بعد أيام على الزوبعة التي أثارها رسم نشرته عن الزلزال الذي ضرب مناطق وساعة في تركيا وسوريا، ردت مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة على استفسارات موقع "الحرة"، كاشفة عن هدفها من نشر الرسم.
وكان موقع "الحرة" أرسل، في 8 فبراير، رسالة، عبر البريد الإلكتروني للمجلة الفرنسية، للتعليق على الغضب الذي أثاره رسم لمبنى مدمر وسيارة مقلوبة وعليه عبارة: "لا داعي حتى لإرسال دبابات!"، دون الحصول على أي رد، ما دفعنا لنشر تقرير عن الجدل.
واليوم 13 فبراير، ردت المجلة على استفسارتنا، قائلة إن "الرسم الذي نشرناه في 7 فبراير أثار ردود فعل قوية، وسوء فهم. القضية الأساسية في الموضوع، ليس الاستهزاء بمأساة ضحايا الزلزال، ولكن دفع الناس إلى التفكير، من خلال تسليط الضوء على الحدث، وربطه بأحداث جارية أخرى".
وأضافت المجلة أن "الابتسامة ليست ابتسامة سخرية، ولكنها ابتسامة سياسية هدفها التنديد. يستخدم الرسام الفكاهة السوداء، لوضع مسافة مفيدة مع الواقع، وهو ما يصعب تقبله. جاءت هذه الكارثة التي ضربت تركيا وسوريا، لتفاقم المأساة في هذين البلدين، حيث تسبب النزاعات المسلحة معاناة كبيرة للسكان المدنيين".
وتابعت: "الإشارة إلى الدبابات طريقة للربط مع مأساة أخرى، مأساة الحرب في أوكرانيا. وبيت القصيد هنا، أن أصل المآسي لا يقتصر على الأسلحة والحروب، بل هو مزيج من كل هذه الأمور.ليس من الضروري أن يجد الجميع هذه الرسوم مضحكة، ولا أن يلتزموا بالرسالة التي تطرحها، لكنها بعيدة كل البعد عن الاستهزاء بضحايا المآسي. إنه رسم ساخر يحتمل مستويات مختلفة من المعاني، ويفقد معناه العميق إذا توقفنا عند المستوى الظاهر".
وكانت القراءات الخاصة بالرسم، والمعنى الذي تقصده "شارلي إيبدو" قد تباينت، فقد أثارت خطوة الصحيفة الكثير من الغضب والانتقادات في الشارع التركي المفجوع، وكذلك الأمر بالنسبة للأوساط الرسمية، إذ ردّ الناطق باسم الرئاسة التركية على ما نُشر بكلمات عبر حسابه في "تويتر" قائلا: "البرابرة الجدد. اختنقوا في كراهيتكم وأحقادكم".
كما توقع صحفيون وباحثون أتراك أن مقصد المجلة يتعلق بفكرة "لم تبقَ هناك حاجة لإرسال دبابات لقتل الأتراك، فهم قُتلوا خلال الزلزال"، فيما اعتبر آخرون أن القصد يرتبط بـ"تحول تركيا إلى ساحة حرب مثل أوكرانيا، دون أن تضطر فرنسا لإرسال دبابة واحدة".
وذهب قسم ثالث، بخلاف الروايتين، بأن القصد هو "التعبير عن حجم الأضرار التي لحقت بالمدن، وكأنها معرضة لقصف من دبابات"، دون أن ينفوا فكرة أن ما حصل "يتجاوز حدود الإنسانية".
ولطالما أثارت المجلة الجدل على مدى السنوات الماضية وبأوقات متفرقة، بسبب رسوماتها الكاريكاتيرية المثيرة للجدل، خاصة تلك التي استهد ففت بها شخصيات دينية، مثل النبي محمد وقصة ولادة المسيح.
جدير بالذكر، أن الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6 فبراير أسفر عن مقتل أكثر من 35 ألف شخص، بحسب آخر تعداد رسمي نشر اليوم الاثنين.
وقالت هيئة إدارة الكوارث التركية (افاد) إن الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات خلف 31 ألفا و643 قتيلا في جنوب تركيا، فيما أحصت السلطات 3581 قتيلا في سوريا. وقالت الأمم المتحدة إن هذه الحصيلة قد "تتضاعف".