.المباني المتضررة من الزلزال في تركيا يتعدى عددها ١٢ ألف
This aerial view shows collapsed buildings during the ongoing rescue operation in Kahramanmaras, the epicentre of the first 7.8-magnitude tremor five days ago, in southeastern Turkey, on February 10, 2023. - Rescuers pull children out from the…

"هل يمكن أن تكون الحكومة التركية مسؤولة بشكل ما عن كارثة الزلزال؟ وهل كان من الممكن تفاديه ببعض القرارات الإدارية الصائبة؟ وهل يدفع الآن آلاف الضحايا من الأتراك ثمن سوء التصرف الحكومي؟" تساؤلات طرحتها وكالة "أسوشيتد برس" في تقريرها، الجمعة، الذي يشير إلى أن الإهمال في اتباع إجراءات السلامة في أنظمة وقوانين البناء التركية، والتي كانت معروفة قبل الزلزال، لعب دورا حاسما في تعميق الكارثة.

ونقل التقرير عن الخبراء قولهم إن تركيا تجاهلت على مدار سنوات طويلة فرض قوانين البناء الحديثة واتباع قواعد الأمان، بل وشجعت الاستثمار العقاري وتوسيع أعمال التشييد والبناء في المناطق التي حذر خبراء في الجيولوجيا والهندسة من احتمالية تعرضها للزلازل منذ سنوات عديدة.

هذا الإهمال والتراخي في تطبيق القانون أصبح الآن محل نقاش وتدقيق في أعقاب الزلزال المدمرة الذي وقع، الاثنين، ودمر ما لا يقل عن ١٢ ألف مبنى وراح ضحيته أكثر من 23 ألف شخص في أنحاء تركيا وسوريا.

المباني التي دمرها الزلزال في تركيا تجاوز عددها ١٢ ألف.

ويؤكد خبراء متخصصون في التخطيط والهندسة المعمارية تحدثت معهم "أسوشيتد برس" أن "فداحة هذه الكارثة سببها معايير البناء الرديئة من مواد وأساليب والمخالفة للقواعد الحكومية، وليس الزلزال".

وقال الخبراء للوكالة إنه من الطبيعي حدوث مثل هذه الكارثة على هذا المستوى لأن المناطق التي تضررت من الزلزال كانت تضم مبان قديمة متهالكة بالإضافة إلى المباني الحديثة التي لم تتبع قواعد البناء الصحيحة.

وأضافوا أن هذه المشكلة تم تجاهلها لأن معالجتها سيكون مكلفا اقتصاديا، وسيمثل عبئا على الحكومة التي تعاني من ضعف شعبيتها بالأساس.

وهاجم خبراء سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي اعترف بالفعل بوجود "أوجه قصور" في استجابة البلاد للكارثة، وطالبوا بمحاسبته وجميع المسؤولين الآخرين عن أعمال البناء التي ساعدت في دفع النمو الاقتصادي في تركيا وبالتالي تعزيز مكانة وشعبية حزب العدالة والتنمية.

دمار كبير حل في مناطق تركية كثيرة بسبب الزلزال

وذكرت الوكالة دلائل عدة على الإهمال الحكومي، مثل منح عفو للشركات والأفراد المسؤولين عن انتهاكات معينة لقوانين البناء في البلاد والاكتفاء بالغرامة وذلك قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في تركيا في عام 2018، وأعلنت وقتها أن أكثر من نصف جميع المباني في تركيا، التي تمثل حوالي 13 مليون شقة، لا تمتثل للمعايير بما في ذلك البناء بدون تراخيص وإضافة توسيعات مثل طوابق وشرفات، بالإضافة إلى وجود ما يسمى بالمنازل العشوائية التي يسكنها منخفضو الدخل.

"هذا العفو أضفى الشرعية على المباني غير الآمنة وكان وسيلة لتأمين الأصوات لأردوغان وحزبه"، وفقا لما نقلته الوكالة عن رئيس غرفة المهندسين المعماريين في تركيا، قائلا" "ندفع الثمن الآن بآلاف القتلى ودمار آلاف المباني، فضلا عن الخسائر الاقتصادية".

وتعد المدن الفقيرة هي المتضرر الأكبر، بحسب التقرير الذي أوضح أنه في عام 2021، حذرت غرفة المهندسين الجيولوجيين في تركيا من خلال عدة تقارير من خطورة حالات المباني في المناطق التي حطمها الزلزال هذا الأسبوع، بما في ذلك كهرمان مرعش وهاتاي وعثمانية. 

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن كارثة الزلزال ستتسبب بإضعاف موقف أردوغان وحزبه في الانتخابات برلمانية ورئاسية، في مايو القادم، في وقت يعاني فيه من انحسار شعبيته بسبب التدهور اقتصادي وارتفاع التضخم، خاصة أنه طالما كان يروج لفكرة أنه صاحب طفرة البناء والمعمار في تركيا في السنوات الماضية.

المبان التي تدمرت في ولاية هاواي التركية في توابع الزلزال

مشكلة أخرى يواجهها أردوغان ذكرتها "أسوشيتد برس" في تقرير آخر لها وهي أن سوء الطقس الشتوي والأضرار التي لحقت بالطرق والمطارات تسببت في إعاقة الاستجابة للكارثة. واشتكى البعض في تركيا من أن الحكومة كانت بطيئة في الاستجابة، وهو تصور قد يصعب وضع الرئيس التركي.

ونقلت الوكالة عن عدد المواطنين الأتراك قولهم إنهم يبيتون في الشوارع خوفا من العودة لمنازلهم التي يمكن أن تنهار بسبب توابع الزلزال لكنهم في الوقت نفسه يخشون من الحديث خوفا من انتقام الحكومة منهم.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".