أكثر من 43 ألف ضحية لزلزال تركيا وسوريا
أكثر من 43 ألف ضحية لزلزال تركيا وسوريا

كان فريق الكرة الطائرة بمدرسة ثانوية في قبرص يقطن بفندق "إيسياس" حيث يشارك في بطولة إقليمية بتركيا عندما وقع الزلزال المدمر.

وهز الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة الأرض في البداية، مما أدى إلى انهيار مقدمة الفندق. وعندما ضرب الزلزال الثاني بقوة 7.5 درجة على مقياس ريختر، انهار المبنى وتحول إلى كومة أنقاض تاركا 25 تلميذة تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما والبالغين العشرة المرافقين لهم في نهاية المطاف بين القتلى.

وبعد ساعات من الكارثة، تحرك الأهالي من مدينة فاماغوستا الساحلية في شمال قبرص للسفر لتركيا لمحاولة إنقاذ أطفالهم، لكنهم مثل كثيرين آخرين الذين تسابقوا لاستعادة أحبائهم، لم يجدوا سوى الألم والموت، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وقال سيدت كيليتش، الذي كانت ابنة أخته هافين كيليتش، البالغة من العمر 12 عاما، تحت الأنقاض، "لا أعتقد أن أيا منا لديه أي أمل، لكننا لم نعترف لبعضنا البعض أنه لا يمكن لأحد أن ينجو".

وسافر سيدت إلى تركيا للمساعدة في العثور على هافين، وهي نجمة في فريق الكرة الطائرة المدرسي.

وبحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى فندق "إيسياس" عقب 19 ساعة من الزلزال، كان الجو ممطرا وشديد السواد وسط درجات حرارة أقل من الصفر.

وقال كيليتش: "عندما رأيت الأنقاض، أدركت الكارثة التي كنا نواجهها".

كما حوصرت تحت الأنقاض نهير جيفيك البالغة من العمر 12 عاما، والتي كانت تقيم مع جدتها وعمتها التي تعيش هناك في تركيا. وقبل يومين من وقوع الزلزال، طلبت من عمتها أن تلتقط لها صورا في الثلج الذي لم تره من قبل.

في الليلة التي سبقت الزلزال، طلب مدرب الفريق أن تأتي نهير للمبيت في الفندق لتكون مع بقية الفريق قبل التمرين صباح اليوم التالي.

وبعد وقوع الزلزال، ركضت زينب أوكسوز، ابنة عم نهير الثانية التي تعيش في أديامان، إلى الموقع بعد انهيار الفندق وناشدت مشغل الحفار الوحيد في المنطقة لبدء الحفر دون جدوى.

في الفجر، بدأت فرق الإنقاذ القبرصية العمل على انتشال الأطفال على أمل أن يكون بعضهم قد لا يزال على قيد الحياة.

وساعد كيليتش في الحفر بين الركام والتعرف على الضحايا. في البداية خرجت جثتا شخصين بالغين مساعد ومدرب. ثم تبع ذلك شقيقان صغيران، دوروك وألب أكين، لكنهم ماتوا أيضا.

وكانت تصل طائرة من قبرص محملة بإمدادات البحث والإنقاذ كل يوم لمدة خمسة أيام بعد الكارثة، لكنها تعود إلى الوطن بأكياس الجثث.

وقال المدعي العام في أديامان، الأربعاء، إن مالك فندق "إيسياس"، أحمد بوزكورت، وثلاثة مديرين آخرين، قد اعتقلوا وخضعوا لتحقيق.

ناشد السكان المحليون الذين لم يتلقوا أي مساعدة من الحكومة التركية المنهكة، فرق الإنقاذ القبرصية لمساعدتهم، قائلين إنهم يستطيعون سماع أصوات أحبائهم وهم ينادون من تحت الأنقاض.

ومع تزايد غضب الناس، جلبت الطائرة من قبرص وحدة للشرطة لحماية عمال الإنقاذ.

بالنسبة لفاماغوستا، التي يبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة، فإن فقدان أكثر من 30 من السكان، من بينهم 24 طفلا، كان أمرا مدمرا.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".