الزلزال قضى على عشرات الآلاف من الناس في سوريا وتركيا
السلطات تمكنت من العثور على الطفلة بعد أيام على اختفائها.. صورة تعبيرية

 أعلنت الهيئة العليا للإغاثة في لبنان العثور على الطفلة اللبنانية، آسيا محمد إبراهيم شومان، حية في تركيا، بعدما كانت قد فقدت على أثر الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي السوري.  

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، أنه وبالتنسيق مع جمعية الصداقة والثقافة التركية اللبنانية "توليب" تم العثور على الطفلة اللبنانية، "وهي موجودة حاليا في أنطاكيا في مركز "آفاد" تحت رعاية الهيئة العليا للإغاثة التي قامت بإنقاذها". 

 

 ولم يتضح ما إذا كانت الطفلة قد انقذت مؤخراً من تحت الأنقاض، أم أنها كانت قد ضاعت من أهلها خلال الزلزال.   

 وانتشرت صور الطفلة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقلها اللبنانيون على نحو واسع، مساهمة في إيصال المعلومة لمن يعرف عنها شيئاً بعدما كان خير قد طلب من أهل الطفلة وأقاربها وكل من يعزف عنها شيئا التواصل مع الهيئة.  

 إلا أنه عاد وأكد في اتصال مع موقع "الحرة" أنه وبعد البحث والمتابعة تم الوصول إلى عائلتها وهم في الطريق لاستلام طفلتهم، مؤكدا أنها الحالة اللبنانية الوحيدة من هذا النوع التي وردت للهيئة حتى الآن، وكانت العثور على الأهل سريعا بعد تعميم الخبر والأسم الكامل.  

وأضاف خير أن مساء اليوم "سيشهد وصول جثمان لأحد الضحايا من تركيا إلى مطار بيروت الدولي"، لافتاً إلى لأن "جميع اللبنانيين المصابين في تركيا تتم معالجتهم ومتابعة أوضاعهم من جانب الهيئة وبالتعاون مع جمعية توليب". 

أما عن الحصيلة الرسمية لعدد الضحايا والمصابين نتيجة الزلزال في تركيا، يؤكد خير عدم وجود حصيلة نهائية حتى الآن، بسبب الفوضى التي تسببت بها الكارثة، "لاسيما وأن عدداً كبيراً من العائلات في لبنان أبلغوا عن فقدان الاتصال بأقارب وأبناء لهم كانوا في تركيا عند وقوع الزلزال، وفي حينها كان هناك مشكلة في التواصل والاتصالات، بعضهم لم يكن مفقوداً وعاد التواصل معه، ومنهم عادوا إلى لبنان دون أي تبليغ بذلك ما ترك التباساً في الأرقام لدينا ولدى السفارة اللبنانية في تركيا، في ظل فقدان عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض". 

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد بصور مفقودين لبنانيين وعناوين سكنهم في تركيا وسوريا، نشرتها صفحات إخبارية ومحلية وحسابات أقاربهم وأهلهم، سعياً للحصول على أي معلومة عنهم، وبهدف لفت الانتباه إليهم كمفقودين، وسط العدد الهائل من الضحايا الذي سقطوا في سوريا وتركيا نتيجة الزلزال.  

ويتابع اللبنانيون أخبار أعمال البحث والإنقاذ الجارية من أجل جلاء مصير أبنائهم المحتجزين إما تحت الركام أو في المناطق المنكوبة، يعجزون عن مغادرتها، فيما فتحت عائلات أخرى بيوتها لتقبل العزاء بمن فقدوه.  

يذكر أن جمعية "توليب" كانت قد شكلت غرفة الطوارئ المركزية منذ اليوم الأول لكارثة الزلزال جمعت فيها ناشطين لبنانيين من عدة محافظات تركية لمتابعة ملف المفقودين اللبنانيين في كارثة الزلزال، حيث قامت بحصر وتنظيم لائحة بأسماء المفقودين والناجين والمتوفين وتعميمها على جميع وسائل الإعلام، والتواصل مع الجهات الرسمية التركية (إدارة الكوارث، المشافي والهلال الأحمر، وهيئات المجتمع المدني التركية) من جهة ومن جهة أخرى مع رئيس الهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، والصليب الأحمر اللبناني للمساعدة في جلاء أوضاع أبناء الجالية في المناطق النكوبة. 

