جماعة الحوثي اليمنية توعدت باستهداف السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي في البحر الأحمر
جماعة الحوثي اليمنية توعدت باستهداف السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي في البحر الأحمر

اعتبر خبراء أن  احتجاز  الحوثيين سفينة شحن في البحر الأحمر، الأحد، يعد مرحلة ثانية من التصعيد من جانب الجماعة الموالية لإيران، لاسيما أن هذه الخطوة تأتي بعد عمليات إطلاق صواريخ طويلة المدى وطائرات مسيرة من اليمن على إسرائيل على خلفية الحرب في غزة.

وسارعت إيران إلى نفي اتهامات إسرائيلية بتورط الجمهورية الإسلامية في احتجاز الحوثيين للسفينة الشحن المملوكة لبريطانيين، وتشغلها شركة يابانية في جنوب البحر الأحمر.

وقال كنعاني "قلنا عدة مرات إن حركات المقاومة (في إشارة إلى الجماعات المرتبطة بطهران) في المنطقة تتصرف بشكل مستقل ومن تلقاء نفسها بناء على مصالحها ومصالح شعوبها".

وأثارت عملية احتجاز السفينة مخاوف من توسع رقعة النزاع في المنطقة، وتهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وأكد كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، هيروكازو ماتسونو، الاثنين، الاستيلاء على السفينة "غالاكسي ليدر"، التي تديرها شركة نيبون يوسين.

و"غالاكسي ليدر" تعود ملكيتها إلى شركة مقرها جزيرة مان، تدعى "راي كار كاريرز"، وهي وحدة تابعة لشركة "راي شيبينغ" المسجلة في تل أبيب.

وترتبط السفينة المختطفة "غالاكسي ليدر" برجل الأعمال الإسرائيلي، أبراهام رامي أونغار، بحسب وكالة "فرانس برس"، التي أشارت إلى أن سفينة تابعة له تعرضت في فبراير 2021 لاستهداف في خليج عمان من مجموعات موالية لإيران أيضًا.

تصعيد أكبر؟

واعتبر مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، أن الخطوة التي أقدم عليها الحوثيون هي "تصعيد مختلف وخطوة تالية من خطوات التصعيد منذ الحرب في غزة، بعدما كان هناك استهداف رمزي لإسرائيل بالصواريخ والمسيّرات".

وأضاف في تصريحات لموقع الحرة، أن قدرات الحوثيين الأكبر تكمن "في تأثيرهم على حركة الملاحة في البحر الأحمر"، موضحا أنه منذ اندلاع الحرب في غزة "باتوا تهديدا نشطا، وبدأوا بما هو سهل بالنسبة لهم وهو استهداف حركة التجارة المدنية، ولكن يظل بإمكانهم الوصول لمستوى أبعد".

وأوضح أن الحوثيين منذ عام 2016 تمكنوا من استهداف عدد من القطع العسكرية.

الحوثيون يخطفون سفينة مرتبطة برجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر
اليابان تناشد 3 دول التوسط لإنقاذ طاقم السفينة المحتجزة لدى الحوثيين
ناشد كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، الاثنين، السعودية وعُمان وإيران التواصل مباشرة مع الحوثيين للإفراج عن طاقم السفينة التجارية المرتبطة برجل أعمال إسرائيلي والتي خطفها المتمردون الحوثيون في البحر الأحمر، بعد أيام من تهديدهم باستهداف السفن الإسرائيلية، في تصعيد جديد لهجماتهم ضد إسرائيل ردًا على حربها على غزة.

من جانبها، أكدت الولايات المتحدة، الخميس، انها تحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين على أي تهديد يستهدف قواتها.

وصرحت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، سابرينا سينغ، بتلك الكلمات في أعقاب إسقاط سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية، طائرة مسيرة انطلقت من اليمن، في البحر الأحمر.

وهذه المرة الثانية التي تسقط فيها الولايات المتحدة مقذوفات بالقرب من سفنها الحربية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، حيث اعترضت سفينة حربية أميركية أخرى الشهر الماضي أربعة صواريخ كروز و15 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل.

