إسرائيل أعلنت للمرة الأولى أنها وجهت ضربات جوية على اليمن من بدء الحرب بغزة
إسرائيل أعلنت للمرة الأولى أنها وجهت ضربات جوية على اليمن من بدء الحرب بغزة

أصابت غارات إسرائيلية، السبت، محطة لتوليد الكهرباء ومنشآت لتخزين الوقود في ميناء الحُديدة، الرصيف البحري الرئيسي الخاضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في غرب اليمن.

في ما يلي المعلومات المتوفرة حتى الآن عن الأضرار الناجمة عن الهجوم الذي أدى إلى اشتعال النيران في خزانات النفط وجاء غداة أول هجوم دام للحوثيين على تل أبيب.

منشآت التخزين

في تطور كبير، أغارت مقاتلات إسرائيلية، السبت، على ميناء الحديدة الإستراتيجي، غداة تبنّي المتمرّدين اليمنيين هجوما بمسيرة مفخخة أوقع قتيلا في تل أبيب. وكانت هذه المرة الأولى التي تتبنى فيها إسرائيل هجوما على اليمن.

ويعد ميناء الحديدة نقطة دخول رئيسية للوقود والمساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث يعتمد أكثر من نصف السكان على المساعدات الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة.

وقال الحوثيون إن الهجوم أصاب منشآت تخزين الوقود في الميناء، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص، جميعهم من موظفي الميناء التابعين لشركة النفط اليمنية. كما تم استهداف محطة كهرباء قريبة، بحسب الجماعة المصنفة إرهابية في واشنطن وتسمي نفسها "أنصار الله".

لكن قناة "المسيرة" التابعة للمتمردين أفادت، الاثنين، بإقامة تشييع رسمي لـ9 أشخاص من العاملين في منشآت خزانات الوقود وميناء الحديدة قد قتلوا جراء الغارة الإسرائيلية.

وأظهرت صور لوكالة فرانس برس ألسنة اللهب الكثيفة والدخان الأسود يتصاعد نتيجة احتراق خزانات النفط في الميناء. وغطى الحطام الرصيف حيث تضررت المعدات.

وأظهرت صور أقمار اصطناعية عالية الدقة، التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجيز"، ألسنة اللهب تلتهم منطقة تخزين الوقود المتضررة بشدة في الميناء، والتي يبدو أنها لا تزال مشتعلة، الاثنين.

صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تظهر النيران لا تزال تشتعل في ميناء الحديدة اليوم الاثنين

وتواصل فرق الإطفاء، الاثنين، جهودها لاحتواء الحريق الهائل الذي لا يزال مشتعلا في ميناء الحُديدة بعد يومين من غارة إسرائيلية مميتة أصابت خزانات نفط ومحطة لتوليد الكهرباء.

وقال موظف في ميناء الحديدة، كان بموقع الحادثة يوم الهجوم الإسرائيلي، إن خزانات عدة انفجرت تواليا.

لكنه أضاف لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته بسبب مخاوف أمنية أن "الميناء برصيفه وحاوياته وسفنه سليم".

وأظهرت صور أقمار اصطناعية من شركة "بلانيت" لتصوير الأرض، التي حللتها منظمة "باكس" الهولندية للسلام، ما لا يقل عن 33 منشأة تخزين نفط مدمرة، بحسب ما قال، ويم زفيننبرغ، وهو مدير أحد المشاريع بالمنظمة.

وأوضح زفيننبرغ لفرانس برس "نتوقع المزيد من الأضرار، إذ لا يمكن رؤية كل صهاريج التخزين بسبب الدخان الكثيف" الناتج عن الحريق.

الرافعات والسفن

وبحسب زفيننبرغ، أدى القصف إلى حرق ما لا يقل عن عشرات الآلاف من اللترات من النفط. وقال الخبير المتخصص في التأثيرات البيئية للحروب إنه "من المتوقع حدوث تلوث ساحلي محلي نتيجة المياه الملوثة وتسرب الوقود".

