زلزال تركيا- سوريا

 أوقفت ألمانيا والنمسا، السبت، المشاركة في أعمال الإنقاذ والإغاثة بسبب "مخاوف أمنية"، وذلك بعد ستة أيام من الزلزال المدمر الذي أودى بحياة أكثر من 28 ألف شخص في سوريا وتركيا.

وأعلنت الوكالة الفيدرالية الألمانية للإغاثة الفنية، أن عمليات الإنقاذ التي تنفذها مع فريق البحث والإنقاذ الدولي الألماني، وبالتنسيق مع وكالة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، قد توقفت نتيجة تغير الوضع الأمني في منطقة هاتاي.

وأضافت الوكالة، أنه في الساعات القليلة الماضية، "تغيّر الوضع الأمني في منطقة هاتاي على ما يبدو، وردت أنباء متزايدة عن اشتباكات بين مجموعات مختلفة. لذلك ستبقى فرق البحث والإنقاذ، في معسكر القاعدة المشتركة في الوقت الحالي"، مشيرة إلى أن الفريقين سيستأنفان "عملهما بمجرد أن ترى آفاد أن الوضع آمن".

من جانبها، أفادت وحدة الإغاثة في حالات الكوارث التابعة للقوات النمساوية في وقت سابق، أن الجيش النمساوي أوقف عملياته في جهود الإغاثة والإنقاذ بسبب "تزايد الصعوبات الأمنية"، دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.

وأوقف السبت في تركيا ما لا يقل عن 48 شخصا للاشتباه بقيامهم بأعمال نهب في ثماني محافظات تضررت جراء الزلزال، وفق ما نقلت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.

ويتوقع حصول مزيد من الاعتقالات، إذ أعلن نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، السبت، إصدار 113 مذكرة اعتقال.

وفي غضون ذلك، انتهت جهود الإنقاذ في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا، بحسبما أعلنت منظمة الدفاع المدني السوري التطوعية، المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، الجمعة. 

وبعد عمليات البحث التي استمرت لمدة 108 ساعات، قالت المجموعة إنها تعتقد أنه لم يبق على قيد الحياة أي شخص محاصر تحت الأنقاض.

ومن المرجح أن يتأثر ما يصل إلى 5.3 مليون سوري بالزلزال، وفقا للبيانات الأولية الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي تحاول توزيع الإمدادات على الفئات السكانية الأكثر ضعفا.

واجتاحت حرب أهلية سوريا منذ عام 2011، وكان 4 ملايين شخص يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية في المناطق الأكثر تضررا في البلد الذي يعيش وسط انقسامات كبيرة، قبل كارثة يوم الإثنين.

وتعقد الانقسامات السياسية الحاصلة في البلد جهود الإنقاذ، حيث يسيطر النظام السوري الذي يخضع لعقوبات شديدة على مناطق واسعة متضررة من الزلزال، فيما تسيطر قوات المعارضة المدعومة من تركيا والمدعومة من الولايات المتحدة والمتمردين الأكراد والمقاتلين الإسلاميين السنة على مناطق أخرى.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام بعد وقوع الزلزال، لمرور أول قافلة للأمم المتحدة عبر معبر باب الهوى، وهو ممر المساعدات الإنسانية الوحيد بين تركيا وسوريا.

وزار رئيس النظام السوري، بشار الأسد وعقيلته، السبت، فرق الإنقاذ والمدنيين في المناطق المتضررة بينهم ناجون جرحى في أحد مستشفيات مدينة اللاذقية.

وانتقد الأسد، الجمعة، غياب المساعدات الإنسانية من الدول الغربية ، قائلا إنهم "لا يهتمون بالكارثة الإنسانية".

ووافقت حكومة النظام السوري على إرسال مساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لكنها لم تذكر جدولا زمنيا محددا لذلك.

وتخطت حصيلة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، الإثنين الماضي، 25 ألف قتيل فيما أنقذ أشخاص بأعجوبة، السبت، وسط عمليات البحث المتواصلة، واستحدثت مقابر في ظل وضع أمني صعب وطقس شديد البرودة.

مديرة الكوارث والمناخ والأزمات في الاتحاد الدولي للصليب الأحمر، كارولين هولت، أبرزت أن "أعمال الإغاثة قد تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات لتكتمل في تركيا، لكن من 5 إلى 10 سنوات حتى تبدأ في سوريا".

من جانبه، اعتبر بيليت تسمير، مشرف اتصالات الأمم المتحدة في جمعية البحث والإنقاذ التركية، حجم الدمار بعد هذا الزلزال "غير مسبوق".

وقال بيليت لشبكة "سي إن إن"، السبت، إن درجات الحرارة "المتجمدة" و "الإرهاق الشديد" بدأت تؤثر على عمال الإنقاذ مع انخفاض احتمال العثور على ناجين تحت الأنقاض.

ومع ذلك، لا تزال بعض عمليات الإنقاذ المذهلة توفر بصيص أمل، من بينها العثور على سيزاي كاراباس وابنته الصغيرة على قيد الحياة في غازي عنتاب، جنوب تركيا، بعد 132 ساعة من وقوع الزلزال.

كما تم انتشال ناجية تبلغ من العمر 70 عاما، وتدعى مينيكس تاباك، من تحت الأنقاض في مدينة كهرمان ماراس التركية، بعد 121 ساعة من وقوع الزلزال.

في سياق متصل، أوقف ما لا يقل عن 48 شخصا للاشتباه بقيامهم بأعمال نهب في ثماني محافظات تضررت جراء الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا، وفق ما نقلت وكالة أنباء الأناضول الحكومية، السبت.

وذكرت الوكالة أن المشتبه بهم أوقفوا على ذمة التحقيقات في أعمال نهب ارتكبت إثر الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".