ويمتلك الحوثيون أدوات يمكنهم استخدامها مثل "الألغام البحرية والصواريخ المضادة للسفن"، بحسب المذحجي.

ورأى الخبير العسكري، ناجي ملاعب، أن الخطوة الحوثية جاءت بسبب "عدم الرد الأميركي على ما تقوم به الجماعة من إطلاق صواريخ نحو إسرائيل، ما شجعها على التوسع في دعمها للفلسطينيين وتنفيذ تهديداتها المعلنة بواسطة زعيمها".

مصير السفينة

ودانت الحكومة اليابانية في بيان، الإثنين، احتجاز الحوثيين للسفينة التي تديرها شركة يابانية معروفة باسم "إن واي كيه"، وناشدت دول السعودية وعُمان وإيران التواصل مباشرة مع الحوثيين للإفراج عن طاقم السفينة.

وذكرت صحيفة "نيكي" اليابانية أن طاقم السفينة يضم 22 فردا بينهم بلغاريون وفلبينيون. وأشارت إلى عدم وجود أي مواطنين يابانيين.

فيما نقلت وكالة "فرانس برس"، عن مسؤول عسكري أميركي، قوله: "نحن على علم بالوضع ونراقبه عن كثب".

المتحدثة أوضحت أن التقييم يظهر أن المسيرة لم تكن تستهدف المدمرة الأميركية
بعد إسقاط مسيرة انطلقت من اليمن.. البنتاغون: واشنطن تحتفظ بحق الرد
قالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، إن واشنطن تحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين على أي تهديد يستهدف قواتها، وذلك بعد أن أسقطت سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية، الأربعاء، طائرة مسيرة انطلقت من اليمن، في البحر الأحمر.

وقال المحلل السعودي، محمد بن صالح الحربي، إن قضية احتجاز السفينة "ملف صغير"، متوقعًا أنه في ظل عدم وجود إسرائيليين على متنها، سيتم الإفراج عنها.

وقال في تصريحات للحرة، بشأن المناشدة اليابانية للمملكة: "الملفات متعددة والسفينة مدنية كانت منطلقة من تركيا إلى الهند، فلا يستدعي ذلك حتى التدخل لدى جماعة الحوثي لأنه حدث لا يعتبر مهم للغاية في ظل وجود ملفات أهم".

وأضاف: "أعتبره ملف صغير سيتم حله خلال أيام".

وكشف موقع "مارين ترافيك" المتخصص في رصد حركة الملاحة، أن سفينة "غالاكسي ليدر" المحتجزة، هي حاملة مركبات تم بناؤها عام 2002 وترفع علم جزر بهاماس.

وقد غادرت كورفيز في تركيا وكانت في طريقها إلى بيبافاف في الهند، عندما انقطع الاتصال بها، السبت، جنوب غرب مدينة جدة السعودية، وفقا لفرانس برس.

وبخصوص الدعوة اليابانية، قال المذحجي للحرة، إن من يمتلك النفوذ ويمكنه التدخل لحل المشكلة بالفعل هم الإيرانيون بشكل أساسي.

ولفت إلى أن "السعوديين هامش مناوراتهم ضيق، فهم عقدوا صفقة مع الحوثي ولا يريدون إدخال أمور أخرى في تلك المعادلة مثل التصعيد الحالي أو غيره".

كيف سيكون الرد؟

ونفى الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن تكون السفينة التي احتُجزت إسرائيلية، وقال إنها "غادرت تركيا في طريقها إلى الهند وأفراد طاقمها مدنيون من جنسيات مختلفة وليس من بينهم إسرائيليون. إنها ليست سفينة إسرائيلية".

لكن شركة "أمبري" للأمن البحري أكدت أن "المجموعة المالكة لحاملة المركبات مسجلة باسم "راي كار كاريرز" Ray Car Carriers. والشركة الأم لهذه المجموعة مدرجة باسم أبراهام رامي أونغار، ومقرها إسرائيل"، بحسب فرانس برس.

