فرق الإنقاذ استطاعت العثور على ناجين وسط الأنقاض في اليوم السادس بعد الزلزال
فرق الإنقاذ استطاعت العثور على ناجين وسط الأنقاض في اليوم السادس بعد الزلزال

ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وسوريا، الأسبوع الماضي، إلى 35 ألف شخص و225 قتيلا، بحسب آخر تعداد رسمي نقلته فرانس برس، الإثنين.

وقالت هيئة إدارة الكوارث التركية (آفاد)، إن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات خلف 31 ألفا و634 قتيلا في جنوب تركيا، فيما تم إحصاء 3581 قتيلا في سوريا.

وانتشل عناصر الإنقاذ المزيد من الناجين من تحت الأنقاض، بعد أسبوع من الزلزال المدمر، بعدما كانت تبدو عمليات الإنقاذ هذه غير ممكنة بعد فترة الـ 72 ساعة الأولى، والتي تعتبر حاسمة بعد الكارثة. 

وليل الأحد الإثنين، أنقذ سبعة أشخاص، وفق الصحافة التركية، من بينهم طفل يبلغ ثلاث سنوات في قهرمان مرعش، وامرأة تبلغ 60 عاما، في بسني في محافظة أديامان. كما تم إنقاذ امرأة أخرى تبلغ 40 عاما بعد 170 ساعة تحت الأنقاض في غازي عنتاب. 

وأنقذ رجال الإغاثة، كلا من مصطفى، البالغ سبع سنوات، ونفيسة يلماز، 62 عاما، في محافظة هاتاي في جنوب شرق تركيا، على ما أفادت وكالة الأناضول في وقت مبكر الإثنين.

 وبقي الاثنان عالقين 163 ساعة تحت الأنقاض قبل أن ينقذا الأحد. 

ونشر أحد أعضاء فريق الإنقاذ البريطاني مقطع فيديو على تويتر الأحد، يظهر فيه أحد المنقذين يمر عبر نفق حفر في أنقاض المدينة، ويسحب رجلا تركيا عالقا تحتها منذ خمسة أيام. 

وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، لوسائل إعلام محلية، إن 34717 شخصا يبحثون حاليا عن ناجين، مضيفا أنه تم إيواء حوالي 1.2 مليون شخص في مساكن طلبة وأجلي 400 ألف من المنطقة. 

جهود إنقاذ محمومة

وأفادت محطة "سي إن إن تورك" بأن رجال الإنقاذ بقهرمان مرعش تواصلوا مع ثلاثة ناجين يعتقد أنهم أم وابنتها ورضيع عمره 30 يوما تحت أنقاض أحد المباني. 

وتعمل مجموعة إنقاذ تتألف من فريق من الجيش التركي وحفارين ورجال إطفاء إسبان، أملا في الوصول للناجين الثلاثة بعدما لفت كلب يشارك في أعمال البحث نظرهم لوجود أحياء بين الأنقاض، وفقا للضابط المهندس خليل كايا.

وأضاف كايا للمحطة أن مسحا حراريا أظهر وجود أشخاص على قيد الحياة على بعد خمسة أمتار داخل المبنى، قبل أن يتم رصد صوت خافت.

وجرى حفر نحو ثلاثة أمتار من مبنى مجاور لا يزال قائما، وقام عمال الحفر بوضع دعائم بينما يواصلون عملهم. وتابع "عندما قلنا اطرقوا على الحائط إذا كنتم قادرين على سماعنا، سمعنا نقرا خافتا".

وأضاف "جميع الزملاء يعملون على مدار الساعة دون نوم... وسنظل هنا حتى نخرج هؤلاء الأشخاص".

وحذرت الأمم المتحدة، الأحد، من أن حصيلة الزلزال الشديد الذي وصلت قوته 7.8 درجة، قد "تتضاعف".

وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، خلال زيارته إلى مناطق ضربها الزلزال، إن "من الصعب تقييم الحصيلة بدقة؛ لأن علينا أن نرى تحت الأنقاض، لكنني واثق بأنها ستتضاعف أو أكثر"، مضيفا: "لم نبدأ فعليا تعداد القتلى بعد".

وتابع المسؤول الأمني مرحلة عمليات الإنقاذ بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا "تقترب من نهايتها"، وأن الحاجة الماسة ستصبح توفير الملاجئ والطعام والتعليم والرعاية النفسية والاجتماعية.

