المدينة تقدم الإغاثة للوافدين الجدد الذين يأتون إليها
المدينة تقدم الإغاثة للوافدين الجدد الذين يأتون إليها

في وقت انقلبت فيه الحياة رأسا على عقب جراء الزلزال في تركيا، ظلت مدينة صغيرة جنوب البلاد واحة من الأمان والحياة الطبيعية وتحولت إلى ملجأ يقصده الناجون من الزلزال.

وتنقل شبكة "أن بي سي نيوز" أن مدينة إرزين لم تشهد وفيات ولم ترَ أي انهيار للمباني في الزلزال القوي، ويعزو سكانها الفضل في ذلك إلى تصميم مبانيها، المعتمد منذ فترة طويلة والذي لا يسمح بالبناء الذي ينتهك قوانين البلاد.

وتنقل الشبكة عن سكان المدينة كيف أن المسؤولين أعلنوا ذات يوم أن هناك مباني تم بناؤها بشكل غير قانوني، ستهدم، ورغم غضب بعض السكان، إلا أن المسؤولين تمسكوا بموقفهم وقالوا إنه عند حدوث زلزال لن تنهار المباني.

وقال تيبيك أوغلو للشبكة إنه غير متأكد من سبب عدم قيام البلديات الأخرى بنفس الشيء، لكنه يشتبه في احتمال وجود صلات بين السياسيين المحليين والمقاولين، وقال إن اللوائح الحكومية الأكثر صرامة كان يمكن أن تحد من مثل هذه المأساة.

ويقول تيبيك إنه لا توجد أيضا مبان شاهقة في أرزين، مما يقلل من المخاطر.

وبحسب التقرير، كان المهندسون في تركيا يثيرون مخاوف بشأن المباني سيئة البناء منذ سنوات، نظرا لتعرض البلاد للزلازل الضخمة.

وتزايدت المخاوف بعد أن نص قانون عام 2018 على العفو عن المباني ذات البناء غير القانوني، مما يسمح باستخدامها طالما دفع أصحابها غرامة للدولة.

وتقع إرزين على بعد حوالي 70 ميلا أو نحو ذلك من مركز الزلزال، وقد غادر البعض إلى أرزين بحثا عن مأوى مع أقاربهم بعد الزلزال. ويعتقد السكان أن الجبال والتلال المحطية بإرزين حمتهم من الكارثة.

وبعد الزلزال، استمرت الحياة إلى حد كبير بالنسبة للسكان، حيث ظلوا يتناولون الطعام في المطاعم والمتاجر مفتوحة، في حين تركز الشرطة في وسط المدينة على توجيه حركة المرور بدلا من عمليات البحث والإنقاذ.

ومع سلامة طرقها وقربها من المناطق الأكثر تضررا، أصبحت أرزين نقطة تجمع للتبرعات، بما فيها الطعام والملابس، وفقا لتبيك أوغلو، الذي يشرف على الجهود في أحد مراكز التبرع. كما تقدم المدينة الإغاثة للوافدين الجدد إليها.

وتستمر حصيلة الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات، في الارتفاع وقد بلغت مساء الثلاثاء 39106 قتلى، هم 35418 في جنوب تركيا و3688 قتيلا في سوريا.

وتقع تركيا عند نقطة تلاقي ثلاث صفائح تكتونية، ما يفسر عدد الزلازل الكبير الذي تتعرض له، "عند تقاطع جزء كبير من التاريخ القديم المشترك للبشرية"، وفق قول أبارنا تاندون، مسؤول برنامج في المركز الدولي لدرس صون وترميم الممتلكات الثقافية.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".