وفي ظل التهديدات الحوثية للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وإمكانية تأثير ذلك على حركة الملاحة، ما يستدعي ردا لضمان مواصلة حركة السفن، يبدو أن هناك عدة خيارات.

أوضح المذحجي، أن هناك صيغتين محتملتين للرد على التصرف الحوثي، الأول "سياسي بالتأكيد ويمكن أن يعيد الجماعة لقائمة الإرهاب مجددا أو يتم فرض عقوبات عليها".

وأضاف أن "الصيغة الثاني هي الرد العسكري، ويمكن استهداف قدرات الحوثيين على البحر الأحمر أو بشكل آخر".

البنتاغون ينتشر 2500 جندي في العراق وسوريا ضمن إطار مكافحة تنظيم داعش (أرشيف)
صحيفة: إحباط في البنتاغون بشأن الاستجابة لهجمات وكلاء إيران بالعراق وسوريا
قال تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن تصاعد الهجمات على القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسوريا، "أثار غضب البعض داخل وزارة الدفاع"، مضيفا أن "المسؤولين المحبطين" يعتبرون أن البنتاغون اعتمد "استراتيجية غير متماسكة لمواجهة وكلاء إيران".

لكن الحربي يرى عكس ذلك، مشيرًا إلى أن هناك جبهات مفتوحة بالفعل في سوريا والعراق ولبنان وحاليا من اليمن في البحر الأحمر، بهدف دعم الفلسطينيين في الحرب الدائرة في غزة.

وقال في تصريحات للحرة: "الولايات المتحدة تعمل حاليا بسياسة الاحتواء وتخشى تمدد الصراع إقليميا، وخصوصا أن الحادث متعلق باختطاف سفينة مدنية سيتم الإفراج عنها الأيام المقبلة على الأرجح، في ظل أنه لا يوجد على متنها أي إسرائيلي".

أما ملاعب، فقد أشار إلى أن أي رد أميركي سيكون مرتبط بنتائج الدعم اللامحدود الذي تقدمه لإسرائيل في عمليتها العسكرية في غزة، موضحا أنه قبل فتح أي جبهة جديدة، فما يحدث في غزة هو ما يحكم الرد الأميركي أو الإسرائيلي عسكريا".

كما لفت إلى أن ذلك لا يمنع من تحرك دبلوماسي قوي بالتعاون مع دول خليجية بشأن حركة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يعد محوريا في حركة النفط من الدول الخليجية مرورا بقناة السويس إلى أوروبا.

أوضح الخبير العسكري أنه "ربما يتم توسيع القوة الدولية التي تم إنشاؤها لمواجهة عمليات القرصنة أمام سواحل الصومال، أو إنشاء قوة شبيهة"، حال كان هناك تهديد قوي لحركة الملاحة في البحر الأحمر.

الحوثيين

في السادس من مايو، وقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الصحفيين ليُعلن ما بدا لحظة تحوّل: الولايات المتحدة ستوقف قصفها لمواقع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. والسبب، كما قال، هو أن الحوثيين وافقوا على وقف هجماتهم على السفن الأميركية في البحر الأحمر.

الخبر تردّد صداه من واشنطن إلى مسقط، حيث أكّدت سلطنة عمان أنها أدّت دور الوسيط في هذا التفاهم الهادئ. وللحظة، بدا وكأن اليمنيين في هذا البلد الممزق بالحروب وجدوا فسحة قصيرة لالتقاط أنفاسهم.

لكن، في اليوم التالي، خرج كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، ليؤكد لوكالة رويترز أن "الاتفاق لا يشمل إسرائيل إطلاقا، لا من حيث الشكل ولا المضمون". وأردف: "ما دامت الويلات المتحدة ملتزمة فعلا بوقف الهجمات، فنحن أيضا- لأننا كنا في موقف دفاعي- سنوقف هجماتنا".

