عمليات البحث الجارية في هاتاي جنوب شرق تركيا
عمليات البحث الجارية في هاتاي جنوب شرق تركيا

أقر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بالـ قصور"، بعد أن تبين أن حكومته قيدت الوصول إلى تويتر، ما صعب من جهود الإنقاذ، وسط انتقادات لاستجابة الدولة للزلزال المدمر، حسبما ذكرت شبكة "سي أن أن

وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن حصيلة قتلى زلزال تركيا ارتفعت إلى 12873 حالة، بعد الزلزال الذي ضرب محافظة غازي عنتاب التركية بالقرب من الحدود السورية، حيث يسابق رجال الإنقاذ عقارب الساعة لسحب الناجين من تحت الأنقاض.

وأعلن إردوغان حالة الطوارئ للأشهر الثلاثة المقبلة في 10 مقاطعات. ونشرت وكالة إدارة الكوارث في البلاد فرق بحث وإنقاذ في المناطق المنكوبة بشدة وأعلن وزير الصحة عن إنشاء مستشفيات ميدانية، وفق الشبكة.

وفي حديثه أثناء زيارته لمناطق عدة منكوبة بالزلزال، الأربعاء، تعهد أردوغان باتخاذ "جميع الخطوات الضرورية" و"توحيد الدولة والأمة".

وفي وقت سابق، أقر إردوغان بأن هناك قلقا عاما بشأن استجابة الحكومة، معترفا بأن الدولة "واجهت بعض المشكلات" في البداية بإدارة المطارات والطرق، لكنه أصر على أن الوضع الآن "تحت السيطرة".

وعارض إردوغان بغضب "بعض الأشخاص المخادعين" بسبب "الافتراء الكاذب" على رد فعل حكومته على الزلزال، حسب وصفه، قائلاً إن اللحظة تحتاج إلى الوحدة وأنه "في مثل هذه الفترة، لا يمكنني التسامح مع الحملات السلبية الشرسة من أجل مصالح سياسية".

وتابع: "لا شك أن عملنا لم يكن سهلا. وزادت صعوبة الأحوال الجوية من جسامة وانتشار الدمار الذي أحدثه هذا الزلزال الذي شعر به سكان منطقة مساحتها 500 كيلومتر ويعيش فيها ما يقرب من 13.5 مليون نسمة. ورغم ذلك حشدنا كل موارد الدولة والأمة ووجهناها إلى المناطق المنكوبة".

وأضاف: "بالطبع هناك أوجه قصور. الظروف واضحة. ليس من الممكن الاستعداد لمثل هذه الكارثة. لن نترك أيا من مواطنينا".

وفي حين تشرف هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تركيا على استخدام الإنترنت في البلاد، لم تعترف بالقيود المبلغ عنها أو تقدم أي سبب للقيود التي شاهدها بعض المستخدمين. 

جهود الإنقاذ

ومن جهتها، أوردت وكالة فرانس برس أن عمال الإنقاذ يعثرون على مزيد من الناجين تحت الأنقاض رغم تضاؤل الأمل، بعد يومين من الزلزال المروع الذي ضرب تركيا وسوريا، وواصل عدد ضحاياه الارتفاع ليتجاوز 15 ألف قتيل.

ويعقّد سوء الأحوال الجوية عمليات الإنقاذ، فيما أن الساعات الـ72 الأولى "حاسمة" للعثور على ناجين، بحسب رئيس الهلال الأحمر التركي كرم كينيك.

وفي محافظة هاتاي التركية (جنوب) التي تضررت بشدة من الزلزال، تم إخراج أطفال وفتية من تحت أنقاض أحد المباني.

وقال أحد عمال الإنقاذ، ألبرين سيتينكايانوس، لوكالة فرانس برس "فجأة سمعنا أصوات وبفضل الحفارة تمكنا على الفور من سماع ثلاثة اشخاص في وقت واحد".

وأضاف: "نتوقع وجود المزيد (..) إن فرص إخراج الناس أحياء من هنا عالية للغاية".

في هذه المحافظة، لحق بمدينة أنطاكية دمار هائل وغرقت في سحابة كثيفة من الغبار بسبب الآليات العاملة في إزالة الأنقاض. 

ويقول السكان "أنطاكية انتهت". وعلى مد النظر، مبان منهارة كليا أو جزئيا. وحتى تلك الصامدة تبدو متصدعة ولا يجرؤ أحد على البقاء فيها، حسب الوكالة الفرنسية.

وتجاوزت حصيلة الضحايا الإجمالية الرسمية في سوريا وتركيا 15 ألف قتيل، ونحو 50 ألف جريح في تركيا وخمسة آلاف في سوريا.

البحث عن ناجين وسط أنقاض مبنى منهار في بلدة حارم بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا

ولم تصل أي مساعدة أو عمال إنقاذ الثلاثاء إلى مدينة كهرمان مرعش، المدمرة والمغطاة بالثلوج ويزيد عدد سكانها عن مليون نسمة.

وتساءل المتساكن علي "أين الدولة؟ أين هي؟ ... مر يومان ولم نر أحدا. تجمد الأطفال حتى الموت"، مؤكدا أنه ينتظر تعزيزات وما زال يأمل في رؤية شقيقه وابن أخيه العالقين تحت أنقاض المبنى الذي يقيمان فيه.

وفي أديامان وهي مدينة أخرى في جنوب تركيا، لا يوجد حتى الآن عناصر إنقاذ أو معدات في بعض المناطق المنكوبة، وفق ما أشار صحافي في وكالة فرانس برس. ويبذل المتطوعون قصارى جهدهم لكن الغضب يتصاعد بين السكان.

وأوقفت الشرطة التركية نحو عشرة أشخاص منذ حدوث الزلزال، الاثنين، بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد طريقة إدارة الحكومة للكارثة.

وبدأت المساعدات الدولية منذ الثلاثاء بالوصول إلى تركيا حيث أعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المحافظات العشر المتضررة من الزلزال.

وعرضت عشرات الدول مساعدتها على أنقرة، من بينها دول من الاتحاد الأوروبي والخليج والولايات المتحدة والصين وأوكرانيا التي أرسلت رغم الغزو الروسي، 87 عامل إنقاذ.

 

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".