صورة لطفل جرى إنقاذه بعد 31 ساعة من وقوع الزلزال في تركيا (وكالة أنباء الأناضول)
صورة لطفل جرى إنقاذه بعد 31 ساعة من وقوع الزلزال في تركيا (وكالة أنباء الأناضول)

في حين باتت فرص العثور على أحياء تحت الأنقاض "ضئيلة" في ولايات وسط وجنوب تركيا، إلا أن قصصا لناجين في اليوم السادس من الزلزال المدمّر لا تزال تبقي على خيطٍ من الأمل الرفيع.

فوفق وسائل إعلام تركية، السبت، تمكنت فرق الإنقاذ في الساعات الماضية من انتشال نساء ورضّع أحياء بفعل "المعجزات".

وبحسب آخر الإحصائيات الواردة من "هيئة الكوارث والطوارئ" التركية (آفاد)، فقد ما مجموعه 20318 شخصا حياتهم في قهرمان مرعش وغازي عنتاب وشانلي أورفا وديار بكر وأضنة وأديامان وعثمانية وهاتاي. 

ولا يزال الرقم المذكور أوليا، في وقت تشير جميع المعطيات إلى أنه بات "من النادر العثور على أحياء تحت الأنقاض"، وخاصة في قهرمان مرعش، ومدينة أنطاكيا في ولاية هاتاي، اللتين نالتا النصيب الأكبر من حجم الدمار. 

"خيط أمل رفيع" 

ومع ذلك، ذكرت وسائل إعلام تركية، السبت، أن فرق البحث والإنقاذ وبمشاركة فرق أجنبية، تمكنت من انتشال أحياء، من بينهم أوزليم يلماز التي عثر عليها على قيد الحياة في منطقة أديامان، بعد 117 ساعة من الزلزال المدمّر. 

وفي التفاصيل قالت وكالة "DHA" إن "فرق البحث والإنقاذ التابعة لبلدية، باغجلار، بإسطنبول وعمال مناجم TTK وصلها مؤشرات على علامات حياة لشخص في مبنى بمنطقة أديامان ليلة الجمعة". 

وبعد وصولها إلى المنطقة نادت فرق الإنقاذ: "هل يوجد أحد؟ إذا كان بإمكانك سماع صوتي اضرب 3 مرات، ليرد الشخص العالق تحت المبنى المكون من 8 طوابق على ذلك"، ويتبين أنها أوزليم. 

وأشارت الوكالة إلى أن فريق البحث والإنقاذ الأميركي (USAID) شارك في عمليات التدخل الطبي لتلك السيدة، بعدما تم انتشالها من تحت الأنقاض.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن رجال الإنقاذ الأذربيجانيين الذين يعملون مع الفرق المحلية واصلوا جهودهم في البحث والإنقاذ في كهرمان مرعش، وأنقذوا سيدة تدعى فاطمة بعد أن بقيت تحت الأنقاض نحو 120 ساعة.

وعلاوة على ذلك، قال بوراك أوزارسلان، أحد المسعفين، إنه لا يستطيع أن ينسى الطفل الذي عُثر عليه تحت الأنقاض بعد 107 ساعات من الكارثة في أنطاكيا، مضيفا: "الطفل كان يرضع إصبعه. في هذه اللحظة تنسى كل تعبك". 

كما ذكرت وكالة "الأناضول" السبت أن فرق البحث التركية تمكنت من إنقاذ طفل يدعى ياغيز مع والدته بعدما كانا عالقين تحت أنقاض مبنى في ولاية هاتاي جنوبي تركيا. 

وفي مدينة غازي عنتاب تمكنت فرق الإنقاذ من إخراج امرأة حامل بعد أن بقيت محاصرة مع ابنتها تحت الأنقاض لنحو أربعة أيام. 

وتمكنت فرق الإنقاذ أيضا، ليلة الجمعة، من إنقاذ طفلة صغيرة تدعى، زينب إيلاك، تبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف بعدما بقيت عالقة تحت الأنقاض في المبنى الذي كانت تقطنه عائلتها في مدينة أنطاكيا. 

وفي وقت متأخر من الليلة الماضية، أنقذ عمال البحث والإنقاذ البريطانيون والألمان فتاة تبلغ من العمر 15 عاما من تحت الأنقاض في قهرمان مرعش.

