الجيش الأميركي يطلق مهمة إغاثية لمضرري الزلزال في تركيا وسوريا
الجيش الأميركي يطلق مهمة إغاثية لمضرري الزلزال في تركيا وسوريا

بدأ الجيش الأميركي بنشر قواته في تركيا للمساعدة في جهود الإغاثة الإنسانية من الزلزال المدمر الذي أودى بحياة الآلاف، وفق ما أفاد مسؤولون أميركيون صحيفة "واشنطن بوست".

وقال مسؤولون للصحيفة، الجمعة، إن الجيش الأميركي بدأ العمل الإنساني في تركيا مع وجود مقر للبحرية يشرف على المهمة وقائد القوات البحرية على الأرض لتقييم نطاق الدعم المطلوب.

والخميس، وصل قائد قوة المهام البحرية في أوروبا، الجنرال أندرو بريدي، إلى قاعدة إنغرليك الجوية، وهي قاعدة تركية يستخدمها الجيش الأميركي على بعد حوالي 193 كلم غرب مركز الزلزال.

وقال مسؤولون إن أي مساعدة تقدمها القوات الأميركية سيتم تنسيقها من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" وذلك بناء على طلب تركيا.

وقال قائد القيادة الأميركية في أوروبا "يوكوم"، الجنرال كريستوفر كافولي، في بيان إن القوات الأميركية تساعد بالفعل في جهود البحث والإنقاذ وتقدم المساعدة الطبية وغيرها من المساعدات الإنسانية.

ووصف كافولي الزلزال بأنه "كارثة لا يمكن قياسها".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" أعلنت في وقت سابق عن مهمة الجيش الأميركي للاستجابة لهذا الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا، حيث ارتفع عدد القتلى من الزلازل إلى أكثر من 23 ألف شخص.

ودمر الزلزال مبان في جنوب تركيا وشمال سوريا، مما أدى إلى تشريد الآلاف من الأشخاص، في وقت ضاعف طقس الشتاء القارس المعاناة.

والجمعة، حذرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن الزلزال قد يكون شرد 5,3 ملايين شخص في سوريا.

وقال ممثل المفوضية في سوريا، سيفانكا دانابالا، خلال مؤتمر صحفي عقد في جنيف، إن "هذا رقم ضخم لدى شعب يعاني أساسا من نزوح جماعي".

ولم يكن من الواضح كيف يمكن للجيش الأميركي أن يساعد في الجهود الإغاثية أيضا بسوريا، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بمهمة محدودة لمكافحة الإرهاب في الشمال الشرقي من البلاد.

والأربعاء، قال قائد القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" المشرفة على العمليات الأميركية في سوريا، الجنرال مايكل كوريلا، إن مقره شكل فريقا "لزيادة الدعم" للأشخاص المتضررين في كلا البلدين.

وعلى الرغم من أن تركيا وسوريا تشتركان في حدود برية، تشرف القيادة الأميركية الأوروبية "يوكوم" على الجهود الإغاثية في تركيا، بينما تتولى القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" المهام في سوريا.

ويبقى الجنرال كوريلا وفريقه في سوريا على اتصال مع القيادة الأميركية في أوروربا والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وقوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن في حملتها ضد تنظيم داعش، وذلك للتنسيق في عمليات الإغاثة.

ومع ذلك، لم تحدد وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بعد الوحدات العسكرية التي قد يتم استدعاؤها للمساعدة على الأرض، وفقا لـ "واشنطن بوست".

وقال مسؤول عسكري أميركي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات الداخلية إنه "لم يكن هناك طلب كبير للأفراد" حتى الآن.

وقال مسؤولان أميركيان آخران للصحيفة إن وحدة مشاة البحرية التي يتم نشرها غالبا للأزمات الإنسانية، والمعروف باسم "Marine Corps expeditionary unit" أو "MEU" اختصارا، غير متاحة حاليا، لأن كبار القادة في البنتاغون "تركوا فجوة بين تناوبهم المعتاد عبر المنطقة".

وذكر مسؤولون لواشنطن بوست أن تلك الوحدات تنتشر مع نحو 2200 من مشاة البحرية على متن ثلاث سفن عسكرية، لكن لم يكن أي منها موجودا في أوروبا منذ شهور حيث يواجه الجيش الأميركي نقصا في السفن التي تعتبر جاهزة للانطلاق.

كما بدأت طائرات الهليكوبتر التابعة للجيش في رحلات جوية من قاعدة إنغرليك، بما في ذلك إيصال فرق الإغاثة إلى المواقع الأكثر تضررا من الزلازل ونقل المدنيين المصابين إلى الرعاية الطبية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي، دانيال داي، إنه سيتم إرسال طائرات أميركية إضافية موجودة في أوروبا إلى قاعدة إنغرليك التركية لتعزيز قدرتها.

وقال داي إن أفراد القوات الجوية الأميركية المتمركزين في إنغرليك يدعمون القوات العسكرية التركية أثناء تفريغها المواد الغذائية والمساعدات الأخرى التي تتدفق من الحلفاء والشركاء.

كما تحلق طائرات سلاح الجو الأميركي لنقل الإمدادات وعمال الإغاثة من الولايات المتحدة، بما في ذلك فرق البحث والإنقاذ في المناطق الحضرية.

يذكر أن وزارة الخزانة الأميركية أعلنت، الخميس، إصدار "الرخصة العامة 23 الخاصة بسوريا" للمساعدة في جهود إغاثة ملايين السوريين المتضررين من الكارثة.

وذكرت الوزارة أن الخطوة "ستسمح لمدة 180 يوما بجميع الصفقات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال، التي كانت محظورة" بموجب العقوبات المفروضة على سوريا. 

وأشارت وزارة الخزانة الأميركية أيضا إلى أن برامج العقوبات الأميركية "تتضمن أساسا استثناءات متينة للعمليات الإنسانية".

وأضافت: "لا تستهدف برامج العقوبات الأميركية المساعدة الإنسانية المشروعة، بما في ذلك جهود الإغاثة في حالات الكوارث". 

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".