تركيا شهدت العديد من الزلازل في العقود الأخيرة
تركيا شهدت العديد من الزلازل في العقود الأخيرة

عاش المدرس الأميركي، بي جي ريتشاردسون، الذي يقطن ويعمل في تركيا منذ 7 أعوام لحظات قاسية من الرعب والهلع عقب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة من البلاد.

وأوضح المدرس البالغ من العمر، 45 عاما، الذي يسكن في مدينة، غازي عنتاب، لصحيفة "الغارديان" أنه استيقظ فزعا عند حوالي الساعة الرابعة و17 دقيقة فجرا على صوت اهتزاز المبنى القديم الذي يقيم فيه.

وتابع: "هذ ليست أول مرة أواجه فيها هزة أرضية خلال تواجدي في تركيا، ولكن الأمر كان أسوأ بكثير، إذ بدأ الناس الذي يقطنون معي في المبنى القديم المؤلف من خمس طوابق بالخروج على وجه السرعة".

وأضاف: "أنا أقطن في الطابق الثالث وسمعت تحطم زجاج النوافذ في غرفة المعيشة، ورغم الذعر الشديد تمالكت نفسي وأنا أسمع أصوات أقدام الجيران وهي تهرع إلى الخارج، إذ أنني أخذت حاسوب معي وبعض الأطعمة الخفيفة".

وفي الخارج كان الجو باردا جدا، بحسب كلام ريتشاردسون، فدرجة الحرارة كانت درجة واحدة تحت الصفر، "وكنا نرتجف تحت المطر والثلوج التي غطت الشوارع".

وزاد: "كنا في حيرة من أمرنا بالبقاء في هذه الأجواء القاسية مسألة صعبة للغاية والعودة إلى المبنى ليس آمنا خوفا من حدوث ارتدادات وهزات جديدة.. لذلك كان الناس يتكدسون داخل السيارات ويشغلون التدفئة فيها إلى أن يجدوا حلا آخرا".

وبعد نحو 4 ساعات من الانتظار في الخارج استطاع المدرس الأميركي أن يستقل سيارة أجرة كانت فيها عائلة السائق أيضا، وفيه طريقه إلى مدرسته للإقامة في صالة الألعاب، شاهد مناظر مؤلمة من مبان مهدمة وأناس مشردة بدا عليها الخوف والتعب والإنهاك.

"وخلال تواجدي في صالة الألعاب مع أكثر من 200 شخص اتصل بي مدير المبنى، قبل حدوث الزلزال الثاني، وأوصاني بعدم العودة إلى المنزل لمدة 72 ساعة".

وأردف: "على بعد ميل ونصف من هنا، انهار مبنى مكون من 13 طابقًا بالكامل. لا أعرف ما إذا كان المبنى الذي كنت أقطن به لا يزال سالما، فقد خشيت صراحة السؤال عنه". 

"مستقبل قاتم"

ولم يكن لدى الأهالي فكرة عما سيفعلونه على المدى الطويل، فقد دمرت العديد من الطرق بالكامل أو جرى إغلاقها بسبب حوادث سيرة كبيرة.

ويضيف المدرس: "أرسل لي صديقي صورًا لشقته في هاتاي والتي تضررت بشدة، وهو يعيش مع عائلته في مأوى ويركزون على البقاء على قيد الحياة في الوقت الحالي وسط تفكيرهم بمستقبل قاتم لا يطاق".

وعن كيفية قضاء الوقت حاليا، يقول: " كنت أتناول كعك الأرز ورقائق البطاطس، وهناك وجبات خفيفة، لكن هذا لا يكفي لثلاثة أيام. معظم المتاجر ومحلات البقالة مغلقة؛ ونأمل أن يعاد فتحها قريبًا حتى نتمكن من الحصول على المزيد من الإمدادات الغذائية".

وزاد: "توجد كمية جيدة من المياه المعبأة للشرب، ولكن لا توجد مياه جارية للغسيل أو المراحيض والاستحمام.. أرتدي نفس الملابس التي كنت أرتديها أمس، وسأرتديها مرة أخرى غدًا".

وزاد: "نحن في حالة طوارئ. وقد طلبت السلطات عدم التنقل على الطرق لإبقائها مفتوحة أمام عمال الطوارئ أو الإغاثة، كما أوصوا الناس بعدم الذهاب إلى أي مبانٍ تعتبر غير آمنة".

ونوه إلى  انقطاع التيار الكهربائي وقرب نفاذ غاز التدفئة مما سوف يزيد الصعوبات في أجواء مناخية باردة.

وختم بالقول: "نحن نعلم أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً للعودة إلى الوضع الطبيعي. أريد أن أكون قويًا بحيث يمكن لطلابي الاعتماد علي، لكني بحاجة إلى أشحذ قواي من جديد.. نريد فقط البقاء على قيد الحياة في الليلة التالية".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".