وجرى الوصول أيضا إلى حليمة كوربوز البالغة من العمر 83 عاما، بعدما كانت تحت الأنقاض في منطقة باتالغازي في ملاطية، لمدة 125 ساعة. 

والسبت، نجحت قوات الإنقاذ في قهرمان مرعش بإنقاذ ثلاث فتيات، آخرهن كانت عائشة، التي حظيت عملية إنقاذها التي دامت أربع ساعات بمتابعة كثيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

"مكاتب تحقيق" 

وتشير بيانات هيئة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) إلى أنه تم إجلاء 92 ألفا و697 من ضحايا الكارثة في الأقاليم المتضررة إلى المحافظات الأخرى. 

ويعمل في المناطق المنكوبة 166 ألفا و95 فردا من فرق البحث والإنقاذ الأتراك، بالإضافة إلى فرق المنظمات غير الحكومية والفرق الدولية، الذين بلغ عددهم 8آلاف و294. 

وجرى شحن 12 ألف و 76 مركبة، معظمها من الحفارات، شاحنات الجر، الرافعات، الجرارات، الشاحنات، شاحنات المياه، المقطورات، الممهدات، شاحنات التفريغ ومعدات البناء المماثلة إلى منطقة الكارثة. 

كما تم تنفيذ 3558 طلعة جوية مع "الجسر الجوي" الذي تم إنشاؤه لإيصال الأفراد والمواد إلى المنطقة بطائرات تابعة للقوات الجوية والقوات البرية وخفر السواحل والقيادة العامة للدرك. 

وتشير وسائل إعلام تركية وبيانات مسؤولين إلى أن الاستجابة الخاصة بكارثة الزلزال باتت تتخذ مراحل أوسع في الوقت الحالي، إذ لم تعد تشمل عمليات البحث والإنقاذ فحسب، بل انسحبت لبناء "مدن الخيام"، وتوزيع المنكوبين المشردين في الشوارع على مراكز الإيواء، التي تركّز قسم كبير منها في مدينة مرسين الساحلية. 

وفي المقابل، بدأت السلطات التركية إجراءات قانونية، حيث أوضحت وكالة "الأناضول"، السبت، أن "وزارة العدل بعثت برسالة إلى النيابة العامة في المحافظات المتضررة من الزلازل في قهرمان مرعش لإنشاء مكاتب التحقيق في جرائم الزلازل". 

وأضافت الوكالة أن "مكاتب التحقيق في جرائم الزلازل ستنفذ دون تردد تدابير حماية ضد إمكانية الهروب وتشويه الأدلة، مع تحديد المسؤولين عن المباني المدمرة". 

ويوم الجمعة، اعتقلت السطات التركية مالك "رينيسانس ريزيدنس"، وهو مجمع سكني دمره الزلزال في مقاطعة هاتاي بجنوب شرق تركيا، في مطار إسطنبول، وذلك في أثناء محاولته مغادرة البلاد. 

وذكرت وكالة الأناضول التركية الرسمية أن، محمد يسار كوسكون، أوقف في مطار صبيحة كوكجن أثناء محاولته السفر إلى الجبل الأسود.

وجاء الاعتقال بناء على أوامر من مكتب المدعي العام في منطقة غازي عثمان باشا باسطنبول. 

وجاء في تقرير الوكالة أن كوسكون كان مسافرا إلى الجبل الأسود ومعه مبلغ صغير من المال صادرته شرطة المطار، في حين لم يتم توجيه الاتهام إليه رسميا بعد. 

ويتكون المجمع السكني المؤلف من 12 طابقا من 250 شقة، ويقع في منطقة أنطاكيا في هاتاي، وقبل حلول الكارثة كان قد جرى الإعلان عنه كمشروع إقامة فاخرة يتوافق مع أنظمة البناء.

لكن المبنى انهار بالكامل بعد أن ضرب زلزال بقوة 7.8 درجة مدينة غازي عنتاب جنوب شرق البلاد صباح الاثنين، وتلاه زلزال بقوة 7.5 درجة في مقاطعة كهرمان مرعش بعد فترة وجيزة. 

وأعلن وزير العدل التركي، الخميس، فتح تحقيق قضائي بشأن المباني المنهارة خلال الزلزال، ومن المقرر أن يسعى التحقيق إلى محاسبة أولئك الذين شيدوا المباني أو تحملوا أي مسؤولية عن انهيارها في المحافظات العشر الأكثر تضررا. 

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".