من جهتها، لفتت وكالة "أمبري" البريطانية للأمن البحري إلى أن صور الأقمار الاصطناعية التي أعقبت الضربات أظهرت "أضرارا جسيمة لحقت بمنشآت تخزين المنتجات النفطية"، موضحة رغم ذلك أن "منشآت تخزين البضائع السائبة تبدو غير متأثرة".

وذكرت مجموعة "نافانتي" ومقرها الولايات المتحدة نقلا عن تجار، أن غارات السبت دمّرت 5 رافعات ومعظم سعة تخزين الوقود بالميناء البالغة 150 ألف طن، مما ترك محافظة الحديدة بسعة إجمالية تبلغ 50 ألفا.

ونشر الجيش الإسرائيلي، الأحد، مقطع فيديو يظهر فيه استهداف رافعتين للحاويات في الميناء. وأشارت "أمبري" إلى أنه كانت هناك سفينتان تجاريتان وقت إصابة الرافعات، لكنها لم تحدد إن تعرضتا لأضرار.

ورصدت الوكالة البريطانية 4 سفن تجارية في الميناء وقت الغارات، و8 أخرى في المرسى. وأفادت "أمبري" الاثنين بأنه "لم تصل أو تغادر أي سفينة منذ الهجوم الإسرائيلي على الحديدة".

سفينة مساعدات متضررة

قال برنامج الأغذية العالمي، الاثنين، لفرانس برس إن "سفينة تابعة للبرنامج تحمل مواد غذائية ومنشأة لتخزين الوقود في الميناء ... تعرضت لأضرار طفيفة في الرافعة" خلال الغارات.

وأوضح مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن، بيير أونورا، أن السفينة "لا تزال تعمل"، ولكن "من المحتمل أن يكون كل مخزون الوقود البالغ 780 ألف لتر تم تدميره"، مضيفا أن جميع موظفي الوكالة بخير وتم تحديد مكانهم.

وأضاف: "سيوفر برنامج الأغذية العالمي ما يكفي من إمدادات الوقود لضمان ألا يكون لهذه الخسارة تأثير كبير على عملياتنا".

وقالت سلطات الموانئ اليمنية إن ميناء الحديدة "يعمل بكامل طاقته الاستيعابية"، بحسب وكالة سبأ للأنباء التابعة للحوثيين. 

ونقلت الوكالة عن مسؤول الميناء، نصر النصيري، قوله الأحد: "نعمل على مدار الساعة على استقبال كافة السفن ولا قلق على سلسلة التوريدات وإمدادات الغذاء والدواء والمشتقات النفطية".

وقال وزير النقل لدى الحوثيين، عبدالوهاب الدرة، الاثنين، إن "العمل جارٍ لاستقبال وتفريغ سفن المواد الغذائية والمشتقات النفطية خلال 24 ساعة".

دورية من قوات الأمن الحوثية في صنعاء بتاريخ 27 سبتمبر 2024
دورية من قوات الأمن الحوثية في صنعاء بتاريخ 27 سبتمبر 2024- تعبيرية

قالت هيومن رايتس ووتش، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إن سلطات الحوثيين في اليمن اعتقلت عشرات الأشخاص في الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي بسبب احتفالهم السلمي، أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي عن "ثورة 26 سبتمبر" اليمنية، وهي ذكرى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية عام 1962. 

ويعتقد الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن، أنه ينبغي الاحتفال بدلا من ذلك بيوم 21 سبتمبر، وهو اليوم الذي سيطروا فيه على صنعاء.

وأضافت هيومن رايتس في تقرير نُشر، الثلاثاء، أن الحوثيين لم يوجّهوا تهماً إلى الكثير من المحتجين وهذا يرقى إلى "الاحتجاز التعسفي".

وطالبت الحوثيين بـ"الإفراج فورا عن كافة المحتجزين" الذين مارسوا حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك "الإفراج عن جميع الذين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن، الذين تم اعتقالهم وإخفاؤهم خلال الأشهر الأربعة الماضية".

وقالت آمنة القلالي، مديرة البحوث في مركز القاهرة، إن "قمع الاحتجاجات وأي أنشطة تخالف معتقدات الحوثيين وأيديولوجياتهم يمثل انتهاكا إضافيا في سجل انتهاكات الحوثيين الطويل لحقوق الإنسان في ظل إفلات تام من العقاب".

