تتوالى النكبات على السوريين، من حرب مستمرة منذ عقد، وزلزال مدمر ضرب شمال وشرق البلاد، وهو ما دفع إلى إرسال كميات كبيرة من المساعدات للمواطنين المتضررين، والتي على ما يبدو أن المطاف انتهى بجزء منها في مستودعات تابعة لفصائل موالية لتركيا، وفق تقارير.
ويؤكد تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفصائل الموالية لتركيا مثل أحرار الشرقية والعمشات وغيرها، استولت على "المساعدات الإغاثية المسروقة من المتضررين في عفرين".
وأكدت الأمم المتحدة، الخميس، عبور حوالي 143 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى شمال غرب سوريا منذ 9 فبراير عبر معبري باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا.
وشملت المساعدات المقدمة من ست وكالات تابعة للأمم المتحدة: خياما ومواد غير غذائية مثل فرش وبطانيات وملابس شتوية وأدوات لفحص الكوليرا، وأدوية أساسية، ومواد غذائية من برنامج الغذاء العالمي، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
كيف يتم الاستيلاء على المساعدات؟
مدير المرصد، رامي عبدالرحمن كشف لموقع "الحرة" أن آلية الاستيلاء على المساعدات من قبل الفصائل المسلحة، تجري من خلال أن "العديد من الجمعيات تقوم باستلام المساعدات من الجهات الدولية بناء على قوائم لعائلات مسجلة لديها".
وأضاف "أنه بعد أن تتسلم الجمعيات هذه المساعدات يقومون بتسليم جزء بسيط منها لبعض العائلات، ولكن غالبيتها يذهب للفصائل بالاتفاق معهم، ناهيك عن استثناء إيصال أي مساعدات للأكراد".
ويسكن في مناطق شمال وغرب سوريا أكثر من أربعة ملايين شخص، قرابة ثلاثة ملايين منهم في إدلب نصفهم تقريبا نازحون، بينما يقيم 1.1 مليون في شمال حلب.
مدير منصة مجهر الإعلامية، عكيد جولي، قال إن هناك "شحنات مساعدات يتم الاستيلاء عليها من قبل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا بمجرد دخولها للبلدات المنكوبة، مثل ما حصل مع المساعدات التي وصلت لبلدة جنديرس التي دمرها الزلزال".
وقال في رد على استفسارات "الحرة" إنه "بعد اليوم الثاني من الزلزال، قام سكان القرى المحيطة بإرسال المساعدات العينية إلى ذويهم داخل جنديرس، وفي طريقها تعرضت الشاحنة لهجوم نفذه مسلحون من فصيل جيش الشرقية".
وأوضح جولي أن الفصائل الموالية لتركيا لا تقوم بالاستيلاء على المساعدات العينية فقط "إذ أنها فرضت تأخذ نسبة على أي حوالة مالية تصل لمكاتب الحوالات حتى وإن كانت مساعدة للسكان المتضررين من الزلزال، ويفرضون على أصحاب المكاتب إبلاغهم على الفور حين يتجاوز المبلغ المرسل 3 آلاف دولار".
ونشر مستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع تظهر عملية تفريغ مساعدات داخل إحدى مستودعات الفصائل المسلحة، ولم يتسن لموقع "الحرة" التأكد منها.
عفرين المحتلة
— akram salih (@akramsalih7) February 8, 2023
المساعدات التي تتوجه نحو جندريسه بعفرين المحتلة، يتم إفراغها داخل مستودعات للفصائل الموالية لتركيا، ولم تصل حتى الآن أية مساعدات لجندريسه المنكوبة.
المساعدات يتم نهبها كلها. pic.twitter.com/kW2E4odhId
ويؤكد تقرير المرصد أن "غالبية أهالي قرى عفرين لم تصلهم المساعدات الإغاثية، عدا قريتي حمام و فقيرا، حيث وزعت مؤسسة البارزاني الخيرية على جميع المحتاجين في القريتين دون تمييز".
تصرف الفصائل الإرهابية ب #عفرين أثناء وصول قافلة المساعدات .
— Salar Ayoub (@salar_ayoub) February 14, 2023
سلاحهم دائما موجه للمدنيين .
فوضى ، سلاح ، سرقة .#عفرين #جنديرس #زلزال_سوريا pic.twitter.com/QiAdnAiclF
المحلل السياسي الكردي، إبراهيم كابان، قال لموقع "الحرة" إن "المعلومات من البلدات الأكثر تضررا بالزلزال تؤكد أن الفصائل المسلحة الموالية لتركيا تعمل على الاستيلاء وتقاسم المساعدات فيما بينها، ناهيك عن سطوها على حتى المساعدات المالية التي تصل للأهالي".
المطلوب من المجتمع الدولي
ودعا عبدالرحمن مؤسسات المجتمع الدولي إلى توصيل المساعدات بشكل مباشر للمتضررين وعدم الاعتماد على جمعيات غير موثوقة والتي تقوم باستغلال "الأزمة بشكل بشع".
من جانبه يرى جولي أن "المجتمع الدولي أخفق في إيصال المساعدات للمتضررين في المدن المدمرة"، داعيا إلى إيجاد "إيجاد آلية مناسبة بشكل سريع من شأنها تخفيف الأعباء على هؤلاء الناس، وأن يتم إرفاق مراقبين أممين مع تلك قوافل المساعدات للإشراف على عملية توزيعها وصولها إلى المتضررين".
ويتفق المحلل كابان مع هذا الرأي، بضرورة تدخل "مؤسسات المجتمع الدولي بشكل مباشر لإيصال المساعدات للمتضررين".
وبعد مرور 12 يوما على الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من عشرات الآلاف في تركيا وسوريا، ما زال الوضع الإنساني معقد في شمال غرب سوريا حيث تسيطر المعارضة على منماق واسعة، وهو ما يسبب بطء وصول المساعدات إلى هذه المنطقة التي أنهكتها سنوات من الحرب.
وقبل الزلزال، كانت تقريبا كل المساعدات الإنسانية الضرورية لأكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون في هذا الجزء من البلاد، تمر عبر معبر واحد هو "باب الهوى"، وتوقفت العمليات عبره مؤقتا بسبب الأضرار الناتجة عن الزلزال.
ووافقت دمشق مؤخرا على فتح معبرين حدوديين آخرين لتدخل الأمم المتحدة المزيد من المساعدات من بينها معبر باب السلامة.
ويربط معبر باب السلامة تركيا بشمال محافظة حلب، حيث يقطن 1.1 مليون شخص في مناطق تحت سيطرة فصائل سورية موالية لأنقرة. وهو معبر تجاري وعسكري تستخدمه تركيا والفصائل الموالية لها.
وتعد المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في شمال حلب ومحافظة إدلب، حيث يقيم قرابة ثلاثة ملايين شخص تحت سيطرة هيئة تحرير الشام "النصرة سابقاً" وفصائل أخرى أقل نفوذا، من أكثر المناطق تضررا بالزلزال المدمر.