زلازل تركيا وسوريا تودي بحياة قرابة 5 آلاف قتيل
زلازل تركيا وسوريا تودي بحياة قرابة 5 آلاف قتيل

تستمر حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا في الارتفاع مع تواصل عمليات الإنقاذ تحت الأنقاض.

وأعلنت الهيئة العامة لإدارة الكوارث في تركيا، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى إلى 3381 قتيلا، مما جعل إجمالي الخسائر البشرية المؤكدة في البلدين يصل إلى 4890 قتيلا جراء زلزال يعد الأقوى في المنطقة منذ نحو قرن.

في شمال سوريا، يتواصل السباق مع الوقت والبرد طوال الليل لانتشال الناجين من ثلاث هزات عنيفة مع وصول أعداد القتلى إلى أكثر من 1440 شخص.

وجهدت فرق الإنقاذ في البرد وتحت الأمطار الغزيرة أو الثلوج مستخدمة أحيانا الأيادي، لإنقاذ عالقين بين الأنقاض.

وقد أنقذت طفلة تبلغ سبع سنوت في هاتاي في جنوب تركيا عند الحدود مع سوريا بعد أكثر من 20 ساعة على الزلزال على ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس كان حاضرا في المكان.

ويعرقل سوء الأحوال الجوية في منطقة الأناضول التركية عمل فرق الانقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام التي نصبت وحول مواقد النيران التي أقيمت في المناطق المنكوبة.

أولى المساعدات الدولية

وتبدأ المساعدات الدولية لتركيا الوصول، الثلاثاء، مع طلائع فرق المسعفين من فرنسا وقطر خصوصا.

ووعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، "بكل المساعدة اللازمة مهما كانت". وتنوي فرق الإغاثة الفرنسية التوجه خصوصا إلى كهرمان مرعش مركز الزلزال الأول وهي منطقة وعرة لحقت بها أضرار جسيمة وغطتها الثلوج.

وتستعد وحدتان أميركيتان تضم كل واحدة منهما 79 مسعفا للتوجه إلى تركيا على ما أفاد البيت الأبيض. وقال الرئيس التركي إن 45 بلدا عرض مساعدته.

في سوريا في المقابل استجابت روسيا خصوصا لنداء سلطات دمشق، ووعدت بإرسال فرق إغاثة "في الساعات المقبلة" في وقت أكد فيه الجيش أن أكثر من 300 عسكري روسي انتشروا في المنطقة التي يضربها الزلزال للمساعدة في عمليات الانقاذ.

وتحركت الأمم المتحدة أيضا لكنها شددت على أن المساعدة التي ستقدم يجب أن تذهب "إلى كل السوريين على كامل الأراضي" السورية الخارج بعضها عن سيطرة الحكومة.

المساعدات الإنسانية تتوافد من كل حدب وصوب

في هذه المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة والحدودية مع تركيا في شمال غرب سوريا، أحصي ما لا يقل عن 700 قتيل.

ووسط الفوضى الناجمة عن الزلزال فر نحو عشرين مقاتلا من تنظيم الدولية الإسلامية من سجن راجو العسكري الذي تشرف عليه فصائل معارضة مؤيدة لتركيا.

واستمرت حصائل الضحايا بالارتفاع على جانبي الحدود. ونظرا إلى حجم الأضرار يرجح أن ترتفع مع تقدم عمليات البحث. ففي تركيا وحدها، أحصت السلطات انهيار حوالى خمسة آلاف مبنى فيما يواجه الجرحى العالقون بين الانقاض خطر تدني حرارة الجسم بسبب البرد الصقيعي.

مراكز إيواء

وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع الأسوأ وتخشى أن تكون "الحصائل أعلى بثماني مرات من الأرقام الأولى" المنشورة.

وسجل الاثنين ما لا يقل عن 185 هزة ارتدادية تلت الزلزالين الأولين اللذين بلغت قوتهما 7,8 درجات خلال الليل والآخر بقوة 7,5 عند الظهر ومركزهما في شمال شرق تركيا.

كذلك وقعت هزات ارتدادية خلال الليل الماضي وقبيل فجر الثلاثاء كان أقواها واحدة بلغت 5,5 درجات عند الساعة 09,13 بالتوقيت المحلي (03,13 بتوقيت غرينتش) على مسافة تسعة كيلومترات جنوب شرق غولباشي في جنوب تركيا.

وحولت السلطات قاعات رياضة ومدارس ومساجد حتى إلى مراكز لإيواء الناجين. لكن، خشية من وقوع هزات جديدة فضل الكثير من السكان تمضية الليل في العراء كما الحال في شانلي أورفا جنوب شرق تركيا.

وقال مصطفى كويونجو البالغ 55 عاما وقد جلس في سيارة العائلة مع زوجته وأطفالهما الخمسة "من لا يخاف؟ الجميع يخاف!".

وهذا الزلزال هو الأعنف الذي يضرب تركيا منذ 17 أغسطس 1999، الذي أودى بحياة 17 ألف شخص من بينهم ألف في إسطنبول.

وأعلن الرئيس التركي الحداد الوطني مدة سبعة أيام وإغلاق المدارس لأسبوع كامل.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".