وفي هذا السياق يتابع مدير التواصل لدى الشبكة الدولية للعون والغوث والمساعدة، عماد بزي، الموجود في المنطقة المنكوبة في تركيا، آخر المعطيات والأخبار حول اللبنانيين المتضررين من الزلزال في تركيا، حيث لفت إلى أن الحصيلة الأخيرة التي وردته حول اللبنانيين، تفيد عن إنقاذ 40 لبنانياً منذ وقوع الزلزال حتى اليوم، فيما بلغ عدد الوفيات 14، إضافة إلى 5 آخرين يحملون جنسية مزدوجة (تركية – لبنانية)، ولا يزال 34 لبنانياً في عداد المفقودين تحت الأنقاض.  

ويذكّر بزي بالمفقودين إيلي حداد ومحمد المحمد اللذين لا يزالان تحت أنقاض أحد الفنادق في مدينة انطاكيا، حيث تبذل عائلتاهما جهوداً جبارة من أجل دفع عمال الإنقاذ للبحث عن أبنائهم، بعدما جرى سحب عدد من الناجين والضحايا من تحت أنقاض الفندق، للتوقف أعمال البحث بعد ذلك دون الكشف عن مصير المفقودين.  

 يذكر أن عدداً كبيراً من اللبنانيين كانوا قد انتقلوا للعيش والعمل والدراسة في تركيا خلال السنوات الثلاث الماضية، بسبب الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة التي يشهدها لبنان، وهو ما يفسر وجود أعداد كبيرة من اللبنانيين بين الضحايا والمفقودين، فضلاً عن كون تركيا مقصداً للسياح اللبنانيين والتجار.  

ولم تنشر السفارة اللبنانية في تركيا حتى الآن أي حصيلة رسمية حول عدد اللبنانيين الضحايا، وذلك بانتظار التبلغ الرسمي من السلطات التركية بحالات الوفاة، وإتمام إحصاء نهائي لعدد الناجين والجرحى، لاسيما وإن عدداً كبيراً من اللبنانيين في تركيا غير مسجل لدى السفارة اللبنانية، بحكم أنهم في البلاد بصفة سياحية أو بهدف العمل.  

 ولا يزال البحث عن ضحايا وناجين في المدن التركية المتضررة جراء الزلزال قائماً، حيث تعثر فرق الإنقاذ بشكل يومي على ناجين وجثث ضحايا تحت الأنقاض، فيما تتضاءل فرص العثور على ناجين كلما تقدم الوقت على وقوع الكارثة التي مضى عليها أسبوع، حيث يصعب الصمود تحت الركام طيلة تلك المدة من دون طعام ولا شراب، وفي ظل درجات حرارة متدنية جداً تسجلها المدن التركية المتضررة، وتصل إلى 18 درجة تحت الصفر.  

وفي أحدث حصيلة رسمية غير نهائية، فقد أودى الزلزال بحياة أكثر من 35 ألف شخص بين تركيا وسوريا حتى الآن، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة بأن الأرقام قد "تتضاعف"، حيث أعلنت هيئة إدارة الكوارث التركية (آفاد)، إن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات خلف 31 ألفا و634 قتيلا في جنوب تركيا، فيما تم إحصاء 3581 قتيلا في سوريا. 

 وشهد ليل أمس (الأحد - الاثنين) انتشال سبعة أشخاص أحياء من تحت الأنقاض، وفق ما أعلنت الصحافة التركية، بينهم طفل يبلغ ثلاث سنوات في كهرمان مرعش، وامرأة تبلغ 60 عاما في بسني في محافظة أديامان. كما أنقذت امرأة تبلغ 40 عاما بعد 170 ساعة تحت الأنقاض في غازي عنتاب. 

وتتواصل قوافل المساعدات والإمدادات الإنسانية، التي حشدتها مجموعة من دول العالم في الوصول إلى المناطق المتضررة بالزلزال في كل من تركيا وسوريا، من أجل دعم الناجين الذين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة. 

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".