وراء هذا التحول في موقف الحوثيين قصة أعمق. إنها قصة ضغط عسكري، وإشارات تخلٍ إيرانية، وخشية حوثية من أن يُتركوا في مهبّ التغييرات الإقليمية، كما قال الخبير العسكري وأستاذ جامعة الدفاع الوطني، ديفيد ديس روش، في مقابلة مع قناة "الحرة".

بعد اتفاق الهدنة لن يكون لدى الحوثيين القدرة على استهداف السفن في البحر الأحمر أو إطلاق صواريخ على إسرائيل. "لأنهم أدركوا أنه مع دخول الإيرانيين في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، قد يجدون أنفسهم في موقف حرج".

منذ عام 2014، يغرق اليمنيون، أكثر فأكثر، في ويلات الحرب. ولم تكتفِ جماعة أنصار الله الحوثية بنسج هذا الواقع الكابوسي داخل البلد، فقررت أن تبحر باليمنيين إلى مواجهات يائسة في البحر الأحمر، حيث التوترات تتصاعد يوميا، بسبب مهاجمة الجماعة السفن لشل حركة الملاحة الدولية.

يستخدم الحوثيين أسلحة ثقيلة لتنفيذ أكبر هجوم على الملاحة الدولية منذ عقود، ما أثر على حوالي 15 بالمئة من حركة التجارة البحرية العالمية، يقول برادلي بومان، وهو خبير عسكري أميركي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في حوار مع "الحرة".

ويشير بومان إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الداعم الرئيسي للحوثيين، هي التهديد الرئيسي، للشحن البحري وحرية الملاحة في الشرق الأوسط.

لكن السؤال: كيف تمكن الحوثيون من جر اليمن إلى حرب أهلية مدمرة، استتبعت مواجهة مع دول إقليمية، ثم الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة والدول الغربية في البحر الأحمر؟

ما سر هذه الجماعة؟ من هم الحوثيون؟ وكيف بدأ نشاطهم؟

يقول وولف كريستيان بايس، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن الحوثيين حركة تمرد تنشط في شمال اليمن منذ نحو عشرين عاما، لكنهم برزوا بقوة عام ٢٠١٥ عندما استولوا على السلطة في صنعاء، وأصبحوا منذ ذلك الحين الحكومة الفعلية، وهم ويسيطرون بالفعل على حوالي ٨٠٪ من سكان اليمن.

بدأت ظاهرة الحوثيين في بداية التسعينيات، مع تشكيل أول حركة باسم "الشباب المؤمن". 

ولدت الحركة كرد فعل على التهميش الذي كانت تعانيه مناطق الزيديين، وبالتالي، كانت تطالب بحقوق السكان أبناء تلك الطائفة. والزيدية، مذهب ديني منبثق من الفقه الإسلامي الشيعي. 

ارتبط الزعيم الأول للحركة، حسين بدر الدين الحوثي، ابن رجل دين زيدي بارز، في بداية مسيرته السياسية بحزب سياسي صغير كان يعرف باسم "الحق"، وفاز هذا الحزب بمقعدين في برلمان اليمن في انتخابات 1993، أحدهما لحسين الحوثي نفسه.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، اتبع حسين الحوثي، نهجا فكرياً جديداً جمع بين "إحياء العقيدة" و"معاداة الإمبريالية"، متأثراً بالأفكار العامة للثورة الإسلامية في إيران.

تحولت الحركة إلى تنظيم مسلح، عام 2004 في غمرة المواجهات مع القوات الحكومية، وهو العام الذي قتل فيه حسين الحوثي، ليخلفه شقيقه الأصغر عبد الملك في القيادة.

اتخذت الحركة أسماء مختلفة حتى استقرت في النهاية على اسم "أنصار الله"، وقد شكلت هاجساً امنياً كبيراً لدى الحكومة اليمنية وقتها خاصة مع قيامها بعدة أعمال أمنية كبيرة، دفعت وزير الداخلية وقتها، رشاد العليمي، باتهام إيران بتخصيص وسائل إعلامها الرسمية لقادة أنصار الله و"لترويج الإرهاب والتمرد في محافظة صعدة".

