جهود فرق الإنقاذ متواصلة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض
جهود فرق الإنقاذ متواصلة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض

يواصل عمال الإغاثة في تركيا وسوريا جهود البحث عن ناجين بين الأنقاض بعد الدمار الهائل الذي تسبب فيه زلزالان قويان، هزّا البلدين، أمس الاثنين، مخلفين أزيد من 5 آلاف قتيل وآلاف الجرحى والعالقين وسط الركام.

وقالت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، الثلاثاء، إنه تم نشر 13.740 من أفراد البحث والإنقاذ في منطقة الزلزال، لكن مستوى الدمار يبقى هائلا، حيث دمّر الزلزالان ما يقرب من 6200 مبنى في جنوب تركيا.

وقال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، إن أكثر من 1200 مبنى، دمرت في هاتاي جنوب البلاد وحدها، بحسب رويترز.

وأعلنت الهيئة العامة لإدارة الكوارث في تركيا، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى إلى 3381 قتيلا، مما جعل إجمالي الخسائر البشرية المؤكدة في البلدين يصل إلى 4890 قتيلا جراء زلزال يعد الأقوى في المنطقة منذ نحو قرن.

وفي شمال سوريا، يتواصل السباق مع الوقت والبرد طوال الليل لانتشال الناجين من ثلاث هزات عنيفة مع وصول أعداد القتلى إلى أكثر من 1440 شخص، صباح اليوم.

وأعلنت الحكومة التركية "مستوى الإنذار الرابع" بعد وقوع الزلزال، ودعت إلى المساعدة الدولية، لكنها لم تعلن حالة الطوارئ التي من شأنها أن تؤدي إلى تعبئة واسعة للجيش، بحسب وكالة بلومبرغ.

"جهود دولية"

وبدأت فرق الإنقاذ الأجنبية في الوصول إلى تركيا، اليوم الثلاثاء، في إطار الجهود الدولية الواسعة للاستجابة لهذه الأزمة الإنسانية.

وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، إن فرق إنقاذ من رومانيا وسويسرا وأذربيجان ولبنان تم إرسالها إلى منطقة الزلزال، 

وأعلن الاتحاد الأوروبي، الإثنين، عن تعبئة 10 فرق بحث وإنقاذ في أعقاب الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا.

وقال مفوضا الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل وجانيز لينارتشيتش، في بيان: "نشر بسرعة 10 فرق للبحث والإنقاذ في المدن من بلغاريا وكرواتيا والتشيك وفرنسا واليونان وهولندا وبولندا ورومانيا، لدعم المسؤولين على الأرض، وعرضت إيطاليا والمجر إرسال فرقها للإنقاذ إلى تركيا أيضا".

وقالت وسائل إعلام صينية، إن الحكومة ستقدم 40 مليون يوان (5.9 مليون دولار) كمساعدة، تشمل عمال إغاثة متخصصين في المناطق الحضرية وفرق طبية ومعدات طوارئ، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية في بكين.

بدورها، وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الثلاثاء، إن بلادها ستقدم مليون يورو وستعمل على إتاحة المزيد من المساعدات المالية لشركاء آخرين في مجال العمل الإنساني لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا.

وأضافت في مؤتمر صحفي في برلين، الثلاثاء، مع وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان، أضافت بيربوك أن ألمانيا تضغط أيضا من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أن الجيش بدأ في إجلاء بعض المصابين على متن سفن حربية من ميناء الإسكندرونة في أقصى شرق البحر المتوسط، وذلك مع تواصل أشغال إنشاء مستشفيات ميدانية في منطقة الزلزال.

وعرضت وكالة أنباء الأناضول التركية، وصول طائرة على متنها ضحايا من المتضررين بالزلزال إلى اسطنبول.

وحولت السلطات قاعات رياضة ومدارس ومساجد إلى مراكز لإيواء الناجين. لكن، خشية من وقوع هزات جديدة فضل الكثير من السكان تمضية الليل في العراء كما الحال في شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا.

وقال أوكتاي، إن اكثر من 330 ألف من ضحايا الزلزال، تم نقلهم إلى نزل وحرم جامعية.

"أقوى كارثة"

واعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده تواجه "أقوى كارثة منذ قرن". 

وفي حديثه الاثنين، قبل وقوع الزلزال الثاني، قال إنه من المستحيل التكهن بعدد القتلى النهائي. وأعلنت تركيا في وقت لاحق الحداد سبعة أيام.

وقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من زعماء العالم تعازيهم بعد الحادث المؤلم. 

وقال بايدن إن الولايات المتحدة نشرت فرقا لدعم عمليات البحث والإنقاذ التركية، كما أن "الشركاء الإنسانيين المدعومين من الولايات المتحدة يستجيبون أيضا للدمار في سوريا".

وتنوي فرق الإغاثة الفرنسية التوجه إلى كهرمان مرعش مركز الزلزال الأول، وهي منطقة وعرة لحقت بها أضرار جسيمة وغطتها الثلوج. 

كم تستعد وحدتان أميركيتان تضم كل واحدة منهما 79 مسعفا، للتوجه إلى تركيا على ما أفاد البيت الأبيض.

وفي سوريا، بالمقابل استجابت لنداء سلطات النظام السوري، الحليفة روسيا التي وعدت بإرسال فرق إغاثة "في الساعات المقبلة"، في وقت أكد فيه جيش النظام أن أكثر من 300 عسكري روسي انتشروا في المنطقة التي ضربها الزلزال للمساعدة في عمليات الإنقاذ، بحسب فرانس برس.

وتحركت الأمم المتحدة أيضا لكنها شددت على أن المساعدة التي ستقدم يجب أن تذهب "إلى كل السوريين على كامل الأراضي"، السورية، التي تقع خارج سيطرة النظام.

صعوبات الإنقاذ

ويعرقل سوء الأحوال الجوية وتضرر الطرقات والمطارات بسبب تأثيرات الزلزال، عمل فرق الإنقاذ، ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام التي نصبت وحول مواقد النيران التي أقيمت في المناطق المنكوبة، بحسب فرانس برس.

وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة، المصطفى بنلمليح، لرويترز  من دمشق "البنية التحتية متضررة والطرق التي اعتدنا استخدامها في الأعمال الإنسانية تضررت، وعلينا أن نكون مبدعين في كيفية الوصول إلى الناس ... لكننا نعمل بجد".

وحتى قبل وقوع الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين، قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا يعتمدون على المساعدات عبر الحدود.

ونزح كثر من هؤلاء بسبب الصراع المستمر منذ 12 عاما ويعيشون في مخيمات.

‭‭‭ ‬‬وتقول الأمم المتحدة إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم إنساني هو الآن أكبر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب، إذ يحتاج 70 في المئة من السكان إلى المساعدة. وكان ذلك قبل وقوع الزلزال.

وقال بنلمليح "إنهم نفس الأشخاص - يعانون أكثر" الآن.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".