Spokesman of the Saudi-led military coalition Colonel Turki al-Maliki speaks during a press conference in the Saudi capital…
الحرب في اليمن مستمرة منذ 5 سنوات

قال مراسل قناة الحرة في صنعاء، إن دوي انفجارين عنيفين سمع ليل الأربعاء في العاصمة اليمنية صنعاء، إثر غارتين لطيران التحالف الذي تقوده السعودية، استهدفت الأولى مطار صنعاء الدولي شمالي العاصمة، والثانية جنوبي صنعاء.

وأغار طيران التحالف على وادي ظهر بمحافظة صنعاء ومديرية حرف سفيان في محافظة عمران.

التحالف شن أيضا غارتين أخريين، وألقى قنابل ضوئية على منطقة الأعروش بمديرية خولان الطيال شمالي صنعاء.

ولايزال التحليق مستمراً فوق سماء صنعاء حتى لحظة كتابة هذا التقرير، وفق مراسل قناة الحرة من صنعاء.

ويأتي القصف بعد نحو أسبوعين من هدنة أعلنتها الرياض من جانب واحد للسماح بتركيز الجهود على مواجهة كوفيد-19، لكن المتمردين الحوثيين اعتبروها مناورة سياسية وإعلامية، متّهمين التحالف بقيادة المملكة بمواصلة العلميات العسكرية.

وبعد ساعات من الصمت، قال المتحدث باسم الحوثيين المدعومين من إيران محمد عبد السلام في تصريح صحفي إنّ "إطلاق النار لم يتوقف (...) منذ إعلان الهدنة".

وأضاف "نعتبر أن وقف إطلاق النار المعلن هو مناورة سياسية وإعلامية هدفها تلميع الموقف السعودي خاصة في هذه اللحظة الحرجة التي يعيشها العالم في مواجهة وباء كورونا" المستجد.

وحضّت الولايات المتحدة الحوثيين على الاستجابة لوقف إطلاق النار الذي أعلنته السعودية. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان نقلته وكالة فرنس برس في 9  أبريل الجاري، "نحضّ الحوثيين على الاستجابة بالمثل لمبادرة التحالف"، معتبراً أنّ "الإعلان ردٌّ بنّاء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للأطراف للتركيز على مكافحة جائحة كوفيد-19".

ومع إعلان اليمن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد، يلفت خبراء الصحة العالمية إلى أن البلاد تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ويشهد اليمن نزاعا مسلّحا على السلطة منذ 2014، حين سيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء وانطلقوا نحو مناطق أخرى، قبل أن تتصاعد حدّة المعارك مع تدخّل السعودية على رأس التحالف في مارس 2015 دعماً للحكومة في مواجهة الحوثيين.

وقُتل في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية منذ بدء عمليات التحالف آلاف المدنيين، فيما انهار قطاعها الصحي، وسط معاناة من نقص حاد في الأدوية، ومن انتشار أمراض وأوبئة كالكوليرا الذي تسبّب بوفاة مئات الأشخاص، في وقت يعيش فيه ملايين السكان على حافّة المجاعة.

ويعيش أكثر من 3,3 ملايين نازح في مدارس ومخيّمات تتفشى فيها الأمراض بفعل شحّ المياه النظيفة.

سيول اجتاحت مناطق مختلفة في اليمن - أرشيفية
سيول اجتاحت مناطق في اليمن - أرشيفية

قرب منزله المهدّم، يبكي أبو إبراهيم ابنه وأحفاده السبعة الذين قضوا جراء فيضانات ضربت مؤخرا اليمن، حيث تتسبب الأمطار "غير المسبوقة" في زيادة البؤس في بلد فقير مزقته الحرب.

يشير الرجل الذي غزا الشيب لحيته، إلى جدران منهارة، هي كلّ ما تبقى من المنزل الجبليّ الذي اجتاحته سيول عارمة، ويحاول حبس دموعه وهو يستذكر انهيار منزل ابنه.

ويقول أبو ابراهيم الذي يعيش على مقربة من المكان مع زوجته، لوكالة فرانس برس: "كنا نسمع أصوات الانهيارات والأمطار بكثافة. بعد ذلك، رأت زوجتي أن منزل إبراهيم لم يعد موجودا، فصرخت بصوت عالٍ: إبراهيم جرفته السيول هو وأولاده".

وليست هذه العائلة الوحيدة التي قضت أو تشرّدت بسبب الأمطار الموسمية هذا العام، التي يقول خبراء إنها تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة التغيّر المناخي.

وقُتل نحو 100 شخص في أنحاء اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا الى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.

وفي نهاية أغسطس، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت غربي اليمن، مما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصا، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الذي أشار إلى أن عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة، مما أرغم 215 عائلة على النزوح.

وكان 60 شخصا قد لقوا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو، حسب الأمم المتحدة.

وأثّرت الأمطار والسيول على أكثر من 560 ألف شخص في أنحاء البلاد منذ أواخر يوليو، وفق المنظمة الدولية للهجرة، التي أطلقت نداء عاجلا لجمع 13,3 مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين.

وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، مات هوبر، إن "حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي".

وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت "غير مسبوقة"، حسب هوبر.

ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددا من سكانها.

ويقول عبدالله الملحاني، وهو جار إبراهيم المحويتي الذي قضى مع أبنائه: "سمعنا أصوات الانهيارات من الجبال".

ويستذكر كيف سأله أبو إبراهيم عما إذا كان قد رأى ابنه وأولاده، فقال: "خرجنا ولم نجد أحدا، اختفوا جميعا. جرفتهم السيول والصخور".

وكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على منصة "إكس"، أن إيصال المساعدات للمتضررين كان "شبه مستحيل" بسبب "الطرق المتضررة والعائمة"، مرفقا المنشور بصور تُظهر جِمالا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.

وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر، وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق.

ويعاني أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية أصلا من زيادة معدلات سوء التغذية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا اندلع مع سيطرة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. 

وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية، مما فاقم النزاع الذي أوقع مئات آلاف القتلى. وأدّت الحرب إلى إغراق البلاد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، من أن الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن "تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات (متساقطات) غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم".

وأشار الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، كريم الجندي، إلى أن "تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع، يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ".

وقال خبير المناخ لفرانس برس: "واقعة تساقط أمطار أكثر غزارة مقرونة ببلد غير مستقر نتيجة الحرب، يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، مما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات".