عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض
عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض

حلّت على تركيا وسوريا كارثة طبيعية لم تكن متوقعة، ومنذ فجر اليوم الاثنين توفي المئات في كلا الدولتين وأصيب الآلاف بينما يصارع آخرون للبقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض، بعدما ضرب المنطقة زلزال مدمّر بقوة 7.8 درجات، وقال خبراء إنه "الأكبر منذ 23 عاما".

"هناك المئات من المباني المنهارة في 10 مدن تركية"و284 شخصا فقدوا حياتهم كحصيلة أولية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا، التي لا يقل الوضع الكارثي فيها بل يزداد بدرجات، حسب بيانات فرق إسعافية وصحية، من مختلف أنحاء البلاد.

وتواصل الفرق التركية انتشال الضحايا من تحت الأنقاض في كل من ملاطية وكهرمان مرعش وشانلي أورفة ومناطق أخرى في ولاية هاتاي، وإلى جانب الضحايا المسجلّين حتى اللحظة أعلن نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي إصابة 2323 شخصا، وانهيار 1710 مباني.

وذكرت وسائل إعلام تركية، الاثنين، أنه "لا توجد تغطية للهواتف المحمولة في العديد من المدن، بينما تتساقط الثلوج في ملاطية، ويحفر عمال الإنقاذ بين الأنقاض".

في المقابل أعلن "الدفاع المدني السوري" في شمال سوريا حيث تسيطر فصائل المعارضة المنطقة "منكوبة"، داعيا المنظمات الدولية للتحرك، بينما أعلنت وزارة الصحة السورية التابعة للنظام السوري ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى 237 وفاة و639 إصابة معظمها في اللاذقية وحلب وحماة وطرطوس.

"الأكبر منذ 23 عاما"

ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن مدير مرصد "قنديلي"، هالوك أوزنر، قوله: "هذا الزلزال هو الأكبر بعد زلزال 17 أغسطس 1999".

وأضاف: "في الواقع حدث الزلزال عند تقاطع حدود إقليمي كهرمان مرعش وغازي عنتاب"، موضحا: "قدرنا قوته بـ7.4 في الساعة 4:17 فجرا".

وتابع: "لسوء الحظ، نشهد زلزالا بهذا الحجم مرة أخرى. كنا نقول دائما: متى سيحدث الزلزال في مرمرة؟ إذا كنا نعيش في تركيا علينا أن نكون مستعدين لهذه الزلازل".

بدوره أشار خبير الزلازل، دوغان كالافات، إلى أن "الهزات الارتدادية ستستمر لمدة عام تقريبا، ولهذا نتمنى أن يتجنب مواطنونا المباني المتضررة وألا يدخلوا منازلهم".

وذكرت "آفاد" أن 42 هزة ارتدادية حدثت، أكبرها 6.6 درجة، وذلك منذ ساعة الزلزال الذي ضرب جنوب ووسط البلاد.

ونقلت صحيفة "صباح" عن نائب مدير رصد الزلازل، سيلدا ألتنجي بويراز: "نتلقى مكالمات هاتفية باستمرار. المواطنون تحت الأنقاض لا يستطيعون الوصول إلينا، لأن خطوط الهاتف مشغولة للغاية".

وأضاف: "لقد تلقينا العديد من المكالمات منذ الصباح. نتلقى معظم المكالمات من هاتاي. الشيء المهم هنا هو أن الهزات الارتدادية يمكن أن تستمر لأشهر".

وأوضح خبير الزلازل، أوكان تويزور، لذات الصحيفة: "يبدو أن زلزال اليوم تسبب في قدر كبير من الضرر وعلينا أن نكون مستعدين لاحتمال وقوع المزيد من الضحايا".

وتقع تركيا في منطقة تشهد نشاطا زلزاليا هو من بين الأعلى في العالم، إذ تتموضع على خط صدع عميق، وكانت قد شهدت بالإضافة إلى ما سبق عددا كبيرا من الزلازل والهزات الأرضية، أبرزها حصل مؤخرا في يناير 2020 بمنطقة إلازيع، وأسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا، وأخيرا في دوزجة في نوفمبر من العام 2022.

وفي 1999 كانت تركيا قد شهدت في السابع عشر من شهر أغسطس زلزالا اعتبر ثاني أكبر زلزال في التاريخ التركي، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، واستمر 45 ثانية.

ووفقا لتقرير لجنة البحوث البرلمانية بتاريخ يوليو 2010، فقد 17 ألفا و480 شخصا حياتهم وأصيب 43 ألفا و953 شخصا في الزلزال، بينما تشير مصادر غير رسمية إلى أن عدد القتلى قرابة 50 ألفا.

ووفقا للبيان الذي أدلى به مركز الأزمات التابع لرئاسة الوزراء بعد أشهر قليلة من الزلزال، فإن أكبر خسائر في الأرواح كانت في "غولجوك" حيث بلغ عددهم نحو 4500 شخص، في حين أن الخسائر في الأرواح المسجلة في "كوجالي" كانت 4 آلاف، وفقد ما يقرب من 2500 شخص حياتهم في "يالوفا" و"سكاريا"، وفي حي "أفجيلار" في إسطنبول، الذي تضرر من الزلزال، حيث فقد 976 شخصا حياتهم.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".