خاضت الحركة صراعا مسلحا مع حكومة علي عبد الله صالح، بين عامي 2004 و2010 في مناطق انتشار الحوثيين، في محافظة صعدة، شمالي اليمن. لكن سقوط حكم صالح، عام 2012، مثل فرصة ثمينة للحوثيين لتعزيز موقعهم ونفوذهم في البلاد، خاصة بعد أن تحول بعض أنصار عدوهم اللدود صالح إلى مناصرين لهم من الناحية العسكرية.

في خريف عام 2014، انقلب الحوثيون على سلطة الحكم الشرعية، واستولوا على العاصمة صنعاء. وبدعم إيراني، أحرز الحوثيون تقدماً سريعاً، وسيطروا على مدن البلاد الكبرى، مأرب شرقاً، وعدن جنوباً.

بعد عام تقريباً، في ربيع 2015، بدأ تحالف تقوده السعودية بتنفيذ عمليات عسكرية، بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليا. خسر الحوثيون مناطق سيطرتهم تدريجياً ما عدا صنعاء والحديدة وتعز.

يقول ستروان ستيفنسون لـ"الحرة"، وهونائب سابق في البرلمان الأوروبي، إن "الحرس الثوري الإيراني هم الرعاة والمدربون والمزودون الرئيسيون بالأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن".

وفقاً لتقارير عسكرية، بدأ الحوثيون بتوسيع أنشطتهم الإرهابية خارج اليمن، باستخدام طرازات متنوعة من الصواريخ، وخاصة الباليستية المضادة للسفن، كما استخدموا أنواعا مختلفة من الأسلحة في هجماتهم البرية والبحرية، والتي زودتهم ودربتهم عليها إيران.

ويشير برادلي بومان، الخبير العسكري في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن إيران تستحق بجدارة لقب أسوأ وأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، "فلديها شبكة هائلة من الوكلاء، ميليشيات وجماعات في العراق وسوريا، حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، حزب الله في لبنان، الحوثيون في اليمن". ويضيف أن هذه الشبكة الضخمة، هي الوسيلة التي تصدر بها إيران الإرهاب.

وبالفعل في 11 يناير 2021، صنفت الولايات المتحدة الحوثيين منظمة إرهابية.

مع اندلاع الحرب في غزة، خريف عام 2023 تحرك وكلاء إيران في المنطقة، فتح حزب الله جبهة في جنوب لبنان، ليتبعه الحوثيون في اليمن. وفي نوفمبر 2023، نشرت الحركة مقطعاً مصوراً يبين هجوما مسلحا، جنوبي البحر الأحمر، أجبر طاقم السفينة "غالاكسي ليدر" على الاستسلام.

وسُحبت السفينة التي تشغّلها شركة يابانية، لصالح أخرى إسرائيلية، إلى ميناء الحديدة، واستولى الحوثيون على كامل حمولتِها.

عملية القرصنة هذه كانت بداية الاعتداءات الحوثية على خطوط الملاحة الدولية، في خليج عدن والبحر الأحمر.

 يقول دجون ستاوبرت، مسؤول في الغرفة الدولية للنقل البحري "هناك، منذ عام 2014، بين 120و 130 حادثاً في المنطقة، والغالبية العظمى هي نتيجة لعدوان الحوثيين على الشحن التجاري".

في خضم كل هذه الهجمات، أعلنت الولايات المتحدة في أواخر عام 2023، تشكيل تحالف دولي لصد هجمات حركة الحوثيين على خطوط الشحن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأعلن لويد أوستن، وزير الدفاع الأميركي وقتها، أن لجميع البلدان الحق في التنقل بحرّية وبشكل قانوني طبقا للنظام الدولي، لكن هذا الحق العالمي الأساسي، "يتعرض لتهديد جديد، بفعل هجمات الحوثيين المرفوضة تماما، على السفن التجارية".

وأطلق أوستن عملية "حارس الازدهار"، التي تجمع أكثر من 12 بلدا من جميع أنحاء العالم، للقيام بدوريات مشتركة في البحر الأحمر وخليج عدن.