ومنذ 21 سبتمبر تقريبا، بدأ الحوثيون يعتقلون عشرات الأشخاص في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة على خلفية الاحتجاجات.

 يُفترض أن هذه الاعتقالات وحظر جميع المظاهرات محاولة للحيلولة دون التعبئة الجماعية التي يمكن أن تتحدى سلطة الحوثيين، كما قال صحفي قابله مركز القاهرة.

وأضاف المركز "اعتُقِل 209 أشخاص على الأقل في محافظة عمران وحدها، بينهم أطفال وكبار في السن، يتجاوز عمر بعضهم 75 عاما، كما أن عدداً كبيراً من المحتجزين من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما".

وقابل مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش 11 شخصا، بينهم أقارب ومحامون وأشخاص على اتصال وثيق ببعض المحتجزين، للوقوف على تفاصيل الاعتقالات. راجعت هيومن رايتس ووتش أيضا ثلاثة فيديوهات تم تداولها على منصة إكس، تُظهر الترهيب والتهديدات المتعلقة بالاحتجاجات.

في الحالات التي وثقها الطرفان لم يُوجّه الحوثيون اتهامات للمحتجزين، كما تم اعتقال البعض لمجرد رفعهم علم اليمن على سيارتهم. 

العديد من أهالي المعتقلين يعتبرون أن تهم الحوثيين لا أساس لها من الصحة، وقال أحدهم إن من لم يُعتقل تعرض للتهديد في حال احتفاله بـ"ثورة 26 سبتمبر".

وفي حالات أخرى، اعتقل الحوثيون أشخاصا بسبب منشوراتهم على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي إحياء لذكرى الثورة، بالإضافة لكاتب من صنعاء يتابعه الكثير من اليمنيين، بحسب هيومن رايتس ومركز القاهرة، وهؤلاء جميعاً لم يتلقوا مذكرة توقيف أو مذكرة تفتيش، وهذا "انتهاك للقانون اليمني والقانون الدولي".

اختفاء واحتجاز قسري.. الحوثيون يلاحقون موظفي منظمات حقوقية بذريعة "التجسس"
كان اليمني، عامر الأغبري، يعمل مع منظمة اليونيسف بمدينة صنعاء، ضمن مشروع دعم وتطوير المدارس في البلاد، وخلال انشغاله بإحضار مختبرات للعلوم وتوزيعها على 150 مدرسة، اختفى فجأة، في أكتوبر 2021، ليتبين أن الحوثيين اختطفوه.

من جانبها، قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يواصل الحوثيون دعوة المجتمع الدولي إلى احترام حقوق الفلسطينيين في غزة، بينما ينتهكون في الوقت نفسه حقوق اليمنيين الذين يعيشون في الأراضي التي يُسيطرون عليها".

لذلك "يتعين عليهم أن يُبدوا للشعب اليمني الاحترام نفسه، الذي يطالبون به للفلسطينيين، بدءا من وقف هذه الحملة التي لا نهاية لها من الاعتقالات التعسفية"، أضافت جعفرنيا.

محام من صنعاء، قال إنه تلقى "تهديدات مباشرة" عبر حساباته في مواقع التواصل لأنه عرض المساندة القانونية للمعتلقين، لذلك فهو حالياً يتواصل مع عدد من أقاربهم "بشكل غير رسمي" عبر الهاتف من منزله أو من المكتب، كي لا  يتعرض للاعتقال.

كما تلقت امرأة، وفق تقرير المنظمة الحقوقية ومركز القاهرة، مكالمة تهديد بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في ذكرى "ثورة 26 سبتمبر".

وأوضح التقرير، أن اعتقال أي شخص دون أمر قضائي واتهامات واضحة يمثل انتهاكا لـ(المادة 132) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اليمني. 

كما أن احتجاز أي شخص دون سند في القانون المحلي أو الدولي، ودون توجيه تهم إليه على وجه السرعة، يُعدّ انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

وكان فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وثّق في تقريره لعام 2023 العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب في اليمن، وأشار إلى أن "معظم الانتهاكات التي حقق فيها منسوبة للحوثيين".