحمر طائرة مسيرة إيرانية الصنع أطلقت من منطقة في اليمن يسيطر عليها المتمردون الحوثيون الموالون لطهران.

وقع الحادث قرابة الساعة 11,00 بتوقيت صنعاء عندما كانت طائرة بدون طيار إيرانية الصُنع من طراز كاس-04 متجهة نحو السفينة الحربية، وفقا للقيادة العسكرية الأميركية الوسطى "سنتكوم".

قبل ذلك وبالتحديد في الـ19 من أكتوبر أسقطت ذات المدمرة، المزودة بصواريخ موجهة، ثلاثة صواريخ أرض-أرض ومسيرات عدة أطلقها الحوثيون في اليمن "ويحتمل أنها كانت موجهة إلى أهداف في إسرائيل"، على ما أعلن البنتاغون.

وصلت المدمرة "يو إس إس كارني" إلى المنطقة بعد أيام من تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط وبدأت بإطلاق دوريات في البحر الأحمر في إطار تعزيز الوجود العسكري الأميركي بموجب أوامر الرئيس جو بايدن للحفاظ على الاستقرار في ظل الحرب بين اسرائيل وحماس في قطاع غزة.

كيف تصدت للأهداف المعادية؟

تعد المدمرة كارني، ومقرها في المحطة البحرية مايبورت بولاية فلوريدا، واحدة من أقدم المدمرات التابعة للبحرية الأميركية، وهي السفينة الرابعة عشرة من فئتها، التي تم تشغيلها في عام 1996. 

منذ ذلك الحين تم تجهيزها بأنظمة دفاع ضد الصواريخ الباليستية وأنظمة دفاع جوي متطورة.

أحد هذه الأنظمة يدعى "Aegis Combat System" وهو نظام رقمي متطور للقيادة والتحكم الشبكي يربط بين أجهزة الاستشعار وأنظمة الأسلحة الخاصة بالسفينة. 

يتكون النظام من مستشعر رئيسي عبارة عن رادار بحث جوي من طراز "SPY-1" ويمثل "عين النظام" حيث يمكّن السفينة من اكتشاف الأهداف الجوية وتحديدها وتتبعها والاشتباك معها وتمرير بيانات المسار إلى الوحدات الأخرى. 

يرتبط بالرادار أربع مستشعرات موضوعة في أماكن مختلفة على المدمرة وتوفر تغطية شاملة بزاوية 360 درجة.

يمكن للرادار اكتشاف أهداف صغيرة يصل حجمها لحجم كرة غولف من على بعد نحو 164 كيلومترا وكذلك تتبع أكثر من 100 هدف قادم.

بعد اكتشاف الهدف يعمل نظام "Aegis Combat System" مع أنظمة أخرى لاعتراضه ومنها نظام الإطلاق العمودي "Mk41" الذي يمتلك القدرة على إطلاق سريع لمجموعة من الصواريخ للتعامل مع العديد من الصواريخ القادمة بقدرة أكبر بكثير من القاذفات الأحادية أو مزدوجة الذراع.

عند اكتشاف الهدف المعادي يطلق النظام الدفاعي صاروخ أرض جو من طراز "RIM-66 Standard SM-2" لاعتراضها وهو ما حصل بالفعل مع الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية.

يجري تحديث نظام "Aegis Combat System"، الذي دخل الخدمة في الثمانينات، بشكل مستمر لمواكبة التهديدات المتطورة وهو قادر على شن عمليات هجومية ودفاعية في آن واحد.