الزلزال في تركيا دمر 41 ألف مبنى سكني
الزلزال في تركيا دمر 41 ألف مبنى سكني

قال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تقرير منشور، الخميس، إن التداعيات الاقتصادية المحتملة للزلزال القوي الذي ضرب تركيا قد تسفر عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة واحد بالمئة هذا العام.

وأضاف البنك أن هذا "تقدير منطقي" بسبب الدفعة المتوقعة من جهود إعادة الإعمار في وقت لاحق من العام والذي سيعوض التأثير السلبي على البنية التحتية وسلاسل الإمداد.

وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بياتا يفورتشيك، لوكالة رويترز، "أثر الزلزال إلى حد كبير على مناطق زراعية ومناطق تضم صناعات تحويلية خفيفة، لذلك فإن تداعياته على القطاعات الأخرى محدودة".

وتعرضت تركيا وسوريا المجاورة لزلزال مدمر في السادس من فبراير أودى بحياة أكثر من 41 ألفا وترك الملايين في حاجة لمساعدات إنسانية إذ ظل الكثير من الناجين مشردين في درجات حرارة تقترب من الصفر.

وجرى تعديل توقعات النمو في تركيا، أكبر متلق للتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بالانخفاض إلى ثلاثة بالمئة من 3.5 بالمئة في 2023 بدون حساب تأثير الزلزال في هذه التقديرات.

وسجلت الليرة التركية انخفاضا قياسيا جديدا، الأربعاء.

"لن يكون كافيا"

يأتي ذلك وسط غضب شعبي متزايد في تركيا جراء استجاب الحكومة للزلزال التي وصفت بـ "البطيئة".

وحولت تركيا تركيزها، الأربعاء، إلى إعادة الإعمار وحثت من يسكنون في مناطق ضربها الزلزال وثبت أن البنايات التي يقطنون فيها آمنة على العودة لمنازلهم.

في سياق متصل، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها أن انهيار العديد من المباني عبر منطقة تبلغ مساحتها 250 ميلا تقريبا بيظهر أن الطفرة التي شهدتها تركيا على مدى عقدين من الزمان والتي يغذيها البناء كانت مبنية على أسس مهتزة.

وكانت السلطات التركية اعتقلت مئات المطورين العقاريين والمهندسين المعماريين والمقاولين في أعقاب الكارثة، حيث يواجهون إجراءات قانونية وسط غضب عام متزايد من انهيار 41 ألف مبنى سكني في تركيا بسبب الزلزال، بحسب الصحيفة.

وينصب الغضب الشعبي حول سلسلة من قرارات العفو التي منحتها الحكومة والتي تسمح للمقاولين بالمضي قدما في البناء الذي لا يتلزم بالقانون أو دفع غرامة حال انتهاك اللوائح.

ولم ترد الحكومة التركية على طلب صحيفة "وول ستريت جورنال" للتعليق. لكن إردوغان صرح في خطاب متلفز، الثلاثاء، أن 98 بالمئة من المباني المدمرة تم بناؤها قبل عام 1999، وهو ادعاء لا يمكن التحقق منه.

يقول الخبراء وعائلات الناجين وحزب المعارضة التركي إن العديد من الشقق التي تم بناؤها خلال فترة ازدهار الإسكان التي استمرت عقدين من الزمن لم تلتزم باللوائح المصممة للصمود أثناء النشاط الزلزالي، على الرغم من سلسلة من الإصلاحات المصممة لتقوية المباني بعد وقوع زلزال عام 1999.

وقال الأستاذ بجامعة قادر هاس في إسطنبول، سولي أوزيل، "لست متأكدا من أن الحكومة تتفهم عمق الغضب".

وأضاف أن "القبض على المقاولين لن يكون كافيا. الحكومة في وضع البقاء وتحاول صرف انتباه الجمهور بعيدا عن هذا".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".