Trucks with aid for Syria follow a UN vehicle at the Turkish crossing point of Cilvegozu, in Reyhanli, southeastern Turkey,…
ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في الشمال السوري لأكثر من من 1900 وفاة

لم تحتو قافلة المساعدات الأممية الأولى التي دخلت إلى شمال غرب سوريا، ظهر الخميس على ما طالبت به فرق البحث والإنقاذ على مدى الأيام الماضية من كارثة الزلزال المدمّر، إذ "تحتاج المنطقة لمعدات وآليات بحث ثقيلة تحت الأنقاض"، حسب ما قاله مسؤولان إغاثي وإعلامي لموقع "الحرة".

ودخلت القافلة التي تضم 6 شاحنات من تركيا باتجاه شمال غرب سوريا، عبر معبر "باب الهوى" الشريان الوحيد لمحافظة إدلب، والتي خلّف الزلزال فيها آلاف الضحايا من قتلى ومصابين، بينما انهارت مئات الأبنية على رؤوس ساكنيها، إلى جانب مناطق ريف حلب الشمالي.

وقال مدير المكتب الإعلامي لمعبر "باب الهوى" لموقع "الحرة": "المساعدات تم استئناف دخولها بعد 4 أيام من الكارثة، لكن القافلة الأممية التي أعلن عنها مجدولة روتينيا، وكان من المقرر أن تدخل في اليوم الأول للزلزال".

ويضيف علوش أنها تضم 6 شاحنات فيها "بعض مستلزمات النظافة، وتم تسليمها لإحدى المنظمات الشريكة في المناطق المحررة بشمال غربي سوريا"، مشيرا إلى أنه "من المتوقع أن تدخل مساعدات أكبر في الأيام المقبلة".

وارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في الشمال السوري لأكثر من من 1900 وفاة، وأكثر من 2950 مصاب، والعدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت أنقاض الأبنية والمنازل المدمرة، وفق آخر إحصائيات فريق "الدفاع المدني السوري".

وجاء في بيان له أيضا أن عدد الأبنية المنهارة بشكل كلي ارتفع إلى 418 بناءً، والمنهارة جزئيا لأكثر من 1300، فضلا عن آلاف المباني المتصدعة.

"نحتاج آليات بحث ثقيلة"

ويوضح منير مصطفى نائب مدير "الدفاع المدني السوري" أنهم يواجهون منذ اليوم الأول للكارثة صعوبات في قلة المعدات التقنية للبحث والإنقاذ، والآليات الهندسية التي تساهم في رفع الأنقاض".

ويقول مصطفى لموقع "الحرة": "هناك صعوبات أخرى تواجه المنظمات الإنسانية في تخديم مراكز الإيواء وقلة عدد الكوادر في المشافي وضعف القدرة على الاستجابة وعدم القدرة على الاستجابة الكاملة لكل المصابين".

"لم تدخل أي فرق مؤازرة إلى شمال غرب سوريا حتى الآن"، ويتابع المتحدث: "العمل جاري ومتواصل والأمل كبير في العثور على أحياء تحت الأنقاض".

وقبل وقوع الزلزال كان "باب الهوى" يشهد وبشكل يومي دخول قوافل إنسانية، لمساعدة المحتاجين في شمال غربي البلاد، وكانت تستهدف بالتحديد النازحين المنكوبين المقيمين في مخيمات عشوائية ونظامية.

ورغم أن المنطقة التي أعلنت "منكوبة" ما تزال بحاجة لهذه المساعدات سواء الغذائية والمرتبطة بها، إلا أن دائرتها توسعت، على خلفية الدمار الكبير الذي خلفه الزلزال المدمّر، مسفرا عن آلاف الجرحى والمصابين، الذين باتت المشافي هناك غير قادرة على استيعاب أعدادهم الكبيرة.

ويوضح مدير صحة محافظة إدلب، الطبيب زهير القراط لموقع "الحرة" أن "جميع المشافي في شمال غرب سوريا أوقفت العيادات الخارجية والإجراءات المتعلقة بالحالات الباردة، من أجل الاستجابة للكارثة الحاصلة".

ويقول الطبيب لموقع "الحرة": "لدينا آلاف الوفيات والمصابين. العدد في ازدياد، والمرضى في العنايات المشددة وضعهم خطير".

"لدينا نقص واحتياج كبير، وبحاجة لوقود لتشغيل المشافي والمنافس، والنقص أيضا يشمل اختصاص الجراحة العصبية، والأدوية والمسكنات. العجر بات كبيرا"، حسب الطبيب السوري.

"استجابة مكبّلة"

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الذين تضرروا بالزلزال قد يبلغ 23 مليون شخص، بما في ذلك في سوريا، بينهم نحو خمسة ملايين في وضع هش.

وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر "باب الهوى"، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن حول المساعدات العابرة للحدود.

لكن الطرق المؤدية إلى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما أثر موقتا على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه، في وقت انتقد مسؤولو إغاثة وعمال إنسانيون التأخير بالاستجابة من قبل الأخيرة لمناطق شمال غرب سوريا.

وكان مسؤول في الأمم المتحدة حذر، الأربعاء، من أن مخزون الأمم المتحدة في المنطقة يكفي لإطعام مئة ألف شخص لمدة أسبوع واحد.

ويتخوف عمال إغاثة وناشطون من التداعيات التي قد تنتج عن الكارثة المتواصلة على مناطق شمال غربي سوريا، ولاسيما مع عدم وصول أي مساعدات يطالبون بها حتى الآن، وخاصة تلك المتعلقة بمعدات الحفر والآليات الثقيلة لرفع الأنقاض. 

وفي حين تعمل فرق البحث والإنقاذ في الوقت الحالي على أولى مراحل مواجهة الكارثة، بإخلاء الجرحى وانتشال الضحايا، إلا أن المراحل الأخرى التي من المفترض أن تليها لا توجد أي مؤشرات على إمكانية المضي فيها، في وقت يحذر مسؤولون في منظمات إنسانية من ما هو متوقع، مع تقادم الوقت.

وسبق وأن أوضح سارية عقاد مدير، قسم الشراكات في منظمة "عطاء الإنسانية"، أن الاستجابة الحالية الحاصلة في شمال غربي سوريا تتم "على مراحل"، أولها إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، ومع ذلك "تحتاج هذه الخطوة وقتا طويلا لأسباب كثيرة، بسبب عدم توفر الكميات اللازمة من معدات الحفر وبسبب سوء أحوال الطقس".

ويضيف عقاد لموقع "الحرة": "المرحلة الثانية هي البحث عن مأوى بديل للخارجين من تحن الأنقاض، لكن لدينا مشكلة كبيرة فيها أيضا بسبب ظروف الشتاء وغياب المأوى البديل والفور".

وتتعلق المرحلة الثالثة من الاستجابة بالأبنية المتصدعة والمنهارة بشكل جزئي، إذ يشير المسؤول في المنظمة الإنسانية متسائلا: "هل ما تبقى من أبنية قائمة صالحة للسكن في المستقبل؟ هل يجب إفراغها على الفور؟. الأمر لا يوضح إلا هندسيا، وفي الوقت الحالي لا توجد هذه الرفاهية. ربما سيكون هناك تقييمات فيما بعد".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".