الزلزال شرط مئات الآلاف في أجواء شديدة البرودة
الزلزال شرط مئات الآلاف في أجواء شديدة البرودة

دمر الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا كل المباني، بما في ذلك المستشفيات.

ومع ذلك، شيد نظام رعاية صحية مؤقت في المناطق المنكوبة وسط الدمار من خلال المستشفيات الميدانية التي يقودها متطوعون من مختلف أنحاء العالم، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وفي حين تم إرسال المصابين بجروح بالغة إلى مستشفيات غير متضررة في المقاطعات الأخرى لتلقي العلاج اللازم، ظهرت المستشفيات الميدانية في قلب منطقة الزلزال لإنقاذ الأشخاص الذين تم إخراجهم من تحت الأنقاض.

كما أن النساء الحوامل احتجن لخوض مخاض مبكر ناجم عن الصدمة بعد إخراجهم من تحت الركام.

وقال خليل كبضاي، 25 عاما، وهو ممرض في قسم الولادة، بمستشفى ميداني في تركيا، "إذا أخبرتكم بما مررت به وما رأيته خلال الأيام الخمسة الماضية، فربما لا تقارن حتى بالأفلام الدرامية إلى هذا الحد".

وتعمل هذه المسشفيات الميدانية على علاج الإصابات الطفيفة والأمراض التي ظهرت في أعقاب الكارثة.

ومع استمرار إخراج الناس من تحت الأنقاض، كان بعض الأشخاص يحتاج علاجا للجفاف والأطراف المجروحة وبترها أحيانا.

وحتى الحيوانات الأليفة التي تم إنقاذها من تحت الأنقاض كانت تتلقى رعاية طبية تطوعية في مستشفى حيوانات مؤقت في أنطاكيا.

ويعيش مئات الآلاف من الأشخاص في خيام مزدحمة دون الوصول إلى دورات المياه أو الاستحمام أو الصابون أو الكثير من الطعام المغذي، وكانت الظروف مهيأة لانتشار الأمراض المعدية.

وكان الناس يحرقون كل ما يمكن أن يجدوه للتدفئة في درجات الحرارة المنخفضة، ويصابون بسعال مستمر من الدخان الناجم عن الحرائق.

وظل العديد من الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى فجأة، الاثنين، طوال الأسبوع الماضي بدون أدوية للأمراض المزمنة مثل الربو والسكري وارتفاع ضغط الدم.

وقال الأطباء في مقاطعة هاتاي إنهم قلقون بشأن الآثار الصحية للنوم لأيام في البرد بعد دمار منازلهم بسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة الاثنين الماضي.

وقال الأطباء إن عدم وجود مراحيض يعني أن الكثير من الناس كانوا يشربون كميات أقل مما ينبغي من المياه والسوائل لتجنب الاضطرار لقضاء حاجتهم في العراء، مما أدى إلى الإصابة بالجفاف.

ومع هدوء الفوضى والصدمات منذ الأيام الأولى بعد الكارثة، غالبا ما يقع على عاتق الأطباء ليس فقط علاج جروح المرضى ولكن محاولة لم شملهم مع أسرهم، حيث إن القليل قادرون على العثور على أحبائهم بمفردهم؛ لأن الكهرباء وخدمة الهاتف المحمول لا تزال غير متوفرة بشكل كامل.

وقال الدكتور فيريت كيليتش، 38 عاما، وهو طبيب في غرفة الطوارئ في مستشفى حكومي في إسطنبول تطوع للمساعدة في المدن المنكوبة، "لقد بدأ عملنا للتو".

وأضاف: "كفرق صحية، نحن هنا منذ خمسة أيام بدون حتى مراحيض أو مرافق استحمام. لكن هذا ليس مهما. كل حياة ننقذها مهمة بالنسبة لنا".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".