Aftermath of the deadly earthquake in Kirikhan
استمرار عمليات البحث والإنقاذ حت أنقاض زلزال تركيا وسوريا

مع كل بضع ساعات تتزايد أعداد ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا، حتى وصلت آخر حصيلة للضحايا، الخميس، إلى ٢٢ ألف قتيل، ورغم ذلك ما زال شهود عيان يؤكدون استمرار سماعهم لأصوات بكاء وصراخ ضحايا عالقين تحت الأنقاض، لكن إمكانية استمرار عمليات الإنقاذ ومدى نجاحها، دفع وكالة "أسوشيتد برس" للتساؤل عن الوقت الذي يمكن أن يقضيه الضحايا صامدين تحت الأنقاض.

ولا تزال فرق الإنقاذ والبحث من جميع أنحاء العالم، بعدما انضمت إلى أفراد الطوارئ المحليين في تركيا وسوريا، تعمل بلا توقف وسط الأنقاض لانتشال أكبر عدد ممكن من الأشخاص الأحياء من تحت الأنقاض، منذ الاثنين، يوم وقوع الزلزال الذي بلغت قوته ٨.٧ ريختر. 

ونقلت الوكالة في تقريرها عن خبراء قولهم إن المدة قد تصل إلى أسبوع أو أكثر، لكن ذلك يعتمد على درجة إصاباتهم والظروف الجوية ووضعياتهم تحت الأنقاض.

وذكرت "أسوشيتد برس" معظم عمليات الإنقاذ تحدث بشكل عام في أول 24 ساعة بعد وقوع الكارثة. وبعد ذلك، تنخفض فرص النجاة مع مرور كل يوم، كما يقول الخبراء، لأن العديد من الضحايا تكون إصاباتهم شديدة ولا يستطيعون التحرك بسبب سقوط الحجارة أو غيرها من الحطام عليهم.

"الماء، الهواء، والطقس" ثلاث عوامل أساسية لاستمرار فرص نجاة العالقين لكن الحظ أيضا يلعب دورا في مثل هذه الكوارث، بحسب الوكالة. 

لكن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن الطقس الشتوي السيئ ودرجات الحرارة المنخفضة إلى ما تحت الصفر، تصعب بشدة عمليات الإنقاذ وتقلل فرص صمود العالقين تحت الأنقاض في تركيا وسوريا.

ويقول الخبراء إن الحفاظ على الإرادة النفسية والعقلية المركزة على البقاء قد يكون أمرًا حاسمًا للبقاء على قيد الحياة. واتفق الأطباء على أنه "من النادر العثور على ناجين بعد اليوم الخامس، ولذلك فإنه بداية من اليوم السابع ستفكر معظم فرق البحث والإنقاذ في التوقف بحلول ذلك الوقت".

وبشكل عام تشير العديد من التقارير الطبية إلى أن الحظ ومدى التمسك بالثبات الانفعالي والعقلي والتصميم على التمسك بالحياة جميعها أمور تلعب دورا كبيرا في بقاء الأشخاص على قيد الحياة لدرجة حدوث معجزات حقيقية. 

وكمثال حي على حدوث المعجزات، كانت شبكة "سي أن أن" الأميركية، نقلت عن إيفانز مونسينياك، الرجل الذي قيل إنه نجا بعد ما يقرب من 4 أسابيع وهو تحت الأنقاض بعد زلزال هاييتي في يناير 2010، قوله إنه "كان يشرب مياه الصرف الصحي".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".