سوريون بانتظار المرور من معبر باب الهوى إلى سوريا
سوريون بانتظار المرور من معبر باب الهوى إلى سوريا

يطرح سوريون ناجون من كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا سؤالا مؤلما ومألفوا لديهم "إلى أين الآن؟"، بعد أن هربوا من الحرب في بلدهم، حيث وجدوا أنفسهم، أمام مأساة أخرى سببها الزلزال المدمر، وفق تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

كارثة الزلزال أطاحت بمجمعات سكنية بأكملها في مدن تركية، حيث قتل أكثر من 43 ألف شخص.

وتستضيف تركيا ما لا يقل عن 4 ملايين لاجئ سوري، هربوا من الحرب والقمع، فيما تنامت المشاعر المعادية لهم في الداخل التركي خلال السنوات الماضية، فيما يستغل سياسيون أتراك "مسألة اللجوء السوري"، ليلقوا عليهم عبء مشاكل اقتصادية تعاني منها تركيا.

وتستضيف المحافظات التركية المتضررة من الزلزال وحدها 1.7 مليون لاجئ، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

كارثة الزلزال تجبر سوريين على العودة إلى سوريا

أبو حسين، للصحيفة، وهو لاجئ سوري من حلب، وهو أب لخمسة أطفال يعيش في كهرمان مرعش منذ 10 سنوات، قال للصحيفة "انتهى بنا المطاف في الشارع"، واستطرد "حتى قبل الزلزال كان السوريون في الشوارع تقريبا".

ويسكن أبو حسين وعائلته حاليا في خيمة يتشاركون بها مع جيرانهم، ورغم أنهم يطلبون الحصول على خيم إضافية إلا أن كوادر الطوارئ تقول لهم إنها غير متوفر، رغم أنه رأي الأتراك يتلقون خيما منهم.

ويقول صهره أحمد للصحيفة " يقولون لنا: أيها السوريون تنحو جانبا"، وسمعت أحد الكوادر يقول "هذه الخيمة بها سوريون أفرغها وضع الأتراك بداخلها".

وتقول مشيرة ابنة أبو حسين، للصحيفة، "لقد اعتدنا على كل شيء: اللجوء، الظلم، الإهانة"، واصفة ما يتعرضون في تركيا الآن حيث يصرخ عليهم الأتراك دائما.

لاجئون سوريون وجدوا أنفسهم يعانون من التمييز في تركيا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وعد بتقديم مساعدة نقدية لمن شردهم الزلزال، بمنحهم 15 ألف ليرة تركية (حوالي 800 دولار) لكل أسرة، ولكن السوريين لا يتوقعون أن تشملهم المنح.

وبعدما هربوا من ويلات الحرب، يجد سوريون أنفسهم أمام خيار العودة، ومنذ الأربعاء تجمع ما لا يقل عن 4 آلاف سوري عند معبر باب الهوى الحدودي في انتظار الدخول لسوريا.

والكثير من ذهبوا لوحدهم إذ يريدون الاطمئنان على أن الظروف مواتية لإعادة عائلاتهم أيضا.

لاجئون سوريون من كارثة الحرب إلى كارثة الزلزال

وسمحت تركيا هذا الأسبوع للسوريين المتمتعين بوضع "الحماية المؤقتة" في واحدة من 11 محافظة تركية متضررة من الزلزال بمغادرة البلاد لمدة أقصاها ستة أشهر، فتدفقت أعداد منهم نحو الحدود، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

ويقول المسؤول في نقطة باب الهوى الحدودية السورية مازن علوش لوكالة فرانس برس، إن جثث 1528 سوريا أعيدت إلى البلاد لدفنها في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

عفراء تبتسم حتى للغرباء
قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر

 الطفلة التي ولدت تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في تركيا وسوريا قبل ستة أشهر تتمتع الآن بصحة جيدة وتحب أسرتها بالتبني والابتسام حتى للغرباء.

قضت الطفلة عفراء، ذات الشعر الداكن، عشر ساعات تحت الأنقاض بعد أن ضرب الزلزال سوريا وتركيا، في 6 فبراير الماضي، وتسبب في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا. وعندما تم العثور عليها، كان حبلها السري لا يزال متصلا بوالدتها.

جذبت قصتها أنظار العالم في ذلك الوقت، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها.

وبعد أن أمضت أياما في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أُخرجت عفراء وتم تسليمها إلى عمتها وزوجها اللذين يقومان بتربيتها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

وقال والدها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، إن عفراء تم تسليمها لأسرة عمتها بعد أيام من إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد من أن الفتاة وعمتها مرتبطتان بيولوجيا.

بدت عفراء، يوم السبت، مستمتعة بينما كانت تتأرجح على أرجوحة حمراء تتدلى من السقف ويدفعها السوادي إلى الأمام والخلف.

وقال السوادي، وهو يجلس القرفصاء وعفراء في حجره: "هذه الطفلة ابنتي... هي بالضبط مثل أطفالي".

وأضاف السوادي أنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، سجل أكثر من 4500 وفاة و10400 إصابة في شمال غربي سوريا بسبب الزلازل. وقدر بأن 43 في المئة من المصابين نساء وفتيات، بينما كان 20 في المئة من المصابين أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاما.

وضرب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الساعات الأولى من 6 فبراير وتلته عدة توابع. وكان شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة من بين المناطق الأكثر تضررا ، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون شخص، معظمهم من النازحين بسبب الصراع الذي قتل أكثر من نصف مليون شخص.

يقول السوادي، عندما تكبر عفراء، سيخبرها بقصة إنقاذها وكيف قُتل والداها وأشقاؤها في الزلزال المدمر. وأضاف أنه إن لم يخبرها، فستخبرها زوجته أو الأبناء.

وبعد يوم من وصول الطفلة إلى المستشفى، أسماها المسؤولون هناك "آية". لكن بعد تكفل أسرة عمتها برعايتها، أطلق عليها اسم "عفراء"، تيمنا بوالدتها الراحلة.

بعد أيام من ولادة عفراء، أنجبت عمتها طفلة أسمتها عطاء. ومنذ ذلك الوقت، كانت ترضِع الطفلتين، حسبما أوضح السوادي.

وتابع "عفراء تشرب الحليب وتنام معظم اليوم".

يشير السوادي إلى أنه تلقى عدة عروض بالعيش في الخارج، لكنه رفض لأنه يريد البقاء في سوريا، حيث عاش والدا عفراء وحيث ماتا.

كان والد عفراء البيولوجي، عبد الله تركي مليحان، في الأصل من قرية خشام في دير الزور شرقي سوريا، لكنه غادر، في عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على القرية، وفق ما قاله صالح البدران، عم والد عفراء.

وأوضح السوادي "نحن سعداء للغاية بها، لأنها تذكرنا بوالديها وأشقائها. إنها تشبه والدها وشقيقتها نوارة كثيرا".