دمار بعد زلزال ديار بكر
دمار بعد زلزال ديار بكر

لم تستقر حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا، فجر الإثنين، وبينما أعلنت السلطات الصحية في كلا البلدين وبمناطق متفرقة عن العشرات من الضحايا، ما يزال هناك آخرون تحت الأنقاض، فيما أعلنت جهات إنسانية عن مناطق "منكوبة" وتحدث شهود عيان عن "الكثير من الألم".

في تركيا ووفقا لآخر بيانات "إدارة الكوارث والطوارئ" (آفاد) فقد 76 شخصا حياتهم، إثر انهيار المباني في كل من كهرمان مرعش وغازي عنتاب وشانلي أورفة وديار بكر وأضنة وأدييامان وملاطية، بينما أصيب 440 آخرون.

وأوضحت "آفاد" أن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا كان بقوة 7.4 درجات، ومقره منطقة بازارجيك في كهرمان مرعش، وضرب المنطقة على عمق 7 كيلومترات تحت الأرض، في الساعة 4:17 فجرا.

"إنذار يشمل المساعدات الدولية"

وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في تصريح عقب الزلزال "إن جميع وحداتنا المعنية في حالة تأهب بتنسيق من إدارة الكوارث والطوارئ. وقد بدأت وزارة الداخلية والصحة، وإدارة الكوارث والطوارئ، والمحافظات وجميع المؤسسات الأخرى عملها بسرعة".

بدوره قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو: "جميع فرقنا في حالة تأهب. لقد وضعنا إنذارا من المستوى الرابع. هذا إنذار يشمل المساعدات الدولية". 

من ناحية أخرى، ووفقا للمعلومات الأولى توزع الضحايا كالتالي: 5 في عثمانية، 23 في ملاطية، 17 في شانلي أورفا، 6 أشخاص في ديار بكر.

وأشارت وسائل إعلام تركية إلى الفرق التركية تواصل عملها على انتشال الضحايا من تحت الأنقاض، وإلى أن الزلزال الذي ضرب البلاد هو الأعنف الذي تشهده تركيا، منذ عقدين، كما أنه وقع في بقعة جغرافية واسعة.

وما سبق يفسر حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية، فيما يعطي إعلان رفع مستوى الإنذار إلى الفئة الرابعة مؤشرا على دعوة تركيا للعالم إلى تقديم المساعدة في مواجهة الكارثة الكبيرة.

"الكثير من الألم في سوريا"

في المحافظات السورية التي تعرضت للزلزال المدمر لا يقل الوضع الكارثي عنه في تركيا، بل يفوقه بدرجات، بحسب بيانات السلطات الصحية هناك، وشهود عيان تحدثوا لموقع "الحرة" من مدينة سرمدا في شمال سوريا، والتي تعرضت صفوف من الأبنية فيها للانهيار.

وقال مصدر طبي من "الدفاع المدني السوري" لـ"الحرة": "الوضع في كل مكان كارثي. هناك أبنية مازالت تنهار والكثير من الأرواح تحت الأنقاض".

وأوضح المصدر الطبي أن "عدد الضحايا الذي أعلن عنه يرتبط بقدرة الفرق الإسعافية والإنسانية على الأنقاذ"، لافتا إلى حصيلة أولية، بتسجيل عشرات الضحايا والمصابين.

وتابع: "هناك صفوف كاملة من الأبنية انهارت في سرمدا. كل شخص فقد أحد من أقاربه وينتظر أي خبر عنه إن كان على قيد الحياة تحت الأنقاض أم لا".

وأعلن "الدفاع المدني السوري" الذي يعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة شمال غرب سوريا "منطقة منكوبة" جراء الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا صباح اليوم.

وجاء في بيان للدفاع المدني أنه تم الإعلان عن ذلك على إثر الزلزال "في الشمال السوري وتطبيقا لآلية الطوارئ والاستجابة في الدفاع المدني السوري، ونتيجة للوضع الكارثي من انهيار المباني والتصدعات الحادة والمئات من الإصابات والعالقين والعشرات من القتلى ونظرا لنقص الإمكانيات والخدمات، وعدم توفر مراكز الإيواء ونقاط التجمع الآمنة وظروف الطقس العاصفة والمثلجة ودرجات الحرارة المنخفضة".

وقال: "نعلن نحن مؤسسة الدفاع المدني السوري، شمال غربي سوريا منطقة منكوبة بالكامل، وندعو جميع الجهات المحلية والقوى المدنية إلى استنفار كوادرها، ونوصي جميع المنظمات الإنسانية الصحية والإغاثية العاملة في سوريا بتقاسم العمل وفقا لنظام التكافؤ وتوزعها الجغرافي حرصاً على تغطية الاحتياجات الضرورية للجميع وفق المستطاع".

وأضاف: "نهيب جميع المنظمات الإنسانية الدولية التدخل السريع لإغاثة المنكوبين وتلبية احتياجاتهم. كما ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء هذه الكارثة المفجعة واتخاذ إجراءات طارئة تحول دون تفاقم الوضع، وتدعم إنقاذ المدنيين في سوريا".

في المقابل حيث مناطق سيطرة النظام السوري، فقد أعلن معاون وزير الصحة، أحمد ضميرية لوسائل إعلام رسمية أن عدد الوفيات نتيجة الزلزال بلغ 237 حالة وفاة و639 إصابة توزعت في محافظات حلب، اللاذقية، حماة، طرطوس وذلك حتى الساعة الثامنة صباحا.

وتركّزت حصيلة الضحايا في مناطق سيطرة النظام في مدينة اللاذقية على الخصوص، بوفاة 42 شخصا وإصابة نحو 220 آخرين.

وذكرت وكالة "سانا" الرسمية أن "وزارة الدفاع استنفرت كافة وحداتها وتشكيلاتها ومؤسساتها في جميع المحافظات لتقديم العون الفوري والمساعدة العاجلة للسكان المتضررين من الزلزال، والبحث عن الأشخاص العالقين تحت الأنقاض وإسعاف المصابين، وإزالة آثار الدمار".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".