"معظم الأشخاص الذين وجدناهم تحت الأنقاض ماتوا"
"معظم الأشخاص الذين وجدناهم تحت الأنقاض ماتوا"

تتضاءل الآمال تدريجيا بالعثور على ناجين، بعد يومين من الزلزال المروع الذي ضرب تركيا وسوريا، وارتفع عدد ضحاياه إلى أكثر من 11700 قتيل، وفق إحصائية غير نهائية.

وأوضح مسؤولون وأطباء أن 9057 شخصا قضوا في تركيا و2662 في سوريا، وأصيب 50 ألف شخص بجروح في تركيا و5000 في سوريا.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية شهادات عمال وسكان مدينتين، في جنوب تركيا، شكوا من تأخر وصول فرق الإنقاذ إلى المناطق المنكوبة، مما أدى إلى تضاؤل الأمل في العثور على أحياء.

وقال عمال إغاثة في كهرمان مرعش، المدينة المنكوبة التي زارها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، وسويت العديد من مبانيها بالأرض، إنهم يشمون رائحة الجثث أثناء الحفر وسط الحطام.

وقال ظافر يلديز، أحد المتطوعين، مشيرا إلى كومة من الخرسانة والمعدن الملتوي والأثاث: "نأمل أن يكون هناك شخصان لا يزالان على قيد الحياة.. معظم الأشخاص الذين وجدناهم تحت الأنقاض ماتوا".

وقال محمد بوسكرت، الذي استطاع النجاة من الزلزال، وحاول بنفسه العثور على شقيقه وزوجته على قيد الحياة: "يبدو أنه فات الأوان. وصلت فرق الطوارئ بعد فوات الأوان، واليوم (الأربعاء) فقط أحضروا هؤلاء الحفارين. آمل أن يتمكنوا من فعل شيء".

مدنيون يساعدون في إنقاذ ضحايا الزلزال في شمال سوريا
أقسى من الحرب.. شهادات سوريين وأتراك عن "كارثة لا توصف"
تعيش مئات العائلات في الجانبين التركي والسوري، في قلق وخوف وترقب وأمل في صمود أحبائهم الذين يقبعون تحت الأنقاض، فيما يسابق عمال الإنقاذ الزمن لانتشال الناس من بين حطام المباني المدمرة، بعد يومين من زلزال مدمر أودى بحياة ما يربو على 9600 شخص. 

وقالت متطوعة تدعى داريا للغارديان: "حاولنا التعرف على الأشخاص، لكن العديد من الجثث (تشوهت) لدرجة أننا واجهنا صعوبة في التعرف عليها".

وفي بلدة بازارجيك، التي تقع فوق مركز الزلزال المميت، قال سكان إنهم شعروا بالمرارة من المدة التي استغرقها عمال الإنقاذ للوصول، ومعظمهم وصلوا صباح الأربعاء.

وقال أوفوك أكغون، أحد عمال الإنقاذ: "لقد وصلت هذا الصباح. تم انتشال الناس من تحت الأنقاض. بعض الجثث تجمدت من البرد.. لا أعتقد أن هناك أمل في العثور على ناجين".

وقال رجل يدعى علي: "وصل أول المستجيبين لإدارة الكوارث والطوارئ بعد 24 ساعة من وقوع الزلزال. قبل أن يصلوا إلى هنا، كان العمال ورجال الإطفاء فقط يحاولون إخراج الناس من تحت الأنقاض، لكن هذا الأمر يحتاج إلى محترفين".

وأفاد شهود عيان بأنه حتى مساء يوم الاثنين، كانوا يسمعون أصواتا وصرخات من تحت الأنقاض تطلب المساعدة، ثم حل الصمت صباح الثلاثاء

تداعيات مستمرة لكارثة الزلزال في سوريا وتركيا
الزلزال بين تركيا وسوريا.. نعوش تعبر الحدود والوقت يكشف أهوال الكارثة
ساعة تلو أخرى تمر بالكثير من الضحايا والألم والشعور بالعجز لمئات آلاف العائلات في تركيا وسوريا، وفي اليوم الثالث لكارثة الزلزال المدمّر لا يختلف الواقع الأليم كثيرا إلا بجزئية يفرضها "السباق مع الزمن"، الذي يخوضه عمال بحث وإنقاذ في كلا البلدين، بينما باتت جهودهم المتواصلة تكشف شيئا فشيئا أهوال ما خلفه تحرك الأرض، فجر الاثنين.

وكان الرئيس التركي الذي زار المنطقة المنكوبة، الأربعاء، وأقر بوجود بعض المشكلات في الاستجابة المبدئية للكارثة، لكنه ذكر أن العمليات عادت لطبيعتها.

وأضاف في تصريحات، أدلى بها من إقليم كهرمان مرعش بالقرب من مركز الزلزال، وفي خلفية حديثه أصوات مستمرة لسيارات إسعاف: "في اليوم الأول شهدنا بعض المشكلات لكن في اليوم الثاني واليوم الوضع تحت السيطرة".

وأضاف أن الحكومة تهدف إلى بناء مساكن خلال عام لمن شردتهم الكارثة في الأقاليم العشرة المتضررة.

شائعات عدة ارتبطت بالزلزال
ملايين المشاهدات والتفاعلات بعد الزلزال.. أمثلة صارخة لمنشورات كاذبة
منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال المدمّر، الذي ضرب تركيا وشمال سوريا الاثنين، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم عشرات الأخبار المضلّلة التي حصدت ملايين المشاهدات والتفاعلات، وفاقمت القلق لدى سكّان بلدان عدّة في الشرق الأوسط من احتمال وقوع زلازل مشابهة أو هزّات ارتداديّة مدمّرة.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".