رغم الجهود الدولية، استمر الحوثيون في شن هجماتهم البحرية، ليرتفع عددها بحلول نهاية عام 2024 إلى129 هجوماً، على أكثر من 300 سفينة.

يقول فريز نديمي، خبير الشؤون العسكرية الإيرانية في معهد واشنطن إن الحوثيين تلقوا المكونات الرئيسية والأنظمة الفرعية لإنتاج الصواريخ من الإيرانيين، كالمحركات ومعدات التوجيه.

 "هم يصنعون بعض أجزاء تلك الصواريخ بأنفسهم، ويضيفون إليها الأجزاء الأكثر تعقيدا وأهمية، التي تصلهم من إيران بطرق مختلفة، ويساعدهم الخبراء الإيرانيون الموجودون في اليمن على ذلك، كما تلقى الحوثيون تدريبات في سوريا ولبنان وإيران، على كيفية تعديل وتشغيل الصواريخ"، يقول لـ"الحرة".

بعد عودة الرئيس دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في يناير 2025، قرر تكثيف الضربات الجوية على الحوثيين بشكل كبير، وأعلن في 15 مارس بدء الحملة العسكرية "الفارس الخشن"، للقضاء على المنظمة الإرهابية. 

وردت الولايات المتحدة بهجمات صاروخية على مواقع الحوثيين، لكن جماعة "أنصار الله" الحوثية عكفت على تحشد قواتها استعدادا، لما يسمونها معركة "الحرب المقدسة". 

وقد صرح شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاغون أن إطلاق النار على العسكريين الأميركيين في المنطقة، وعلى السفن وعلى الطائرات المسيرة وتعريض حياة الأميرييين للخطر ليس طريقة جيدة لإنهاء هذا الصراع. 

"يستطيع الحوثيون إيقاف هذا غدًا إذا قالوا سنتوقف عن إطلاق النار على شعبكم، لكنهم اختاروا بوضوح عدم القيام بذلك، ولذلك ستكون هذه الحملة بلا هوادة، لإضعاف قدراتهم وفتح ممرات الشحن في المنطقة والدفاع عن وطننا"، أضاف بارنيل.

منذ بداية الحملة، استهدفت الولايات المتحدة أكثر من 1000 هدف في اليمن، منها مواقع تدريب، ما أسفر عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين. 

وقال مركز القيادة الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان، في 28 أبريل 2025 أنه ومنذ بداية عملية (راف رايدر)، أو "الفارس الخشن" دمرت الغارات العديد من منشآت القيادة والسيطرة، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع وتخزين الأسلحة المتقدمة، التابعة للحوثيين في اليمن. 

"عملياتنا قللت من معدل هجماتهم وفعاليتها، إن معدل إطلاق الصواريخ البالستية، تراجع بنسبة 69 في المئة، فيما تراجعت الهجمات الانتحارية بالطائرات المسيّرة بنسبة 55 في المئة،" قال البيان.

يسأل وولف كريستيان بايس، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عن الخطة طويلة المدى، لأن التحدي، حسب رأيه، يكمن في أن هذه الهجمات الجوية بالطبع قد تُلحق ضررًا كبيرًا بالقدرات العسكرية للحوثيين لكنها لن تمنعهم من مهاجمة السفن التجارية أو الدول المجاورة عمومًا، "لذا يتطلب الأمر برأيي عملية برية، ولا أعتقد أن هناك رغبة كبيرة في واشنطن، لشن عملية برية في اليمن".

تتعمد الإدارة الأميركية الحفاظ على سرية العمليات في اليمن، لكنها تؤكد على تحقيق أهدافها المنشودة، والاستمرار حتى يتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر. 

فهل سنشهد قريبا على بتر آخر ذراع للنظام الإيراني، منظمة أنصار الله الحوثية، بعد القضاء على حماس، وانهيار حزب الله اللبناني، وسقوط نظام بشار الأسد؟