استمرار أعمال الإنقاذ في تركيا
استمرار أعمال الإنقاذ في تركيا

ارتفعت، الأحد، حصيلة الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وسوريا، الاثنين الماضي، إلى 33 ألفا و179 قتيلا، بحسب آخر تعداد رسمي نقلته فرانس برس.

وقالت هيئة إدارة الكوارث التركية إن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة خلف 29 ألفا و605 قتلى في جنوب تركيا، فيما أحصت السلطات 3574 قتيلا في سوريا. 

وقالت الأمم المتحدة إن هذه الحصيلة يمكن أن "تتضاعف".

وبينما تواصل فرق البحث والإنقاذ جهودها في المقاطعات الـ10 المنكوبة إثر الزلزال المدمر، شنت السلطات حملات على مقاولين، وذكر موقع التلفزيون الرسمي التركي، الأحد، أنه تم اعتقال 31 من أصل 42 مشتبها صدرت بحقهم أوامر توقيف بشأن مزاعم وجود "عيوب في البناء وقطع أعمدة" تتعلق بالمباني المدمرة في ديار بكر.

بعد الكارثة في هاتاي التركية
التاريخ يعيد نفسه.. لماذا تلاحق السلطات التركية المقاولين؟
لم تنقطع الأخبار المتعلقة باعتقال مقاولين ومتعهدي أبنية ومجمعات سكنية في تركيا خلال الساعات الماضية، وبينما تواصل فرق البحث والإنقاذ جهودها في المقاطعات العشر المنكوبة إثر الزلزال المدمّر، باتت الحملات التي تنفذها السلطات لافتة على نحو كبير.

ومع دخول جهود الإنقاذ يومها السادس، لاتزال طواقم الطوارئ تعثر على ناجين تحت الأنقاض، وفق رويترز.

وأظهر مقطع نشرته بلدية إسطنبول عمال الإنقاذ في هاتاي، يسحبون طفلة في الـ10 من عمرها عبر ثقب في أرضية مبنى متضرر.

وفي مدينة كهرمان مرعش، التي تبعد نحو 180 كيلومترا إلى الشمال من هاتاي، رتل محمد حبيب (27 عاما) آيات من القرآن على مسامع رجال الإنقاذ خلال عملية استغرقت 10 ساعات لانتشاله.

وأظهر مقطع نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي حبيب وهو يضرب بقبضته في الهواء ويصيح فرحا وسط هتافات رجال الإنقاذ عند رفعه أخيرا بواسطة آلات.

في غضون ذلك، تحولت مواقف سيارات وملاعب وصالات رياضية إلى أماكن لوضع الجثث، في جنوب تركيا، حيث توجهت عائلات منكوبة للبحث عن أقاربها المفقودين.

أزمة مساعدات في سوريا

وفي سوريا، قال متحدث باسم الأمم المتحدة، الأحد، إن المساعدات القادمة من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية المتجهة إلى مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد تعثرت بسبب عدم موافقة  "هيئة تحرير الشام".

وقال مصدر في الجماعة التي تصنفها واشنطن "إرهابية" لرويترز إنها "لن تسمح بوصول شحنات من الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا وإن المساعدات ستأتي من تركيا.

وقال المصدر: "لن نسمح للنظام باستغلال الوضع ليثبت أنه يقدم المساعدة".

وأعيدت أيضا قافلة مساعدات من المنطقة الشمالية الشرقية، الخاضعة لسيطرة الأكراد، محملة بالوقود ومساعدات أخرى، الخميس، من الشمال الغربي حيث يسيطر المتمردون المدعومون من تركيا.

وتمثل حالة العداء بين النظام السوري والمعارضة "تحديا إضافيا" لعمال الإغاثة الذين يحاولون الوصول إلى المناطق الشمالية الغربية المتضررة من الزلزال، حيث وقع العدد الأكبر من الضحايا في سوريا.

وتلقت المنطقة القليل من المساعدات، حيث تم إغلاق الخطوط الأمامية مع الحكومة، ولا يربطها سوى معبر حدودي واحد بتركيا في الشمال. 

استئناف تسليم النفط

في غضون ذلك، قالت متحدثة باسم شركة "بي.بي" إن  تحميل نفط أذربيجان في ميناء جيهان التركي استؤنف الأحد.

وتضرر الميناء، الذي يقع على ساحل تركيا المطل على البحر المتوسط، في الزلزال المدمر. والميناء هو نقطة التخزين والتحميل بخط أنابيب باكو-تفليس-جيهان (بي.تي.سي) الذي ينقل النفط من أذربيجان ومن خط أنابيب كركوك بالعراق أيضا.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".