وتتواصل قوافل المساعدات والإمدادات الإنسانية، التي حشدتها مجموعة من دول العالم في الوصول إلى المناطق المتضررة بالزلزال في كل من تركيا وسوريا، لصالح الناجين الذين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة.

في هذا السياق، دعت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، حكومات الدول إلى دعم المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا و سوريا.

وقالت كريستالينا جورجيفا أمام القمة العالمية للحكومات التي انطلقت فعالياتها، الإثنين، في دبي، إنه حان الوقت للوقوف مع الشعب السوري الذي دمره الزلزال، بحسب ما نقله مراسل قناة الحرة.

"مخاوف أمنية"

وفي حي بوسط إحدى أكثر المدن تضررا، وهي أنطاكية في جنوب تركيا، أفرغ أصحاب المتاجر منشآتهم من البضائع لحمايتها من اللصوص. 

وتحدث سكان وعمال إغاثة قادمون من مدن أخرى عن تدهور الأوضاع الأمنية، مع انتشار أنباء على نطاق واسع عن تعرض شركات ومنازل منهارة للسرقة. 

ويتعهد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بأن تتعامل الحكومة بحزم مع اللصوص، في وقت يواجه فيه تساؤلات بشأن التعامل مع كارثة الزلزال قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في يونيو والتي من المتوقع أن تكون الأصعب خلال عقدين قضاهما في السلطة. 

وفي سياق متصل، قالت منظمة إغاثة إسرائيلية، الأحد، إنها علقت عمليات الإنقاذ بعد الزلزال الذي ضرب تركيا، وعاد أفرادها إلى البلاد، بسبب تهديد أمني "كبير" لموظفيها.

ويأتي إعلان المنظمة الإسرائيلية في أعقاب قرار للجيش النمساوي وطواقم إنقاذ ألمان بتعليق العمليات، السبت، بسبب مخاوف أمنية.

وأوردت مجموعة "ISAR" الألمانية "أنباء عن اشتباكات بين مجموعات مختلفة" على طول الحدود السورية وإطلاق أعيرة نارية.

"يشعرون بأنهم متروكون" 

وكان حجم الكارثة أوخم والعاقبة أشد في الشمال الغربي السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، حيث أدى الزلزال إلى تشريد عدد كبير من الأشخاص الذين نزحوا من قبل عدة مرات بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من عقد من الزمن.

وما زال باب الهوى في شمال غرب سوريا، نقطة العبور الوحيدة المتاحة  لدخول المساعدات من تركيا والتي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود. 

ودخلت شاحنات إلى سوريا من معبر باب الهوى، محملة بلوازم للإيواء المؤقت مع خيم بلاستيكية وبطانيات وفُرش وحبال وما إلى ذلك. 

لكن الأمم المتحدة اعترفت بأن هذه المساعدات غير كافية. 

وأشار مارتن غريفيث في تغريدة إلى أن الوكالة الأممية "خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا. هم يشعرون عن حق بأنهم متروكون"، داعيا إلى "تصحيح هذا الإخفاق بأسرع وقت". 

وأعلن مدير منظمة الصحة العالمية، من جهته، الأحد أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أبدى استعدادا للنظر في فتح مزيد من المعابر الحدودية لإيصال المساعدة إلى ضحايا الزلزال في شمال غرب سوريا الواقع تحت سيطرة المعارضة. 

وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لصحفيين إن الأسد "أوضح أنه منفتح على فكرة (فتح) معابر حدودية (استجابة) لهذا الوضع الملح". 

وقال المسؤول في وزارة النقل بالنظام السوري، سليمان خليل، إن 62 طائرة محملة بمساعدات حطّت حتى الآن في البلاد ويتوقع هبوط طائرات أخرى في الساعات والأيام المقبلة، خصوصا من السعودية. 

والأحد، شكر الأسد، خلال استقباله وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في دمشق، دولة الإمارات على المساعدات الإنسانية والإغاثية "الضخمة" التي قدمتها لبلاده منذ الزلزال المدمر.

وعلى الصعيد الدبلوماسي الإنساني، وصل وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، إلى تركيا، الأحد، للتعبير عن دعم أثينا لجارتها إثر الزلزال، وقد دعا مع نظيره التركي إلى تحسين العلاقات بين البلدين. 

وكانت أثينا من أولى الدول التي أعلنت تقديم المساعدة لتركيا المجاورة، وهذه الزيارة هي الأولى لوزير أوروبي إلى تركيا منذ بداية الكارثة.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".