آثار كارثية للزلزال في سوريا
آثار كارثية للزلزال في سوريا

قالت منظمة "يونيسف"، إن آلاف الأطفال والأسر عرضة للخطر بعد الزلزالين المدمرين وعشرات الهزات الارتدادية، التي شهدها جنوب شرق تركيا وسوريا، الاثنين.

وأوضحت المنظمة في بيان، أنه في تركيا، تتركز الجهود حاليا على البحث والإنقاذ، مبرزة أنها تنسق مع الحكومة ورئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD) بشأن الاحتياجات الناشئة المرتبطة بالاستجابة الإنسانية الأوسع. 

وأما في سوريا، أوضحت اليونيسف، الثلاثاء، أنها تقوم بـ"تقييم أثر الزلزالين والاستعداد لدعم الاستجابة الإنسانية بالتنسيق مع الشركاء".

ووقع الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.7 درجة بعد الساعة 04:00 فجرا بالتوقيت المحلي، عندما كان الأطفال والأسر نائمين في منازلهم، ووقع زلزال ثان بقوة 7.5 درجة في وقت لاحق من نفس اليوم، وفقا للمنظمة الدولية.

ومن المرجح أن تكون آلاف المنازل قد دمرت، مما أدى إلى تهجير الأسر التي كانت تقطنها وتعريضها للعوامل الجوية في وقت من العام تنخفض فيه درجات الحرارة عادة إلى ما دون التجمد وتكثر فيه الثلوج والبَرَد، بحسب المصدر ذاته.

وضربت عواصف ثلجية غزيرة مؤخرا أجزاء من سوريا وتركيا، ويتزامن ذلك مع توقعات باستمرار انخفاض درجات الحرارة.

المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، تقول إن: "الصور التي نراها من سوريا وتركيا تدمي القلب. إن وقوع الزلزال الأول في الصباح الباكر، عندما كان العديد من الأطفال مستغرقين في النوم زاد من خطورته؛ كما تجلب الهزات الارتدادية مخاطر مستمرة".

وتابعت بحسب نص البيان: "قلوبنا وبالنا عند الأطفال والأسر المتضررين، وبخاصة من فقدوا أحباءهم أو أصيبوا. أولويتنا العاجلة الآن هي ضمان حصول الأطفال والأسر المتضررين على الدعم الذي هم في أمس الحاجة إليه".

ومن المرجح أن تكون المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الطبية والتعليمية قد تضررت أو دمرت بسبب الزلزالين، مما سيؤثر بشكل إضافي على الأطفال، كما أن الأضرار المحتملة التي لحقت بالطرق والبنية التحتية الحيوية "ستعقّد جهود البحث والإنقاذ والاستجابة الإنسانية الأوسع"، وفقا لليونيسف.

ولا يزال الأطفال في سوريا يواجهون "إحدى أكثر الحالات الإنسانية تعقيدا في العالم"، بحسب المنظمة، حيث إن ثلثي السكان في حاجة إلى المساعدة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، واستمرار الاقتتال بعد أكثر من عقد من الصراع الطاحن، والنزوح الجماعي، وتدمير البنية التحتية العامة. 

كما أشارت إلى ما اعتبرتها "مشكلات حادة فيما يتعلق بانعدام الأمن الغذائي، والاعتماد على مصادر المياه البديلة غير المأمونة، وقضايا الحماية، وارتفاع مستويات التسرب من المدارس".

وأعلنت الهيئة العامة لإدارة الكوارث في تركيا، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى إلى 3381 قتيلا، مما جعل إجمالي الخسائر البشرية المؤكدة في البلدين يصل إلى 4890 قتيلا جراء زلزال يعد الأقوى في المنطقة منذ نحو قرن.

في شمال سوريا، يتواصل السباق مع الوقت والبرد طوال الليل لانتشال الناجين من ثلاث هزات عنيفة مع وصول أعداد القتلى إلى أكثر من 1440 شخص.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".