عملية إعادة بناء المراكز التاريخية في تركيا ستكون صعبة
عملية إعادة بناء المراكز التاريخية في تركيا ستكون صعبة

بعد 10 أيام من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، تقدر عمليات إعادة الإعمار في البلاد بعشرات المليارات من الدولارات، حسبما ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز".

بينما لا يزال احتساب الخسائر الكاملة للزلزال مستمر، بدأت السلطات المحلية ومخططو المدن في تقييم ما يُرجح أن يكون أكبر جهد لإعادة الإعمار في تركيا منذ تأسيس الجمهورية عام 1923.

وقال رئيس غرفة المهندسين المعماريين في اتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك، أيوب موهجو، إن نصف المباني البالغ عددها 3.4 مليون مبنى في المنطقة المتضررة جنوب تركيا قد تحتاج إلى الهدم.

وأضاف: "من أجل إعادة بناء هذه المنازل، يتعين بناء البنية التحتية والمرافق العامة حتى نتمكن من التحدث عن التكلفة التقديرية الأولية البالغة 100 مليار دولار لإعادة الإعمار"، مقدرا الكلفة المالية لهذه الجهود.

كما قدر لوتفو سافاش، عمدة مدينة أنطاكيا التاريخية التي ضربها زلزال 6 فبراير، تكلفة إعادة البناء بـ 100 مليار دولار.

ولا تزال التقديرات تختلف اختلافا كبيرا نظرا لمحدودية المعلومات حول حجم الضرر، لكنها ستكون بالتأكيد تكلفة ضخمة.

وقالت أستاذة هندسة الزلازل في" يونيفرسيتي كوليدج لندن"، تيزيانا روسيتو، "إن التكلفة ستكون ضخمة حقا".

وضع أحد المتخصصين في نمذجة الكوارث، والذي طلب عدم ذكر اسمه، تكلفة إعادة الإعمار في نطاق يتراوح بين 10 مليارات و50 مليار دولار، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.

وبحسب "الفيننشال تايمز"، فإن حوالي 13 مليون شخص تضرروا في تركيا، جراء الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد وشمال سوريا وأسفر عن مقتل ما يزيد عن 43 ألف شخص.

وقالت إزجي أورهان، الأستاذة المشاركة بجامعة جانكايا في أنقرة والمتخصصة في إعادة الإعمار بعد الكوارث، إن العقارات السكنية والمدارس والمستشفيات والمباني التجارية والمطارات والمساجد وأماكن العبادة الأخرى ستحتاج جميعها إما إلى الإصلاح أو إعادة البناء.

وأضافت أنه تم أيضا هدم البنية التحتية الحيوية مثل الطرق السريعة والأنابيب تحت الأرض.

وقال بنك الاستثمار "جيه بي مورغان" إن التكلفة المباشرة من الهياكل المدمرة قد تتجاوز 25 مليار دولار أو 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

كما أنه من أصعب جوانب إعادة الإعمار، ستكون عملية إعادة بناء المراكز التاريخية مثل أنطاكيا، عاصمة مقاطعة هاتاي والمدينة التي كانت تُعرف في العصور التوراتية باسم أنطاكية.

وأنطاكيا هي موطن لواحدة من أقدم الكنائس في المسيحية، والتي قال المسؤولون إنها لم تتضرر، لكن كنيسا يهوديا تعرض للضرر ودمر مسجد من القرن الثالث عشر.

وقالت سارة شنايدرمان، الأستاذة بجامعة كولومبيا البريطانية التي درست كيفية تعافي نيبال بعد زلزال 2015، إن البناء من قبل الدولة قد يكون أسرع ولكنه أقل نجاحا في إعادة الناس.

وأضافت: "مع إعادة الإعمار من أعلى إلى أسفل، يتم بناء المساكن، لكنها غالبا لا تكون ما يريده الناس بالضبط ... وينتهي بك الأمر مع الكثير من الدولارات التي أخطأت في إنفاقها".

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".